أزمات العرب هل تنتج النخب؟
ما مصدر مخاوف دول الخليج وهواجسها من مشروع التقارب الأميركي الإيراني وتتويجه باتفاقية؟ هل السبب المنشآت النووية التي غابت عنها قواعد الأمن والسلامة بسبب العقوبات؟ أم خلو الاتفاقية من الضمان لحماية المنطقة من "تشيرنوبل" أخرى؟ وهل ستعمل الدول الإقليمية على تحصين قوامها الداخلي أمام التدخلات الخارجية؟
تسابقت الصحف العربية والأجنبية في نشر المقالات، وإجراء الدراسات حول تحليل آثار المتغيرات الإقليمية الحالية والمؤثرة على سياسات الدول العربية الفاعلة في المنطقة، واللافت للنظر إجماع المحللين والكتّاب على أهمية دراسة ملامح المرحلة الحالية حتى يمكننا التوصل إلى عوامل الاستقرار. وبطبيعتنا كباحثين ومهتمين بما يجري فقد وجدنا الأدوات التحليلية المناسبة للظروف تدور حول نقاط ثلاث: الأولى تكمن في أهمية الدول المؤهلة للقيام بالدور الإقليمي القيادي في الفترة القادمة، وهي على الأرجح المملكة العربية السعودية، ومصر، بالإضافة إلى الجارة الإقليمية اليورو-آسيوية والمسلمة تركيا كدور مساند.أما النقطة الثانية فتكمن في تحديد موقف المنطقة من إيران، ذلك الجار الإقليمي الذي استطاع أن يصبح جزءاً من "مشروع أوباما"، ويدخل بسياسة الاحتواء "الجغرافي" عبر العصا والجزرة، فالعصا تكمن في التفاصيل التي تخط الخطوط الدقيقة للاتفاقيات، والجزرة عبارة عن تخفيف العقوبات وفتح المجال لبناء جسر اقتصادي يحدد ملامح إيران الجديدة. فما مصدر مخاوف دول الخليج وهواجسها من مشروع التقارب الأميركي الإيراني وتتويجه باتفاقية؟ هل السبب المنشآت النووية التي غابت عنها قواعد الأمن والسلامة بسبب العقوبات؟ أم خلو الاتفاقية من الضمان لحماية المنطقة من "تشيرنوبل" أخرى؟ وهل ستعمل الدول الإقليمية على تحصين قوامها الداخلي أمام التدخلات الخارجية؟ وأعني بذلك الحرص على بناء المؤسسات التشريعية السليمة والبنى الداخلية التي تتعايش مع المتغيرات الديموغرافية والتعددية وغيرها.أما النقطة الثالثة فتكمن في أهمية الاهتمام بالنخب الاقتصادية الشابة التي اعتادت الأزمات أن تفرزها، وخير مثال على ذلك "النخب الإدارية" التي ساهمت في نجاح المعجزة الاقتصادية الآسيوية اليابانية والسنغافورية، وعملت على قيادة تجربة التحديث، فساهمت بكفاءتها وحسن تخطيطها في تجاوز مرحلة الخوف من نقص المواد الأولية أو هبوط أسعارها في ظل الاهتمام بتدريبها وتطوير الطاقات البشرية، والحرص على رفع المستوى الثقافي وتطوير القدرات التقنية.خلاصة الأمر على دولنا الخليجية الاستثمار في السواعد الشبابية، وتأهيلها تقنيا واقتصاديا حتى يمكنها احتواء النقطتين الأولى والثانية، وعلينا تمكين مؤسساتنا الثقافية من بناء جسور الثقة مع الدول التي بدأت تعج بالطوائف والأقليات لمنع بذور التطرف.كلمة أخيرة: انتشرت الأغذية ذات المواد الخطرة والأدوية ذات المركبات الغريبة، فهل لدينا هيئة للغذاء والدواء لتأتينا بتقارير علمية سليمة؟