سمير حبشي: استمتعت بإخراج «أبرياء ولكن»

نشر في 12-03-2015 | 00:02
آخر تحديث 12-03-2015 | 00:02
من أجواء الطبيعة والتعلّق بالأرض التي نراها في أعماله، انتقل المخرج سمير حبشي إلى أجواء أغاتا كريستي الغامضة والمشوّقة في قصة «أبناء وقتلة»، ضمن سلسلة تلفزيونية جديدة بعنوان «أبرياء ولكن» على شاشة الـ «أم تي في» اللبنانية.
صحيح أن مناخ المسلسل مختلف عن اهتمامات حبشي، إلا أنه نجح في تقديمه بتقنيات سينمائية متطوّرة تصبّ في مصلحة العمل.
عن هذه التجربة الجديدة، تحدث سمير حبشي إلى «الجريدة».
من جوّ الطبيعة والأرض والقضايا الاجتماعية والوطنية انتقلت إلى مسلسل تشويقي غامض، ما سبب هذا التغيير؟

صحيح أنني من المؤمنين بنظرية أن الدراما والسينما، إمّا أن يكونا ابني البيئة أو لا يكونان، وانطلاقاً من ذلك، عندما يُعرض عليّ مسلسل ما،  أسأل نفسي دائماً ما إذا كان ينتمي ثقافياً إلى وطننا ويعالج قضية اجتماعية تهمني شخصياً، وعلى هذا الأساس إما أقبل أو أرفض. غير أن «أبرياء ولكن» مختلف عن الأعمال السابقة، كونه عملا كلاسيكياً عالمياً لأغاتا كريستي، لذا ترددت بداية، إلا أنني رغبت في تجربة إدارة هذا النوع من الشخصيات الغامضة والمعقّدة والتي يمكن أن نجدها في أي بلد من العالم.

هل وجدت صعوبة في اقتحام أجواء مختلفة عما اعتدت عليه سابقاً؟

لكل مسلسل أسلوبه وشكله وجوّه الخاص، «أبرياء ولكن» مختلف عن المسلسلات التي قدمتها سابقاً، سواء على مستوى الإضاءة أو المناخ العام أو الأداء التمثيلي للشخصيات. قدمنا عملا يتماهى مع أجواء أغاتا كريستي، وبأسلوب فيلم يمتدّ على عشرين ساعة، وليس شبيهاً بالمسلسلات المتعارف عليها. لذا استمتعت بالتعاون مع الممثلين وفريق العمل التقني الذي اهتمّ بالإضاءة والديكور.

أين تركزّت أولويتك، على أداء الشخصيات أو إضفاء مناخ مثير للغموض؟

مناخ العمل، طبعاً، الذي يحتاج صورة وشخصيات وإضاءة، وهو الأهم والهدف الأساس، كونه يضفي  مصداقية على الأحداث.

هل تتدخل مباشرة في ابتكار مناخ المسلسل؟

طبعاً، المخرج مسؤول عن متابعة الأمور كافة التي يتوّلى تنفيذها إختصاصيون.

ما ميزة هذا النوع من المسلسلات؟

أنه تشويقي، شخصياته معقدّة وقصته صعبة بالنسبة إلى الجمهور العادي الذي لا ينتبه إلى تفاصيل تلفت أصحاب الاختصاص في هذا المجال.

ألا تجد أن التشويق يثير اهتمام الجمهور أكثر من الرومنسية؟

ربما، إنما لو كنت أتابعه كمشاهد عادي لوجدته صعباً، لأن القصة معقّدة وغامضة ولا ترتكز على قصة حب بسيطة.

ألا يلائم هذا العمل السينما أكثر خصوصاً أنه نُفّذ بتقنيات عالية؟

طبعاً يمكن تنفيذه كفيلم سينمائي، مثلما يُفترض تصوير أي مسلسل درامي بتقنيات مماثلة، أسوة بما يحصل في أوروبا وأميركا. فما هو معهود عندنا في لبنان ليس القاعدة الصحيحة، لأن المسلسل مادة تلفزيونية تقدّم إلى الجمهور، لذا يجب احترامه كما تحترم السينما مشاهديها. إنما هذه الإمكانات غير متوافرة دائماً في لبنان، فيسيطر الاستسهال  في تنفيذ المسلسلات ويتشابه مناخها، فلا نرى فارقاً بينها. يفرض تطوّر الدراما   تنفيذها بمستوى تنفيذ الفيلم السينمائي، لأن جمهور التلفزيون مهم أيضاً ولا يقلّ شأناً عن جمهور السينما.

معروف أنك لا تتساهل في اختيار الممثلين ولا تتنازل، فهل أنت راضٍ عن فريق العمل؟

أدى الممثلون دوراً مهماً في هذا العمل، فلولاهم لما نجح خصوصاً أنه صعب جداً ويعتمد أساساً على الأداء لا القصة. أحياناً يتعلق المشاهدون بالقصة فيتابعون المسلسل بغض النظر عن مستوى الأداء، إنما في هذا العمل يركزّ المشاهدون اهتمامهم على الأداء والديكور والإضاءة والمناخ العام إضافة إلى القصة التشويقية.

