«حنين إلى الماضي عبر الصورة»... لغة بصرية جديدة للذاكرة الفردية والجماعية

نشر في 11-09-2014 | 00:01
آخر تحديث 11-09-2014 | 00:01
{حنين إلى الماضي عبر الصورة}، عنوان المعرض الذي تنظمه غاليري جانين ربيز في بيروت (10 سبتمبر- 17 أكتوبر)، يتضمن صوراً فوتوغرافية تجسد برموز  واقعية وملموسة مشاعر الحنين إلى الماضي المرتبطة بأماكن وأحداث محددة في الطفولة وغيرها.

يشارك في المعرض أربعة فنانين شباب متعددي المواهب: شفا غدار وداليا بعاصيري، تمتاز أعمالهما المعروضة بالحنين إلى العائلة والمنزل. لورا فرعون، تمتاز أعمالها المعروضة بالحنين إلى الأشخاص عبر أسلوب أقرب إلى التجريدي، ريما مارون، تمتاز أعمالها المعروضة بالحنين إلى أشخاص وأماكن محفوظة في ذاكرتها، يزيدها الزمن رسوخاً.

شفا غدار

توظف شفا غدار المواد المختلفة لتحيي من الذاكرة والقلب أوقاتاً عاشتها مع العائلة، علها تعيد عقارب الزمن إلى الوراء في محاولة منها للهروب من الواقع الذي تظلله البشاعات من كل حدب وصوب، وتحدي العجز والزوال، من خلال الكاميرا التي تغوص  معها إلى ملعب الطفولة معيدة رسم الأماكن والأشخاص...

داليا بعاصيري

تجمع أعمال داليا بعصيري رموزاً طالما استوقفتها في طفولتها تتوسطها خربشات تلغي المسافات بين الحاضر والماضي،  وتوظف الألوان والأبعاد لإضفاء جمالية وخصوصية على الصورة الفوتوغرافية، فتبدو مألوفة للمشاهد رغم تضمنها عناصر قد لا تتناغم مع بعضها البعض، تماماً كما في عملها Self Portrait، الذي يرسم صورة لها من خلال مكان معين كان له تأثير واضح في طفولتها وجدار  علقت عليه ما يختزن  في ذاكرتها من أشياء تعايشت معها فترة طويلة. يمكن القول إن أعمال داليا بعاصيري رمزية لا تخلو من واقعية  تحركها خطوط وألوان تشكل بعفويتها جواز سفر ينقل المشاهد إلى عوالم خاصة به، ولا تحصره بعالم الفنانة فحسب.  

لورا فرعون

تتعدد الوسائط التي توظفها لورا فرعون للتعبير عن أفكارها ورسم خط خاص بها، من الرسم إلى النحت والتركيب والتجهيز والتصوير الفوتوغرافي والفيديو... هدفها تجسيد لحظات عابرة في الحياة، لذلك لا تتورع عن إضافة مواد بسيطة ومختلفة على غرار الحصى والورق والفحم والرماد والشمع والحبر والطلاء، لتتعايش مع الشكل والمضمون،  من دون أن تغفل عن إضفاء بعض من خيال على الواقع، لتمنحه صبغة من الغموض الجميل الذي يدفع المشاهد إلى محاولة اكتشاف ما وراء الصورة الفوتوغرافية أو أي عمل آلآخر لها، باعتبار أن عناصر  التأليف عندها مستمدة من  واقع يومي بسيط، تحاول بكل ما أوتيت من قوة حمايته من التلاشي والاندثار، وتأمين استمرارية اللحظة الحاضرة بكل أبعادها وتناقضاتها.   

 فرعون حاصلة على بكالوريوس فنون جميلة من المدرسة الجديدة للتصميم، بارسونز، في نيويورك، وعلى ماجستير في الميديا الجديدة في جامعة الألبا، لبنان، حيث تدرّس حالياً في قسم الفنون التشكيلية. تشارك في معارض جماعية منذ 2011.

ريما مارون  

ريما مارون إحدى المواهب المميّزة في مجال التصوير الفوتوغرافي، حائزة ماجستير في التصوير. فازت في 2008 بجائزة مؤسسة آنا ليند للحوار من خلال الفن والثقافة عن صورها الفوتوغرافية «همسات...»،  أقامت ريما مارون في المدينة الدولية للفنون في باريس، وعرضت مشاريع مختلفة في إطار مهرجان مونبولييه للرقص (2012). أعمالها تلقي نظرة مختلفة على العالم من حولنا وتقدّم رؤية جديدة له.

لئن أثرت بها الحرب طويلاً، إلا أن ريما مارون قصدت هذه المرة أن تصور  مشهداً منها بعيداً ومغلفاً بضباب، وكأنها تريد أن  تبعد هذه اللحظات السوداء من عمر الوطن، من دون تمحوها كلياً من الذاكرة سواء الفردية أو الجماعية.

مشاهد ريما مارون تنبئ بنضج في التعامل مع المشهد، وقدرة على قلب صفحة معينة من الحياة والمجتمع  بهدف اكتساب نظرة أفضل إلى المستقبل. لا شك في أن خصوصية أعمال مارون تكمن في أن المشاهد يمكن أن يتفاعل معها من منظاره الخاص. قد يرى البعض فيها  واقعاً معيناً مرتبطاً بمكان وزمان معينين، وقد يرى البعض الآخر فيها عملا سوريالياً أو تجريدياً  ينتمي  إلى كل مكان وزمان...

حملت ريما مارون في أعمالها  معاناة الناس في حياتهم اليومية وخصوصاً من الحروب، لذا لم تتوانَ عن التقاط صور لمجزرة قانا التي ارتكبها الإسرائيليون في حق الأبرياء والعزّل، وصور أخرى للأطفال النازحين بفعل الحروب المتتالية،  وفي الوقت نفسه صورت مشاهد تبرز أهمية الفن في إقامة جسر حوار بين  بلدان حوض البحر المتوسط وبين بلدان العالم.

مع أنها تخرجت في المسرح إلا أن ريما  مارون تعشق الكاميرا منذ طفولتها، وتدأب على ابتداع صور تجسد الواقع  المرّر بكل تفاصيله، لتدعو من خلال فنها إلى عدم الوقع في الأخطاء ورسم عالم وبناء مجتمع أكثر عدلاً يحمي حقوق الناس من الضياع ويصونهم...

back to top