بديع أبو شقرا: الحب ثورة المجتمع الوحيدة

نشر في 15-04-2015 | 00:01
آخر تحديث 15-04-2015 | 00:01
No Image Caption
يستقرّ الممثل اللبناني بديع أبو شقرا راهناً في لبنان بعد النجاح الكبير الذي حققته مسرحية {فينوس} (إخراج جاك مارون، كتابة الأميركي دايفيد إيف، التي حوّلها إلى اللهجة اللبنانية المخرجان غبريال يمين ولينا خوري) وتمديد فترة العرض، وبعدما أطلّ ضيفاً في الفيلم اللبناني «يلا عقبالكن» (كتابة نيبال عرقجي وإنتاجه، إخراج إيلي خليفة).

هو الغائب محلياً وعربياً بسبب إقامته في كندا وعمله المسرحي هناك، إلا أنه يطلّ من حين إلى آخر في بيروت لتقديم عمل فنّي جديد يليق بمسيرته وخبرته الطويلة.

عن نجاح المسرحية والحبّ والمرأة تحدث إلى «الجريدة».

هل توقعت النجاح الذي حققته مسرحية «فينوس» وتمديد فترة العرض بعدما تعرّضت صورة الإعلان لانتقادات لاذعة قبل إنطلاقها؟

نحن فريق عمل محترف تحضّرنا للمسرحية جيّداً  وسخّرنا طاقتنا وخبرتنا الفنية في سبيلها، لذا كنت متأكداً من نجاحها فنياً. عملت وفق قناعتي الفنية مثلما فعل المنتج والمخرج جاك مارون وزميلتي ريتا حايك، وفريق العمل غبريال يمين ولينا خوري. إنما  رغم ثقتي بنجاحها الفنّي، لم أتوقّع هذا الانتشار الذي أدّى إلى تمديد فترة العرض حتى أبواب الصيف.

هل يشكل هذا النجاح رداً فعلياً على المنتقدين؟

طبعاً، فمن انتقد موضوع المسرحية واصفاً إيّاه بـ{الجرأة»، كان يُفترض به الانتباه إلى هوية  فريق العمل وهوية الكاتب والمستشارين الفنيّين الذين أبدوا رأيهم فيها، لأن هؤلاء ليسوا دخلاء على المهنة أو ساعين إلى الشهرة والانتشار، بل يحققون صناعة فنيّة. لذا كان الأجدى بالصحافة المنتقدة أن تقدّر استحالة أن يقدّم هؤلاء عملا مبتذلا كونهم أمناء على فنّهم.

ما سبب هذه الانتقادات برأيك؟

الكلام الصادر في المجلات والصحف وعبر المواقع الإلكترونية ليس سوى وسيلة ابتغى مطلقوها الانتشار، فكانت العناوين سخيفة ومضحكة، سقطت عند انطلاق المسرحية. أظنّ بأن كثيرين ممن انتقدوا أعادوا حساباتهم وندموا على حكمهم المتسرّع عندما شاهدوا العمل.

لماذا يُسلّط الضوء دائماً على ما يعتبر محرّمات في المجتمع؟

لأنها تجذب الناس أكثر من غيرها، إذ ترتكز على الغريزة خصوصاً لدى المجتمعات التي تعاني كبتاً في الحريات، المرفوض أساساً.  الإعلان هو واجهة المسرحيّة الذي يحكي عنها ويمثّلها لا أكثر ولا أقل.

هل شعرت بأنك تقف أمام ممثلة مبتدئة مقارنة مع خبرتك في التمثيل؟

أبداً، لا أجيال في الفنّ، صحيح أن الخبرة تختلف على المستوى التقني الذي يكتسبه الممثل تدريجاً وبسهولة، إنما لا عمر محدداً بالنسبة إلى وجهة نظر الممثل وطريقة تفكيره وأسلوب أدائه. عندما وقفت مع ريتا حايك على الخشبة، تعاملت معها كأننا متساويان في الشهرة وسنيّ الخبرة والعمل. وقد استرجعت من خلالها أموراً فقدتها بفعل الوقت أو نسيتها لذا كانت التجربة معها عملية تجديد لي.

