أخطاء المتطوعين الشيعة تُحرج بغداد

نشر في 11-01-2015 | 00:09
آخر تحديث 11-01-2015 | 00:09
No Image Caption
النجف تضغط على «الجناح الإيراني» لضبط سياسات سليماني
كل العراقيين يعترفون بأهمية الدور الذي لعبه «الحشد الشعبي»، وهو الاسم الذي أُطلق على نحو 60 ألف متطوع شيعي، في وقف تمدد تنظيم «داعش»، لكن شريحة واسعة من العراقيين ترى خطورة في ممارسات خاطئة لم تعد فردية، تصدر عن هذه التشكيلات المسلحة، وتغذي روح الاحتقان الطائفي، بل وبدأ البعض يحذّر من تحوّلها إلى ملف لإدانة دولية قد تتعرض لها الأحزاب الشيعية في العراق.

ووسط مناخ تفاؤل دولي وإقليمي بالإصلاحات التي تتبناها حكومة حيدر العبادي، ومحاولتها طي صفحة رئيس الوزراء السابق نوري المالكي الذي كان عنيداً ويتجاهل النصح، فإن المعارك الواسعة التي تخوضها قوات «الحشد الشعبي» الشيعية بالاشتراك مع الجيش، ضد «داعش»، رافقتها اتهامات قوية بوقوع تصفيات جسدية لمدنيين من المكونات الأخرى، وتجريف لقرى سنيّة، فضلاً عن سرقة ممتلكات الأهالي ومواشيهم في المناطق الزراعية الشاسعة التي شهدت المعارك.

وتصاعد الاتهامات دفع مرجعية النجف العليا إلى تأكيد متكرر على حرمة أرواح المدنيين وممتلكاتهم، إذ طالبت الحكومة بضبط كل من يتورط بفعل مسيء ومحاسبته، إلا أن مصادر عراقية تقول إن ما يحصل ليس مجرد خطأ.

وأخطر ما في هذا الإطار هو وجود جناح مقرب من إيران داخل تشكيلات «الحشد الشعبي»، ينفذ خططاً موازية للهدف العام، فإذا كانت النجف قد اضطرت للدعوة إلى تأسيس هذا «الجيش الرديف» بعد انهيار الموصل، بهدف حماية المدن الأخرى، فإن ميليشيات قريبة من جنرال الحرس الثوري قاسم سليماني، بدأت تصبح من صلب هذا التشكيل وتنفّذ رؤيتها الخاصة في العلاقة مع السنّة والأكراد.

وإذا كانت حكومة العبادي والأحزاب القريبة على النجف مثل حزبي عمار الحكيم ومقتدى الصدر، مقتنعين بضرورة تصالح وتفاهم مع سنة العراق وكرده، فإن لدى جمال جعفر محمد علي، المعروف بـ»أبو مهدي المهندس»، خططاً أخرى لا تؤمن بالتصالح، وترى في الحرب فرصة لإخضاع السنّة ورسم حدود جديدة تحمي النفوذ الشيعي، حتى لو كان الأمر يتطلب تطهيراً عرقياً أو تجريفاً لقرى وبلدات، ويزداد خطر هذا الأمر، بعد أن أصبح المهندس رسمياً، نائب رئيس هيئة الحشد الشعبي التابعة للحكومة، وليس من الواضح كيف يمكن لمعتدلي الشيعة السيطرة عليه.

فالعبادي الذي يمشي على خط تماسّ حرج بين مصالح طهران وواشنطن، لا يمتلك فوراً، القوة الكافية لمواجهة سليماني على أرض المعركة، والنجف التي أصبحت واجهة مشروعية للحشد الشعبي، وبدأت ترتاب من كثرة الأخطاء، أمام موقف محرج للغاية.

وهناك شيعة معتدلون بدأوا يحذّرون النجف اليوم، من نتائج الانتهاكات وإمكان تحوّلها إلى ورقة بيد الكونغرس الأميركي لمحاكمة الأحزاب الشيعية لاحقاً، ويقول هؤلاء إن طهران لا يهمها كثيراً لو جرى توريط شيعة العراق بملف إدانة دولية، بل قد يكون ذلك من مصلحتها، إذ سيصبح العراقيون حينئذ بلا حليف سوى طهران، التي تحب أن تحتكر لنفسها منافذ التفاوض مع واشنطن، دون أن تسمح لشيعي عراقي أو لبناني بهذا الامتياز والاستقلال.

ويقول سنة العراق إنهم ضحية لهذه التناقضات الشيعية، وإن الوقت يمر ويتطلب من معتدلي الشيعة حسم هذا المسار الإيراني الخطير في حرب «داعش»، ليتمكن زعماء السنّة من حشد جمهورهم في حرب عادلة، مضمونة سياسياً، فكل سياسة استعداء تصدر عن مقاتلي الشيعة، ستقدم خدمة لتنظيم «داعش» أمام الجمهور السني، حيث يستغل التطرف أزمة الثقة مع الحكومة التي يقودها العبادي، وعجز بغداد عن صناعة الضمانات الكافية، بسبب كل نفوذ إيران، الذي تضاءل سياسياً، لكنه تنامى في ميدان القتال.

back to top