عندما أقوم بفتح حساب مصرفي أقوم بسداد الرسوم ذاتها، سواء كان المبلغ المودع 100 دولار أو 10000 دولار، وهذا منطقي نظراً لأن البنك لا يتكلف كثيراً إذا كان المبلغ 100 دولار أو أكثر من ذلك.

Ad

ولكني إذا استثمرت 10 ملايين دولار في صندوق استثمار مشترك فسوف أدفع عشرة أضعاف الرسوم التي كنت سأدفعها لو أنني قمت باستثمار مليون دولار فقط، حيث يذهب قسم من تلك الرسوم إلى النفقات الادارية والتسويقية للصندوق، ولكن قسماً منها يطلق عليه رسوم الإدارة أو الرسوم الاستثمارية الاستشارية، ويشكل ذلك نسبة مئوية مقتطعة يحققها الصندوق من أصل استثماراتي في كل سنة.

ويصل هذا الرسم بشكل نموذجي إلى ما بين حوالي 0.5 في المئة الى 1 في المئة، ويقوم المستشار المالي أيضاً باقتطاع نسبة مئوية على شكل رسوم تعتمد على الأصول التي يشرف عليها.

وعندما يقوم مديرو الأموال بفرض رسوم مئوية فإن ذلك يعني أن السعر الذي تدفعه لقاء إدارة أموالك سوف يرتفع عندما تكون لديك كمية أكبر من الأموال لإدارتها، فما سبب حدوث هذا؟ وهل تتماشى تكلفة إدارة الأموال مع كمية الأصول الخاضعة لعملية الادارة؟

وبالنسبة إلى صناديق التحوط التي تنشط بشدة في صناديق الاستثمار المشترك قد يكون هذا هو الحال إزاء الأسهم الخاصة ورأسمال المشاريع. والعديد من استراتيجيات صناديق التحوط تظهر أداء دراماتيكياً متفوقاً في مراكز صغيرة، ولكن عندما تصبح تلك المراكز كبيرة فإن تكلفة الصفقات والعمليات تتفوق على أداء السوق المتفوق والذي يعرف باسم "ألفا"، وبالمثل قد يكون من الصعب بالنسبة الى شركات الأسهم الخاصة ورسملة المشاريع الوصول الى أكثر من مجرد عدد معين من الصفقات المجزية، وبالنسبة الى مديرين من هذا النوع قد يكون من المنطقي تحصيل رسم على أساس نسبة مئوية.

ولكن معظم صناديق الاستثمار المشترك اضافة الى مديري الأصول والمستشارين الماليين لا يستخدمون مثل هذه الاستراتيجية، كما أنهم يستثمرون أموالك في فئات أصول واسعة وفي العديد من الأسهم والسندات المختلفة والمتنوعة، وبالنسبة الى مديري الأموال من المستوى المتدني الذين تتمثل خدماتهم بشكل رئيسي في ادارة المخاطر والتنويع فإن التكلفة لن ترتفع بالتأكيد 10 أمثال عندما تصبح كمية الأصول الخاضعة للادارة أكبر 10 مرات.

والسؤال هو ما سبب فرض رسوم بنسبة مئوية؟ أنا لدي نظرية وأظنها على شكل تمييز في السعر.

وفي ما يلي الاقتصاديات الأساسية، فلدى كل عميل حد أقصى على استعداد لدفعه في مقابل حصوله على بضاعة أو خدمة، ويطلق على هذا تعبير "الرغبة في الدفع"، وعلى سبيل المثال إذا كان سعر غسالة ملابس هو 500 دولار وكانت لديك الرغبة في دفع ما يصل الى 1000 دولار فسوف تحصل على فرصة جيدة، أما إذا كانت رغبتك في الدفع لا تتجاوز 510 دولارات فلن تحقق الكثير في تلك الحال.

ويحب التاجر والبائع معرفة رغبة كل شخص في الدفع، وإذا توصلا إلى تلك الغاية فسوف يعمدان ببساطة الى تكبيد العميل الحد الأعلى من السعر الذي يمكن أن يدفعه، وفي حقيقة الأمر فإن البعض من التجار – مثل باعة السيارات ووكلاء العقارات – يحاولون التحدث الى العملاء بغية معرفة حدود رغبتهم في الدفع بحيث يفرضون سعراً أعلى على العملاء. وتحاول مواقع الشبكة العنكبوتية للتجارة الالكترونية القيام بهذا العمل عن طريق مراجعة المعلومات الالكترونية المتعلقة بالعميل.

وبالنسبة الى العديد من التجار فإن هذه الطريقة ليست ممكنة، ويعتبر البديل الوحيد لتحقيق التمييز في السعر في فرض أسعار مختلفة على مجموعات مختلفة وفقاً لتقديرك لمدى ثراء تلك المجموعات، وهذا هو السبب الذي يجعل دور السينما تقدم خصومات الى كبار السن والطلاب الذين يكونون في العادة فئة أفقر، ويطلق على هذه الحال تمييز السعر من الدرجة الثالثة.

تعتبر إدارة الأموال مهنة خاصة جداً، ويعرف مدير الأصول بشكل نموذجي حجم ثروة زبائنه لأنه يقوم بإدارة أموالهم، وقد يحصل المستشار المالي على فكرة أفضل عن صافي ثروة عميله وبقدر يفوق صندوق الاستثمار المشترك الذي يحصل على جزء فقط من أصول المستثمر، ولكن مدير الأموال يتوصل الى فكرة عامة على أي حال.

وهكذا بالنسبة الى مديري الأموال تعتبر عملية تمييز السعر من الدرجة الثالثة سهلة، ويكفي فرض رسوم بنسبة مئوية، والشخص الذي يملك كمية أكبر من المال سوف يدفع بصورة آلية المزيد من الرسوم.

وسوف تظن طبعاً أن الأشخاص الأكثر ثراء، وهم المستثمرون الأكبر، سوف يدركون هذا الأمر ويطالبون برسوم مستقرة من جانب مديري الأموال، أو بمزيج من الرسوم المستقرة ونسبة مئوية أدنى، غير أن السؤال هنا هو لماذا لم يحدث هذا؟ ربما لأن النسب المئوية المعنية تكون في العادة صغيرة، وهذا يعني سهولة التكيف معها، وخاصة إذا كانت عوائد سوق الأسهم تتراوح بين 8 و10 في المئة سنوياً، أو إذا كانت معدلات الفائدة 5 في المئة فقط.

ولكن معدلات الفائدة تقارب الصفر الآن، ويبدو أنها سوف تستمر عند هذا المعدل لفترة من الوقت، وهو ما يزيد من صعوبة تجاهل المستثمر للرسم البالغ 1 في المئة.

وقد بدأ المستثمرون في المطالبة برسوم مئوية أدنى من مديري أموالهم ومستشاريهم، وإذا استمرت هذه العملية لفترة أطول قد يبدأ الناس في التساؤل حول سبب دفعهم نسبة مئوية في المقام الأول، بدلاً من دفع رسوم مستقرة، وقد تكون تلك صفقة جيدة بالنسبة الى العديد من المستثمرين، وخاصة الكبار منهم الذين سوف يحصلون على خصومات أعلى بكثير، ولكن ذلك سوف يضغط على الكثير من العاملين في صناعة إدارة الأموال.

* Noah Smith