بدا الرجل خاضعاً لمشيئة المرأة، هل يتقبل المجتمع الذكوري العربي هذا الطرح؟

لا أرى الرجل فيها خاضعاً للمرأة إنما للحب، فعندما نحبّ الآخر نخضع له ليس بالمعنى الاستعبادي المتعارف عليه بل بمعنى أننا نبكي ونتعذّب ونفرح من أجل الحبّ، أليس البكاء على الأطلال خضوعاً للحبّ ونوعاً من المازوشية في التاريخ؟

هل نجد الحبّ راهناً في مجتمعنا؟

طبعاً، فهو الثورة الوحيدة في المجتمع التي يمكن أن تحافظ على الإنسانية قدر الإمكان بوجه التكنولوجيا ورأس المال والجشع والفساد.

الإنسان أولاً

أين لامست المسرحية الواقع ومتى إنفصلت عنه؟

تحاكي المسرحية الواقع الإنساني في أي زمان ومكان، فالشعور هو هو في أي بلد كان، والأمور الأخرى مكتسبة وعناوين أُطلقت علينا لم نخترها نحن. لذا المسرحية إنسانية بامتياز.

هل تؤيّد مفهوم الرجولة المتعارف عليه في المجتمع العربي؟

لطالما رددت أن لديّ مفهوماً مختلفاً للرجولة، لكنني أصبحت مقتنعاً بألا مفهوم لها كونها كلمة غير موجودة أساساً، لأن الرجل لا يختلف عن المرأة سوى في الجسد.

هل هذا التوصيف ينطبق فعلا على واقع المرأة العربية؟

جميعنا نفكّر بهذه الطريقة إلا أنّ خوفنا من القيود والمجتمع ومن سيطرة الأمور يدفعنا إلى وضع أقنعة كسلاح نحارب من خلاله لإثبات وجودنا. برأيي كل إنسان، سواء كان إمرأة أو رجلا، هو ملك في الأمور التي يتقن القيام بها.

هل واجهت تحدياً في الوقوف على خشبة المسرح في لبنان مجدداً خصوصاً أنك ملتزم مع المسرح الكندي منذ سنين؟

لم أخشَ العودة إلى خشبة المسرح في لبنان بل تقديم هذا النوع من الأعمال، لأن تجربتي في المسرح المرتكز إلى النصّ ليست متقدّمة. لذا احتجت إلى من يوّجهني حتى أمسك طرف الخيط خصوصاً أننا لا نستظهر النص على الخشبة بل نمثّل بواقعية وكأننا لا نمثّل.

نشاطك المسرحي دائم في كندا، فلمَ هذا التعلّق بلبنان وبيروت تحديداً؟

لا يمكنني الانقطاع عن لبنان لأنني أستعيد قوّتي من خلاله، كما لم أستطع قطع الوصل مع بيروت والتحوّل إلى مهاجر، حينها سأصبح بشعاً شكلا ومضموناً. رغم أنني أشعر بالإنتماء إلى كندا التي أحترمها وأقدّرها على صعد المجتمع والمؤسسة والأمة إلا أنني أحمل شوقاً كبيراً  إلى أرض لبنان وناسها والمشكلات اليومية فيها.

الحركة المسرحية في لبنان مقتصرة على بعض الأفراد لماذا؟

لأن المسرح والسينما يقومان على المجهود الفردي ولم يصلا بعد إلى مرحلة الصناعة التي لا يمكن أن تتحقق إلا من خلال مشروع استراتيجي في مؤسسات الدولة، وهذا أمر ينطبق على البلدان كافة. ففي كندا ترتكز المسارح الغنائية على الجولات الخارجية وهي الوحيدة غير المعتمدة على دعم الدولة، بينما لا تسير المسارح والأفلام غير الهوليوودية من دون إستراتيجية الدولة التي تدعم هذا النوع الفنّي، خصوصاً أنه يبني حضارة بلد ويؤسس تاريخه.

ما يعني أنه يفترض بالأعمال الفنيّة أن تكون وليدة بيئتها؟

طبعاً ويتحقق ذلك من دون قصد وبطريقة لاشعورية حين نكتب.

هل المسلسلات العربية المختلطة وليدة بيئتها؟

كلا، تشبه جانباً من بيئتنا مجمّلاً بهدف لفت النظر وهي ليست بيئة حقيقية. من الصعب أن يعكس التلفزيون بيئة معيّنة، لأنه مختلف عن طبيعة المسرح والسينما، كونه يدخل كل بيت من دون استئذان فيخضع حُكماً لمحظورات كثيرة، منها ما يفرضها المموّل بهدف التسويق، لذا لا يمكن أن يصنع التلفزيون حضارة بلد أسوة بالمسرح والسينما. وانطلاقاً من ذلك تدعم المؤسسات المانحة في الدول الموسيقى والمسرح وغيرها من الفنون من دون التلفزيون.

