قرار غير متوقع لقادة تحالف عاصفة الحزم بانتهاء العملية، فكما هبت "العاصفة" فجأة، سكنت فجأة، على الرغم من أن الأجواء الملبّدة أعطت صورة بأنها ستستمر إلى فترة ليست بالقصيرة، فقبل ساعات من توقّفها صدر قرار ملكيّ بمشاركة قوات الحرس الوطني فيها، لكن العاصفة توقفت قبل أن تتحرك القوات، ولم تُعرف الأسباب.
في المقابل أعلن عن بداية عملية "إعادة الأمل"، كي تحلّ محل "عاصفة الحزم"، بناء على طلب الرئيس اليمني عبدربه منصور هادي، وذلك بعدما حققت جميع أهدافها، بتنفيذها 2415 طلعة جوية، وفق ما أعلنه العميد الركن أحمد عسيري، ورغم شرحه للأهداف المنشودة وكيف تمّ تحقيقها، فإن الحوثيين ومؤيديهم يخفّفون من الإنجازات التي حققتها دول التحالف العربي، بل ويعتبرون أنه لا شيء تغيّر على أرض الواقع.اللافت للنظر كذلك، وقبل ساعات من إعلان السعودية توقف العاصفة، توقّع مساعد وزير الخارجية الإيراني حسين أمير عبداللهيان وقف العملية، وهو ما يطرح علامات استفهام منها: هل طهران هي التي لعبت دور الوسيط لوقف العاصفة، وهل كانت هناك اتصالات إيرانية - عربية لتفادي تأزم الوضع؟ وإلى أي مدى استطاعت مصر وباكستان أن تقرّب بين وجهات النظر؟العملية العسكرية باليمن (عاصفة الحزم) بقيادة السعودية، انطلقت فجأة ومن دون مقدمات، وانتهت كذلك، وهو ما يطرح تساؤلاً جوهرياً: هل حققت أهدافها لكي تنتهي الآن؟ الواقع الميداني والعسكري والسياسي وحالة أطراف الصراع تؤكد أنها حققت بعض مكاسب، لكنها أيضاً نتجت عنها تساؤلات عما إذا كانت العملية العسكرية لم تصل بعد للحد الأدنى المرجو منها، والذي قامت من أجله، بل عادت بجميع الأطراف مجدداً للمربع صفر.فمازالت جماعة الحوثي "المسلحة" والقوات الموالية للرئيس المخلوع علي عبدالله صالح، اللتان قامت العملية ضدهما، تمتلكان كثيراً من قدراتهما العسكرية، ومازالتا طرفاً أساسياً في اللعبة السياسية وعملية التفاوض، في ظل غياب حتى ضمانات تلزمهما بما قد تسفر عنه إن استؤنفت، ولم تعترفا بعد بشرعية الرئيس اليمني هادي، ومازال الحوثيون يحظون بدعم إيراني واسع لم ينقطع، بل تزايد واتسعت دائرته لتشمل حكومة العراق وحزب الله، بينما تعاني السعودية تهديدًا إيرانيًا متزايدًا واستعراضًا إيرانيًا للقوة، وخسائر اقتصادية بتحمّل التكلفة الأكبر لفاتورة العملية، وسط معاناة إنسانية لليمنيين، وخسائر بشرية ومادية لم تُحصَ بعد.أظن أنه حتى لو أن المستوى السياسي بدا أنه يعود للمربع صفر، ويعزز ذلك مؤشرات عدة تكشف أن "العاصفة" لم تحقق هدفها السياسي، التي انطلقت من أجله، وهو إجبار الحوثيين على الاعتراف بشرعية الرئيس هادي، ولم تضمن حتى الآن عملية انتقال سياسي آمن، ولم تخرج الحوثي وصالح من المعادلة السياسية، حيث مازال الرئيس اليمني السابق علي عبدالله صالح وجماعة الحوثي، يفرضان شروطهما كأطراف بالحوار، ما يعيدنا إلى المربع صفر، على الرغم من ذلك، فإن أحد أهم المهام الحاضرة الآن هو استكمال العمل على دفع الأطراف السياسية إلى الجلوس إلى مائدة التفاوض، وهذا لن يتأتى إلا من خلال الاستمرار بشكل أو بآخر في العمليات العسكرية تحت أي مظلة، واستغلال كل السبل لاستمرار الضغوط السياسية والاقتصادية لدفع الأطراف المختلفة إلى طاولة المفاوضات.ومع الإعلان عن عملية "إعادة الأمل"، والشروع بخطوات التهيئة لاستئناف العملية السياسية، وفقًا للمبادرة الخليجية وآليتها التنفيذية ومخرجات مؤتمر الحوار الوطني الشامل، بدأت بورصة الترشيحات للشخصيات التي سيعهد إليها قيادة المرحلة المقبلة، ومنها خالد بحاح، أي أن "هادي" لن يستمر على الأرجح، وهذا ما كان يستهدفه الحوثيون.
أخر كلام
اليمن الذي كان سعيداً
25-04-2015