الشيعي يعتقد أن المذهب السني على خطأ؛ ولذلك أصبح شيعيا أو ظل على شيعية ذويه، والسني يعتقد أن المذهب الشيعي على خطأ؛ ولذلك أصبح سنيا أو ظل على سنية ذويه، والحال نفسها مع المسيحي واليهودي أو الملحد أو من يعبد البقر أو الشمس والقمر، فكل منهم يعتقد أن الفكرة التي يعتنقها صحيحة والأفكار الأخرى التي تسير في نفس النطاق خطأ.

Ad

ولولا اعتقاد كل ذي مذهب أو عقيدة بصواب عقيدته وخطأ الآخرين لما تعددت المذاهب والمعتقدات أصلا، ولكل معتنق فكرة أسلوبه في إثبات صوابيته وتسويق ما يعتنق، فإما عن طريق كشف أخطاء الأفكار الأخرى أو عن طريق تزيين فكرته، ولا أستطيع أن أحدد إن كان أحد الأسلوبين خاطئاً، ولا أعتقد أن أحدهما خاطئ أصلا، فقد تستدعي بعض المواقف استخدام أسلوب، وتستدعي مواقف أخرى أسلوباً آخر.

طيب، لو أني اليوم في 2015 أردت أن أعزز اقتناعي بفكرة أي فكرة، الشيوعية ورفاقها مثلا، فإن أسهل الخيارات هو قراءة كتاب أو مشاهدة محاضرة أو برنامج أو مناظرة أو فيلم عبر الإنترنت، وخلال دقائق سأتمكن من الاطلاع على ما أرغب دون عناء يذكر، وهو ما يعني أني لست بحاجة أبداً لقدوم شيوعي معتق إلى الكويت أو اتجاه لمقر التيار التقدمي من أجل الاستماع للأفكار الشيوعية، أو تهريب كتاب عبر الحدود، أو تسجيل صوتي أو مرئي، كل المسألة هي الوصول إلى الإنترنت المتاح، حتى إن رغبت في الوصول إلى موقع محجوب في الكويت فهناك ألف وسيلة سهلة لرفع الحجب عن الموقع.

كل هذه المقدمات لإيصال فكرة بسيطة تتأجج بين فترة وأخرى في الكويت لعل آخرها تسابق بعض الساسة وبالغالب الشيعة منهم في المناسبة الأخيرة لمنع السيد محمد حسين يعقوب من دخول الكويت، وإلقاء محاضرة ضمن فعاليات "هلا فبراير"!

لم أكن أعرف محمد حسين يعقوب قبل المطالبة بمنعه، ولا تعنيني أبدا أطروحاته، فإن كانت مخالفة للمعتقد الشيعي فهذا أمر طبيعي جداً بحكم أنه من مذهب آخر، وبالتالي فإنه يجد المذهب الشيعي على خطأ، وأسلوبه في تسويق ما يعتنق هو حر فيه، وبالمناسبة فإن نفس الأسلوب الغريب بالمطالبة بمنع بعض خطباء الشيعة يمارس أيضا من بعض الساسة السنّة؛ لأن أولئك الخطباء الشيعة يقولون ما هو ضد المعتقد السني مع العلم أن مخالفة المذهب السني أمر طبيعي لدى الشيعة.

والمصيبة أن الساسة من كل الأفكار والمذاهب يعلمون جيداً أن مطالباتهم بالمنع تلك لا تغني ولا تسمن من جوع، فبإمكاني الآن الاطلاع على كل ما يقوله محمد حسين يعقوب أو غيره دون الحاجة لحضوره شخصيا للكويت، إلا أن بعض جماهير هؤلاء الساسة هم من يعززون تلك المطالبات السخيفة ويجعلونها تستمر.

دعوا الكويت تستقبل الجميع، وأتيحوا الفرصة للكويتيين لتمييز الجيد من الرديء، وابتعدوا عن هذا التخلف السخيف الذي جعل الكويت كأنها سجن كبير لا ترضى إلا بأفكار معينة يحددها ساسة.

ضمن نطاق التغطية:

طبعا إن الحكومة وبدلا من أن تدافع عن حرية التعبير فإنها ترضخ لأي مطالبة منع لأنها باختصار لم تكن تجرؤ سابقا ولا حاضرا على مواجهة الصوت إن ارتفع سواء كانت الحكومة على حق أو باطل.