ألا ترى جانباً مشرقاً لهذه الأعمال؟

طبعاً، تفيد هذه المسلسلات العربية المختلطة الفنّ عموماً، وتحرّك عجلة الإنتاج وتساهم في تراكم الخبرات، إنما تصبح خطرة متى تحوّلت إلى موضة، وباتت كتابتها وفق الطلب أي نكتب لمجموعة من الممثلين في مصر وسوريا ولبنان بشكل مرّكب لإرضاء الناس، بينما يجب كتابة ما نريد لجذب الناس إلينا.

ما الذي سيبقى في أرشيف البلدان إذا كانت الإنتاجات الضخمة مرتكزة على خليط عربي؟

لم يشكّل أي مسلسل تلفزيوني أرشيفاً لتاريخ بلد إلا في حالات نادرة على غرار بعض الكلاسيكيات أسوة بـ «أبو ملحم» و{الدنيي هيك».

لماذا تغيب عن الدراما المحلية؟

لا دور يستفزّني وأنتظر أن يكون المردود المادي جيّداً.

ما العمل الذي يدفعك إلى ترك كندا والعودة إلى لبنان؟

مسرحية «فينوس» مثلا استفزتني فجئت من أجلها إلى لبنان، وكذلك فيلم Breakfast in Beirut أو ترويقة في بيروت الذي سيشارك في مهرجانات دولية، وهو فيلم درامي وثائقي تجريبي للمخرجة الكويتية فرح الهاشم، يتحدث عن سبب عشقنا لبيروت، رغم كل الأمور السيئة فيها والتي تدفع أي إنسان  إلى الهرب نحو الخارج.

في أي إطار تضع الدراما المحلية؟

تطوّرت إخراجياً بفضل الخبرة والتقنيات المتطوّرة وعلى صعيد الكتابة أيضاً لكنها ابتعدت عن بيئتها، مثلما حصل مع المسلسلات السورية التي كانت، قبل إندلاع الأحداث وفي بداياتها، تحاكي الحقيقة  سواء كانت إيجابية أو سلبية مثل «باب الحارة» الذي يحاكى الواقع بطريقة سيئة، فيما أصبحت المسلسلات الراهنة من لون واحد كنتيجة طبيعية للأحداث.

لماذا لا تشارك في مسلسلات سورية ومصرية؟

لست على تواصل مع أي من القيميّن عليها بسبب استقراري الدائم في كندا منذ العام 2001.

شاركت ضيفاً في فيلم «يلا عقبالكن» وقبله «رصاصة طايشة»، كيف تقيّم  الحركة السينمائية في لبنان؟

تقوم على مجهود فردي بغضّ النظر ما إذا كانت تجارب جيّدة أم سيئة. تفرض هذه التجارب الفردية تنازلات معيّنة لذا يحاول القيمون عليها، قدر الإمكان، تقديم أعمال جيّدة، مع أنهم يشكّلون ثروة في البلد يجب أن تُستغل من خلال دعمها عبر مؤسسات الدولة.

ما المحرّك الأساس لكتابتك الشعر؟

المرأة واكتشافها هما المحرّك الوحيد للشعر في داخلي.

أي دور للشاعر في عملك المسرحي؟

استخدم إحساسي في التحضير للمسرحية، لأنني لا أتذكّر ما كنت أشعر فيه لحظة وقوفي على الخشبة وأدائي الدور. يتذكر الإنسان الموقف الذي تعرّض له لا الإحساس الذي اختلجه في تلك اللحظة.

وكتبت موضوعاً دقيقاً وجريئاً لم يلفت نظر المنتجين، إمّا لأنهم لا يريدون التحدث عنه راهناً، وإمّا  لأنهم لم يحبّوه. فضلا عن أن محرّكي الأساس في أي عمل هو الإحساس ولم أشعر حتى اللحظة بضرورة استكمال هذه التجربة، خصوصاً أنني منهمك بمشاريع فنية أخرى.

هل من مشاريع مرتقبة؟

لا مشاريع على الصعيد الدرامي، ثمة  حديث حول فيلم سينمائي لم تتبلور تفاصيله بعد. فضلا عن استكمال مشروعي مع المسرح الشبابي الكندي، إذ نعمل على تقنية مسرحية جديدة تعتمد لغة الجسد وارتباطها بالتكنولوجيا الحديثة..

back to top