طالما أنك تتولى إدارة ممثليك، هل احتجت إلى مجهود إضافي بسبب تركيبة الشخصيات المعقدّة؟

في كل عمل أضع مجهوداً معيّناً في إدارة الممثلين. أمّا بالنسبة إلى «أبرياء ولكن»، فيتمتع الممثلون بطاقة كبيرة ما سهّل الأمر، لذا لم أحتج إلى مجهود كبير.

لديك فضل في إطلاق ممثلين أصبحوا نجوماً، وفق أي معيار تضع ثقتك بهم؟

لدى أداء «الكاستينغ» يمكن ملاحظة ما إذا كان الشخص موهوباً ويتمتع بطاقة معينة، لذا ليس الأمر صدفة عندما أدعم بعضهم وأراهن عليه.

هل ستتولى إخراج السلسلة كلها؟

نفذّت «أبرياء ولكن» ولا أدري ما إذا كانت ثمة سلسلات أخرى أم لا.

أين يتماهى هذا المسلسل مع الواقع وأين يختلف معه؟

يلتقي هذا المسلسل مع الواقع على صعيد شخصياته التي يمكن أن تتوافر في أي مكان، إنما تبقى القصة المعالجة بعيدة من أرضنا وواقعنا.

هل يعني ذلك أنك فصلت هذا المسلسل عن الواقع الاجتماعي اللبناني؟

فصلته عن الواقع الاجتماعي اللبناني الصرف.

ما الذي يُبعدك عن إخراج مسلسلات عربية مشتركة؟

لم تسنح الفرصة لغاية الآن، ولم يُعرض عليّ مسلسل عربي بعد، فأنا  لا أعرض نفسي على أحد ولا أطرق الأبواب، بل من يريد التعاون معي يأتي اليّ، فإما يعجبني السيناريو فأقبل أو أرفض...

هل لمست تحسناً على صعيد الإنتاج اللبناني بفعل  هذا التعاون العربي؟

ربمّا مشاركة ممثلين لبنانيين في أعمال عربية وتحقيق الانتشار في الخارج، يمهدّان أمام تسويق مسلسلات لبنانية في العالم العربي، فسيرين عبد النور، مثلا، حققت نجاحاً من خلال هذه الأعمال، وأصبحت من النجوم الأوائل عربياً وهذا مفيد لها ولنا. إنما الأعمال العربية المشتركة كما تُنفّذ راهناً لا تقنعني فنياً لكنها ناجحة تجارياً.

ما سرّ استمرارية نجاح أعمالك حتى لو عرضت مرّات عدّة، مثل «لونا»، «باب ادريس»، «سارة»؟

أوظّف طاقتي في أي عمل أتولى إخراجه، فإذا قدّر الناس ما أقدّم فهذا أمر جميل جداً، إنما لا يمكنني القول سوى إنني أعمل من كل قلبي. أحياناً نوّفق خصوصاً إذا كانت القصة جميلة والممثلون جيدون، وأحياناً أخرى نخفق. في الأحوال كافة أقوم بواجبي على أكمل وجه، ولا أتهاون بنوعية الممثلين المشاركين وطريقة أدائهم، أمارس مهنتي مثلما علّمتني  الحياة، كذلك أكتسب معرفة جديدة في كل مسلسل جديد، أوظفها في أعمال لاحقة بهدف التطوير والتحسين.

ماذا عن مسلسل «أحمد وكريستينا» (كتابة كلوديا مرشليان، إخراج مروى غروب)؟

قصته لبنانية وجميلة جداً، نبدأ التصوير  قريباً بعد الانتهاء من اختيار الممثلين.

لماذا تؤجل فيلم «العقرب»؟

الإنتاج السينمائي صعب في لبنان، منذ 4 سنوات يتحضر المنتج  ويؤكد أننا سننفذّه ولا يزال يؤجل فيما تأتي مسلسلات أخرى لتأخذ من دربه.

ألا ترى تحسنّاً على صعيد الواقع السينمائي اللبناني؟

لم يتسنَ لي متابعة الأعمال المعروضة، إنما  ثمة حركة سينمائية جيّدة وجمهور ناشط يتابعها.

لكنها أفلام تجارية فهل تؤسس لصناعة سينمائية؟

قلة هم السينمائيون المؤلفون مثلي، ولكن رغم أن الأفلام التي تقدّم تجارية، إلا أنها تؤسس لصناعة مستقبلية وتجعل الجمهور اللبناني يعتاد مشاهدة الفيلم اللبناني، فضلا عن أن غالبية الأفلام الأميركية تجارية وهذا ليس عيباً.

كيف تفسّر الإقبال الجماهيري على الأعمال اللبنانية؟

ينحو الإقبال الجماهيري دائماً باتجاه الأعمال المحلية. فلو كانت هذه الأفلام غير محليّة لما حققت هذه النسبة من المشاهدين. يتابع  الجمهور قصة وشخصيات تشبهه  وتنتمي إلى بيئته  وتتحدث لغته. إنما تكمن المشكلة في أن هذا العدد الجماهيري لا يردّ كلفة الفيلم، أسوة بمصر وأميركا، لذا تبقى شركات الانتاج السينمائية نادرة في لبنان.

اذا عُرضت عليك قصة أخرى من أجواء أغاتا كريستي، فهل تكرر التجربة؟

ممكن، لأنني أحببت هذه التجربة لذا لا مشكلة طالما أن الظرف والتوقيت مناسبان وكنت متفرّغاً من أي عمل آخر.

back to top