إلغاء صريح!
ثار تساؤل حول أي من القانونين واجب التطبيق، هل هو القانون رقم 9 /2001 بشأن إساءة استعمال أجهزة الاتصالات الهاتفية وأجهزة التنصت، أم القانون الجديد رقم 37 لسنة 2014 بإنشاء تنظيم الاتصالات وتقنية المعلومات؟!بلا شك أن القانون الواجب التطبيق هو القانون اللاحق، الذي يحمل في طياته نص المادة 90 التي تنص على أن «يلغى كل حكم يتعارض مع أحكام هذا القانون»، لذا نشأ تعارض بينه وبين القانون السابق، وعلى وجه الخصوص نص المادة 70 من القانون رقم 37/ 2014 فقرات أ، ب، ج، د، إذ نصت الفقرة «أ» على أنه (كل من أساء عمداً استعمال وسائل الاتصالات الهاتفية يعاقب بالحبس مدة لا تزيد على سنة، وبغرامة لا تزيد على «ألفي دينار» كويتي، ولا تقل عن مائتي دينار أو بإحدى هاتين العقوبتين)، بيد أن المادة 1 من القانون رقم 9/ 2001 نصت على عقوبة ذات الجريمة – إلى جانب ذات مدة الحبس – الغرامة التي لا تجاوز ألف دينار، ولم تضع حدا أدنى لها، ولوجوب تطبيق القانون الجديد وليس السابق أسباب عدة، ومنها:
أن القانون الحالي شدد العقوبة، كذلك الأحكام التي ستستند على قانون 9/ 2001 ستكون باطلة، لأن إلغاء النص يترتب عليه عدم وجوده أصلاً! بمعنى إذا صدر تشريع ينظم من جديد موضوعاً كان ينظمه تشريع سابق، ألغى ما أورده هذا التشريع من أحكام، كما تحقق في نص المادة 2 من القانون المدني فقرة 1 «لا يلغى تشريع إلا بتشريع لاحق ينص صراحةً على إلغائه، أو يتضمن حكماً يتعارض معه». ومفهوم إلغاء النصوص القانونية ينقسم إلى قسمين؛ الإلغاء الصريح، ويكون في حال ورود نص في القانون اللاحق (الجديد) يقضي صراحةً بإلغاء قانون سابق، أما الإلغاء الضمني فقد لا يصرح المشرع بإلغاء القانون السابق، ورغم ذلك يستنتج الإلغاء من محتوى القانون الجديد، إذا كان هناك تعارض أو تناقض بينه وبين القانون السابق (القديم).ومن صور إلغاء تشريع منصوص صراحةً على إلغائه هو قانون الشركات الجديد في المادة 4 من قانون 25 /2012 (يُلغى قانون الشركات التجارية المُشار إليه، كما يُلغى كل نص يتعارض مع أحكام هذا القانون)، كما هي الحال في قانون إنشاء تنظيم الاتصالات.لما كان ذلك، وبالبناء عليه، كان لزاماً على الزملاء المحامين أن يقوموا برفع الشكاوى وفقاً للقانون الجديد، وكذلك على الإدارة العامة للتحقيقات أن تُكيّف الشكاوى المرفوعة إليها وفقاً للقانون الجديد، لوجوب تطبيقه، بيد أنه مع الأسف مازالت الإدارة العامة للتحقيقات، حتى الآن، تُكيّف جرائم الهاتف في ظل القانون القديم.