لم يوفق وزير العدل وزير الأوقاف والشؤون الاسلامية، يعقوب الصانع، بطلبه من المجلس الاعلى للقضاء إنشاء لجنة تحقيق قضائية في ما أثاره النواب بشأن مخالفات بتعيينات في الهيئة العامة لمكافحة الفساد.

Ad

 وكان الأولى به أن ينأى بمجلس القضاء ورجال السلطة القضائية عن التدخل في هذا الموضوع، ويترك القضاء الإداري وحده ينظر مصير الدعاوي القضائية المعروضة امامه والمحدد لها جلسات في فبراير المقبل..!

ما أقدم عليه الوزير الصانع سابقة غير مقبولة، وأتمنى من المجلس الاعلى للقضاء رفض طلبه تشكيل تلك اللجنة، أو حتى إبداء الرأي القانوني، فالسلطة القضائية ليست جهة تستفتي أو تعقب على أعمال السلطة التنفيذية كحال ادارة الفتوى والتشريع، لتصحح مسار قراراتها، وإن كانت هناك دواعي للتحقيق في التعيينات، فالأولى أن تشكل لجنة تحقيق من ديوان الخدمة المدنية، أو حتى من إدارة الفتوى والتشريع، أو لجنة تحقيق برلمانية في مجلس الامة إن كان يريد الوزير إيجاد حل مع النواب في مواجهة هذه القضية، بعيدا عن إقحام القضاء ومجلسه ورجاله!

لا يمكن عقلا ولا منطقا أن تشكل لجنة تحقيق قضائية تتولى التأكد من سلامة التعيينات التي تمت في هيئة مكافحة الفساد بسبب احتجاج بعض النواب، وهناك قرابة ٢٠ دعوى قضائية إدارية معروضة أمام القضاء موضوعها التأكد من سلامة القرارات الصادرة في التعيينات، ومثل هذه اللجنة القضائية في حين لو أصدرت قرارات بسلامة التعيينات الصادرة، فهي بذلك قد جعلت للتعيينات حجة حتى وإن كانت في حقيقتها مخالفة للقانون!

ثم كيف يسمح الوزير لنفسه أن يطلب من القضاء استحداث بدعة تشكيل لجان للتأكد من سلامة قرارات التعيينات، في حين أن الوظيفة الطبيعية له هو الفصل في الدعاوى المعروضة أمامه، وسؤالي للوزير هل أصبح القضاء مستشارا لإحدى الجهات الرسمية في الدولة كهيئة مكافحة الفساد التي تشرف وزارة العدل عليها وفق قانون إنشائها، بما يخالف مبدأ الفصل بين السلطات!؟ وبما يتعارض مع طبيعة عمل السلطة القضائية التي نص عليها الدستور؟

وسيفتح القبول بتشكيل اللجان القضائية اليوم لحل المشكلات الإدارية المعروض بابا لا يمكن إغلاقه مستقبلا من إمكان اقحام القضاء في حل القضايا الإدارية التابعة لإحدى الوزارات عن طريق السلطة القضائية، وقبول المجلس الأعلى للقضاء طلب وزير العدل سيسمح لغيره من الوزراء مستقبلا بمطالبة المجلس الأعلى للقضاء لتشكيل لجان قضائية لحل مشكلاتها وكأنه لا توجد لجان إدارية متخصصة في ديوان الخدمة المدنية!؟ وكأن وزارة العدل بمستشاريها وكبار قانونييها لا يملكون تشكيل لجنة لبحث هذه القضايا الإدارية ؟!

ثم من قال إن التعيينات التي تمت في هيئة مكافحة الفساد مخالفة للقانون يا معالي الوزير!؟ أليست تلك التعيينات تمت تحت إشراف عدد من رجال القضاء وأعضاء النيابة العامة المنتدبين في هيئة مكافحة الفساد!؟

 أليس رئيس الهيئة ونائبه عضوان سابقان، والتعيينات التي تمت كانت تحت اشرافهما وقبولهما وتحت، قسمهم، فلماذا إذا يطلب من لجنة قضائية تراقب اعمالهم، ولا يترك للقضاء الإداري بأن يتولى أمر فحص القرارات والرقابة عليها!؟

 ألسنا جميعا مؤمنين باحترام أحكام القضاء، وأقسمنا على ذلك؟، فلماذا اذا تسبق الاحداث بطلب تشكيل تلك اللجان، فهل السبب من ذلك هو الخوف والهروب من النواب يا معالي الوزير بطلب تشكيل اللجنة القضائية؟ أم خوف من الأحكام الادارية التي قد تصدر من القضاء الإداري ببطلان تلك التعيينات!؟