فجّر وزير الصحّة وائل أبوفاعور قنبلته، مساء أمس الأول، معممّاً أسماء المؤسسات الغذائية التي لا تستوفي الشروط والمعايير الصحية المطلوبة. فسقطت أسماء المحال واحدا تلو الآخر، لتتعرّى أمام الحقيقة التي طالما حاولت أن تخفيها عن المواطن.
وأحدث المؤتمر الصحافي لـ «أبوفاعور» صدمة لدى اللبنانيين، ولم يجد المواطن اللبناني كعادته سوى مواقع التواصل الإجتماعي كي يعبِّر من خلالها عن امتعاضه واستيائه مما سمعه وأثار دهشته. فالأطعمة التي يتناولها فاسدة وأمنه الغذائي مهدد.وزاد سخطه و«قرفه» وسخريته، أيضاً إلى جانب خوفه صحته وحياته، بعد أن سمع الوزير يؤكد وجود «براز بشري» في بعض المأكولات. وإطلاق نشطاء على مواقع التواصل الاجتماعي هاشتاغ «وزير_كل_لبنان»، تنويهاً به وبخطوته الجريئة التي كشفت وقائع عدَّة صادمة.وكان أبوفاعور أعرب خلال مؤتمر صحافي عن أسفه للقول إن «اللبناني لا يعرف ماذا يأكل، أما الأدهى فهو إذا علم ماذا يأكل». وقال: «تبين في الكشف العلمي الصحي أن لقمة اللبناني المغمسة بالعرق مغمسة كذلك بالأمراض والميكروبات». وإذ لاحظ أن «رقابة الدولة قاصرة جدا عن حماية غذاء المواطن اللبناني»، أمل «إقرار قانون سلامة الغذاء في وقت قريب»، مشيرا إلى أن «تنفيذه يحتاج إلى جهد منسق بين الوزارات».وفنّد المخالفات، ملاحظا أن «هناك مؤسسات تعمل من دون تراخيص قانونية من الجهات المختصة الرسمية. كما أن هناك عنكبوتا وذبابا على برادات اللحمة التي وجدت حرارة بعضها أعلى من الدرجات الضرورية، فضلا عن الوسخ والزيت الأسود لشدة استهلاكه وأوعية صدئة تستخدم لحفظ اللحوم التي يتم توضيبها للمواطنين بسكاكين صدئة أيضا، كما أن ثمة مطابخ مفتوحة على حمامات، وطعاما موضوعا فوق أكياس النفايات، وما إلى ذلك من شؤون متصلة بغياب النظافة، كالعمل من دون قفازات، وعدم تنظيف العجانة الوسخة».ولفت أبوفاعور إلى «وجود مخالفات أكبر وأكثر خطراً وتأثيراً على الصحة، وهي مقلقة لوزارة الصحة والمواطن اللبناني. وأبرز هذه المخالفات أن بعض العينات التي تم فحصها ظهر أنها تحتوي على بقايا براز البشر! وهذا أمر لا يمكن التسامح معه مهما كانت الكلفة».وكشف عن لائحة عرض فيها المواد الغذائية غير المطابقة لمواصفات السلامة الغذائية، والتي يحتوي بعضها على سالمونيللا وE.coli والبكتيريا الهوائية، وذلك في عدد من المؤسسات التي سماها، مؤكدا أنه بهذه التسمية لا يسعى إلى التشهير بأحد أو الإساءة أو التجريح أو قطع الأرزاق، إنما إحساسا بالمسؤولية تجاه المواطنين. وقال إن «عددا من أصحاب هذه المؤسسات أصدقاء شخصيون أو موالون في السياسة، إنما لا يقبل من انتدبني إلى هذه المسؤولية المهادنة والمسايرة».مجدلانيورحّب رئيس لجنة الصحة النيابية النائب عاطف مجدلاني بما فعله أبوفاعور. وقال لـ«الجريدة»: «أنا الى جانبه في هذه الخطوة وأشكره، ومستعد لخوض المعركة معه، وما أعلن هو رأس جبل الجليد في موضوع الفساد الغذائي». وأوضح أن «الشهيد باسل فليحان هو أول من وضع قانون سلامة الغذاء في العام 2003، إلا أن هذا القانون اصطدم بصلاحيات وزارتي الصناعة والزراعة، على اعتبار أنه سيأخذ بعضاً من صلاحياتهما». وأضاف أن «المشروع سحب من المجلس النيابي بسبب اعتراض وزير الزراعة آنذاك، حسين الحاج حسن، لكنني عدت وطرحته عام 2012 بصيغة معدلة، ولم يعرض حتى اللحظة على اللجان المشتركة».أصحاب المطاعممن جهته، قال رئيس «نقابة أصحاب المطاعم» طوني رامي، في تصريح أمس: «لا يمكن أن يذهب المطعم الجيد بجريرة المطعم الفاسد، وأن يتعرض القطاع كله للتشهير، وخصوصا أن اعتماد المعايير لسلامة الغذاء تختلف بين وزارة ووزارة، وبين منطق وآخر، وبين عقلية وأخرى، وبين مبادئ وأخرى، وخصوصا أن قانون سلامة الغذاء لم يبصر النور حتى الآن، وبالتالي لا وجود لقانون يحدد المعايير المفروضة لسلامة الغذاء، وبالتالي لا يمكن لعلامات تجارية مشهود لها بالجودة والنوعية ومنتوجاتها تحظى بثقة المستهلك اللبناني الذي يعرف ويدرك ويميز ويتخطى حدود الوطن، أن تتعرض لهذه الحملة التي لا ذنب لها سوى التناقض في كيفية اعتماد المعايير لسلامة الغذاء».وأكد أن «صحة المواطن تعد من الأولويات لدى قطاع المطاعم، وبالتالي فإن النقابة ترفض أي نوع من التشهير قبل توجيه إنذارات خطية وقبل صدور أحكام قضائية تدين المطاعم التي تعرضت للتشهير».وأثنى رئيس الحكومة تمام سلام خلال استقباله أبوفاعور، أمس، على الجهود التي يبذلها، مؤكدا دعمه له «في ما يقوم به لحماية المصلحة العامة وصحة اللبنانيين». كما شجعه على «متابعة الإجراءات التي تقوم بها وزارته»، وطلب منه «التشدد في مراقبة نوعية الغذاء الذي يستهلكه اللبنانيون واتخاذ الإجراءات القانونية المناسبة في حق كل من يعرّض صحة المواطنين للخطر».كرامي: الترويقة كنافة بقشطةنشر الوزير السابق فيصل كرامي، في صفحته على "فيسبوك"، صورة له أثناء تناوله ترويقة كنافة بقشطة من حلويات الحلاب، وكتب تعليقا: "عندما تأتي نتيجة التحاليل الأولى بأن القشطة في مؤسسة كبرى غير مطابقة للمعايير، فإن من التواضع والحكمة أن تقوم وزارة الصحة الكريمة بإعادة هذه التحاليل والتأكد من أي معلومة قبل نشرها للرأي العام، والتشهير بواحدة من أعرق المؤسسات المشهود لها بالجودة ومطابقة المعايير العالمية".وأضاف كرامي: "بكل الأحوال، أنا تروقت اليوم كنافة بقشطة من عند الحلاب، تعبيرا عن مدى ثقتي بالاستعراض الغريب والمتسرّع الذي قامت به وزارة الصحة".
دوليات
لبنان: وزير الصحة يفجّر «قنبلة غذائية»
13-11-2014