الحرية لا تعني التعدي على حقوق الآخرين ومصادرة حقوقهم الطبيعية بممارسة طقوسهم الدينية في إطار لا ينتقص من كرامة الشريك في الوطن الإنسان، فتجد في المجتمعات التي تعيش حالة الرفاهية مؤشر الحرية والعدالة مرتفعاً، بحيث ترى الأكثرية هي من يقوم بحماية حقوق الأقلية وضمانها، فمسطرتهم نحو المواطن الصالح هي كم الإخلاص في العمل واحترام القانون.

Ad

عندما أرجع إلى سنوات الدراسة لا أتذكر أن أحداً سألني أو استوقفني عن ديانتي لا من الجهات الرسمية ولا من أي فرد أو زميل دراسة، بل كانوا يراعون خصوصياتي كمسلم دون أن أشعر بذلك بحيث لا تجد من يعترضك، وأنت تصلي في الأماكن العامة ناهيك عن توفير أماكن للعبادة في أغلب المطارات والمجمعات العامة كي يستطيع المسلم أداء صلاته فيها.

هذه الدول لم تدرس في مدارسها مواد التربية الدينية، ومع ذلك نجحت في ترسيخ قيم الإخلاص والتعاون والتسامح وحب العمل واحترام الآخر من خلال التطبيق العملي، فكانت مجتمعاتها مثلا حيا للقيم السماوية، في حين نحن نتكلم عن روح التسامح في الإسلام، ونعمل عكس ذلك، ونتكلم عن الحرية والظلم، وتكميم الأفواه ديدننا.

هناك خلل تعانيه مجتمعاتنا العربية، وعلى أصحاب القرار مراجعته وتدارك عواقبه الكارثية، ونحن في الكويت قبل غيرنا مطالبون برسم خريطة طريق ونموذج لتعايش سلمي يقينا الفتن؛ لتفويت الفرصة على من يضمر لنا الشر، فلقد حبانا الله بنعم كثيرة ورغد عيش واستقرار سياسي وتداخل وتمازج اجتماعيين، وحب متبادل بين الحاكم والمحكوم، وتاريخ مليء بصور الإخاء والتكافل، فلا ندخل الشيطان بيننا.

سمو الأمير حفظه الله ورعاه تلمس في النطق السامي أهمية معالجة المشاكل والسلوكيات الدخيلة على مجتمع الشباب من منظور الأب الحريص على أبنائه، ومن هنا على مجلس الأمة ومجلس الوزراء تحمل مسؤولياتهما في معالجة هذا الانحراف في السلوك والفكر؛ عبر إيجاد حلول تحتضن الشباب من تلك الممارسات الشاذة.

مسارات العلاج يجب ألا تتحمل مسؤوليتها وزارة الداخلية بمفردها، فدور الإعلام والتربية والمسجد والأسرة في غاية الأهمية، فكما يقول المثل "الوقاية خير من العلاج"، وإن ما يحدث في المنطقة تعدى مرحلة اللعب بالنار، فها هو دولاب الطائفية تحرك نحو الشقيقة المملكة العربية السعودية، ولولا رعاية الله وتماسك المجتمع السعودي وتعامل وزارة الداخلية، الذي كان على مستوى الحدث في الرد على هؤلاء الضالين، لكانت النتائج كارثية، لكن الله سلّم، سائلين المولى عز وجل أن يحفظ المملكة وأهلها من كل سوء.

أخيراً لا يقلْ أحد إن الإعلام فضاؤه واسع ولا سلطة عليه، وحتى إن سلمنا فرضاً بذلك فإن دعاة الفتنة هم من يتصدر هذه القنوات، وهم المحرك لها، ومعاقبتهم لا تحتاج إلى عبقري، فهناك ألف طريقة وطريقة، ومنها سحب جوازاتهم ومنعهم من الظهور في وسائل الإعلام على أقل تقدير، وتطبيق قانون الوحدة الوطنية وعدم التراخي فيه.

مرة أخرى نتمنى على وزارة الداخلية أن تكون على مستوى استباق الحدث، فالكويت أمانة في أعناقكم وأنتم أهل لتلك الأمانة.

ودمتم سالمين.