في دولة «يحظر»...
![حسن العيسى](https://www.aljarida.com/uploads/authors/25_1682522445.jpg)
ففي زمن المشي على البيض أودعت السلطة عدداً من الشباب السجون، تنفيذاً لحكم قضائي أو إعمالاً لحبس احتياطي، بعد أن أضحى الأخير عقوبة مغلفة بقفازات الإجراء الاحترازي، كما تملي قوانين الحظر والزجر. وفي هذه الأيام، أعملت السلطة أخطر أسلحتها القهرية، بسحب الجنسية عن عدد من المعارضين، وبطبيعة الحال كانت السلطة تضع ديكور ورداء «إعمال حكم القانون» في إلغاء الهوية وسحقها، كي يصبح المواطن بعد ذلك رقماً زائداً من أرقام البشر البدون، المصيبة تتجسد هنا في عبارة «إعمال حكم القانون» حين تكون قوانين سحب الجنسية ومواد كثيرة في قانون الجزاء والمطبوعات سواد وجه، فمثل تلك القوانين هي عورة حضارية بحد ذاتها، وهي تناقض روح الدستور المنسي، ولا يمكن للمظلوم أن يطرق أبواب العدالة كي تنصفه من تلك القوانين التي حصّنت نفسها بنفسها، أو عبر الفهم الضيق المساير لرغبات السلطة التنفيذية المهيمنة.عندها تصبح أزمة الحرية والكرامة ليست بالنص القمعي في حد ذاته فقط، وإنما بابتسار فهمه وتطبيقه، وتصبح هناك ميكانيكية بغيضة بتطبيق النص بـ «قضّه وقضيضه»، دون محاولة تجاوز الظلم الفادح في صريح عبارته.في دولة «يُحظر» يمر الزمن بطيئاً مملاً، خانقاً، يختصر عمرنا الإنساني إلى حالة «قطيعية»، أي نحيا كقطيع فاقد القدرة على الرفض والتحدي، ويصبح كل همنا أن نعيش كل يوم بيومه، ولا نمارس أي قلق مشروع من المستقبل المجهول، ولا نعرف، آخر النهار، غير ترديد عبارة «الله لا يغير علينا»، مع أن الكون حولنا انقلب وتغيّر.