مواضيع النقاش والحوار لا تتجاوز الأحداث في عالمنا العربي، من مأساة لم يسجل لها التاريخ مثيلاً، وخاصة ما يحدث الآن في سورية والعراق واليمن وليبيا ومصر، وربما مناطق أخرى قادمة، فالوطن غدا أوطاناً والشعب شعوباً وفئاتٍ وأحزاباً، ولم يعد أحد ينصت لأحد، والسلاح بكل أنواعه هو الوحيد الذي يتكلم.

Ad

على مساحة الوطن العربي تنتشر القنوات الفضائية، وبرامجها السياسية الحوارية، منها الغث ومنها السمين، وتستضيف تلك البرامج عدداً كبيراً من الخبراء السياسيين والاقتصاديين والعسكريين والإعلاميين و... و... إلى آخر المصطلحات التي لا يعلم أحد من أين أتت أو مَن الذي أعطى أصحابها تلك الألقاب.

وبالطبع لا تتجاوز مواضيع النقاش والحوار الأحداث في عالمنا العربي، من مأساة لم يسجل لها التاريخ مثيلاً، وخاصة ما يحدث الآن في سورية والعراق واليمن وليبيا ومصر، وربما مناطق أخرى قادمة، فالوطن غدا أوطاناً والشعب شعوباً وفئاتٍ وأحزاباً، ولم يعد أحد ينصت لأحد، والسلاح بكل أنواعه هو الوحيد الذي يتكلم.

ويبدأ الحوار والنقاش بين ضيوف تلك البرامج، ليبدأ الخبراء بصب جام غضبهم على أميركا لتخاذلها في سرعة التدخل لإسقاط النظام السوري أو وقف الزحف الحوثي في اليمن، وعدم تدخلها لمنع تمدد "داعش" في العراق أو حتى على التدخل لحسم النزاع في ليبيا، ويصل النقاش إلى ذروته وتزداد حرارة الأجواء، ليذيع بعض الضيوف سراً خطيراً، فأميركا (حسب معلوماته) تتحرك في المنطقة بناءً على مصالحها، بينما يذيع ضيف آخر سراً آخر، فالتحرك الأميركي يسعى في الأساس إلى حماية إسرائيل، والحفاظ على أمنها! فشكراً لهولاء الخبراء على هذه المعلومات القيمة والخطيرة.

ثم على فرض أن أميركا قامت بالتدخل العسكري لإسقاط النظام السوري، فعندئذ ستفتح أجهزة الإعلام أبواقها، وأولها هؤلاء الخبراء، بالتحذير من عودة الحملات الصليبية والاستعمار الغربي وتدمير الوطن العربي، علماً بأن الوطن لم يتبقَّ منه شيء للتدمير، فقد قام أبناؤه بتدميره بأيديهم، ويستمر النقاش في تلك البرامج ويتطاير الزبد وتضيع الأوطان وتُزهَق الأرواح وتُشرَّد النساء والأطفال والشيوخ، وهكذا يمضي عالمنا العربي، سفن تمخر عباب بحار عاتية الأمواج بلا هدف أو ميناء، وفي اعتقادي أننا مازلنا على أطراف الساحل، ولم نصل إلى الأعماق بعد.

 ثم نأتي إلى التساؤل المهم: فإذا ما استبعدنا الناحية الإنسانية، فهل ما يحدث الآن في المنطقة من قتال وتدمير، يصب في مصلحة أميركا والدول الغربية وبعض الدول الأخرى مثل اليابان والصين والهند وغيرها من الدول المستهلكة للنفط، فسعر برميل البترول هوى من 107 دولارات إلى ما يقارب 71 دولاراً، بمعنى أن ميزانيات تلك الدول ستحقق فائضاً بمقدار يتراوح من 20 إلى 30 دولاراً، ليؤدي ذلك بالضرورة إلى نمو اقتصاداتها، ما ينعكس إيجاباً على رفاهية شعوبها، خاصة إذا استمرت الأوضاع المأساوية في منطقتنا إلى خمس سنوات أو أكثر.

كما أن الحرب على الإرهاب أتاحت الفرصة لعدد من الدول لإصدار قوانين ولوائح تنظم الإقامة والهجرة، وحتى سحب الجنسية، أضف إلى ذلك زيادة مبيعات الأسلحة وإجراء التجارب على الجديد منها، ونحن هنا لا نتهم أميركا أو الدول الغربية بصب الزيت على نار الفتن، ولكنها بالتأكيد لا تصب الماء بالشكل الكافي لإطفائها.

إذن عدد كبير من دول العالم تستفيد من هذه الأوضاع المأساوية والخاسر الأكبر هو الإسلام والشعوب العربية، نضرع إلى المولى القدير أن يحفظ الكويت وقيادتها وأهلها من كل سوء ومكروه.

ذئاب...

سيارات مفخخة في بغداد، نحر وإعدامات في سورية، قتال شرس في اليمن، براميل متفجرة في أحياء دمشق، ودماء تسيل في شوارع ليبيا وعلى تراب سيناء الباسلة، دماء ثم دماء، فهل غدونا ذئاباً تستهويها رائحة الدماء؟!