استبق أوباما خطاباً مهماً يحدد فيه فجر اليوم خطته لمحاربة تنظيم الدولة الإسلامية (داعش)، وأطلع زعماء الكونغرس على تفاصيل المهمة وموعد إعطائه الضوء الأخضر لتوجيه ضربات جوية ضد مواقع التنظيم في العراق وسورية، في وقت تتجه الأنظار إلى السعودية، حيث تشهد جدة اليوم اجتماعاً عربياً أميركياً تركياً لبحث تشكيل التحالف الدولي ضد «داعش».

Ad

أبلغ الرئيس الأميركي باراك أوباما زعماء مجلسي الشيوخ والنواب أن لديه السلطة اللازمة لتنفيذ استراتيجيته لمحاربة تنظيم «الدولة الإسلامية» (داعش)، قبيل كلمة يلقيها فجر اليوم قد تكون بداية لعمليات موسعة ضد التنظيم في العراق وسورية أيضاً.

واجتمع أوباما مع زعيمي الديمقراطيين في مجلسي الشيوخ والنواب هاري ريد ونانسي بيلوسي ونظيريهما الجمهوريين ميتش مكونيل وجون بينر، أمس الأول، لمناقشة المرحلة التالية من حملته في العراق.

وأوضح البيت الأبيض، في بيان، أن «الرئيس قال للزعماء إن لديه السلطة اللازمة لاتخاذ إجراءات ضد الدولة الإسلامية وفقاً للمهمة التي سيوضحها في كلمته مساء غد «بشأن التهديد الذي يشكله متشددو الدولة واستراتيجية الولايات المتحدة «لتقويض (داعش) وتدميره في نهاية الأمر».

ويتطلب قرار سلطات الحرب لعام 1973 أن يستشير الرئيس الكونغرس قبل الدفع بالقوات الأميركية في أعمال قتالية، لكنه يسمح ببقاء هذه القوات شهرين قبل أن يحصل على موافقته على التحرك.

وخاض الرئيس الأميركي سباق البيت الأبيض عام 2008 ببرنامج يدعو إلى سحب القوات من العراق، وحرص على قصر العمليات العسكرية الجديدة فيه على حماية الأقلية الأيزيدية ومهاجمة مواقع «داعش» قرب العاصمة الكردية أربيل وفي محيطي سدي الموصل وحديثة.

خيار مشروط

وأمام أوباما خيار إصدار أوامر بشن غارات جوية على عدد كبير من الأهداف داخل العراق، كما يدرس شن غارات في سورية، شريطة أن تكون المعارضة المعتدلة في وضع يسمح لها بالسيطرة على الأراضي التي يتخلى عنها مقاتلو الدولة نتيجة الهجمات الأميركية.

وأكد أوباما، في مقابلة مع شبكة إن.بي.سي يوم الأحد، أن الولايات المتحدة ستضرب قادة المتشددين في أي مكان تستطيع الوصول إليه.

وقال أحد معاوني رئيس مجلس النواب إن بينر أبدى خلال اجتماع البيت الأبيض دعمه للخيارات التي طرحها أوباما، ومن بينها «زيادة فعالية قوات الأمن العراقية وتسليح بعض جماعات المعارضة السورية».

وأضاف «أوضح رئيس مجلس النواب أن الدولة الإسلامية تتأهب لمحاربتنا، وإننا تعلمنا من درس أنه كلما انتظرنا لفترة أطول  زادت صعوبة اختياراتنا».

توسيع الضربات

بدورهما، أفادت صحيفتا «نيويورك تايمز» و«واشطن بوست»، أمس، عن استعداد أوباما لتوسيع حملة الضربات الجوية إلى سورية بعد بدئها في العراق.

ونقلت «نيويورك تايمز» عن مسؤول حكومي رفيع تأكيده ذلك، في حين نسبته الصحيفة الأخرى إلى خبراء في السياسة الخارجية أجرى الرئيس الأميركي مشاورات معهم هذا الأسبوع.

ونقلت «واشنطن بوست» عن ميشال فلورنوي المساعدة السابقة لوزير الدفاع قولها إن أوباما مصمم على محاربة «الدولة الإسلامية في كل مكان لهم فيه أهداف إستراتيجية»، مشددة على أن التنظيم «لا يحترم الحدود الدولية، ولا يمكننا أن نترك لهم أي ملاذ آمن، أتوقع من الرئيس أن يكون واضحاً جداً».

وكانت 9 بلدان، معظمها أوروبية، شكلت الأسبوع الماضي نواة تحالف قال الرئيس الأميركي إنه سيقضي في النهاية على التنظيم، الذي أعلن دولة الخلافة في الأراضي الواقعة تحت سيطرته في العراق وسورية، وأعدم المئات بينهم صحافيان أميركيان.

اجتماع جدة

عربياً، ومع توجّه وزير الخارجية الأميركي جون كيري إلى الشرق الأوسط من أجل «الحشد لأوسع تحالف ممكن من الشركاء»، أعربت دول عربية عدة عن تأييدها جهود واشنطن لتشكيل هذا التحالف للتصدي للمتشددين في العراق وسورية.

وتستضيف السعودية اليوم محادثات بين كيري ووزراء 10 دول عربية هي دول مجلس التعاون الخليجي الست ومصر والأردن ولبنان والعراق، إضافة إلى تركيا، من أجل القيام بعمل مشترك ضد تنظيم «الدولة».

ووفق وكالة الأنباء السعودية، فإن الوزراء سيناقشون «موضوع الإرهاب في المنطقة، والتنظيمات المتطرفة التي تقف وراءه وسبل مكافحته».

تحفظات عن التحالف

وأفادت مصادر بأن تركيا تحفظت عن الدخول في التحالف الدولي ضد «داعش»، لعدة أسباب أولها اعتراضها على زيادة تسليح قوات البيشمركة الكردية وجزء من أكراد سورية ضد التنظيم، الأمر الذي تعتبر أنه قد يشكل خطرا عليها، كما تعتبر أنقرة أن تجاهل الاستراتيجية الأميركية لموضوع إسقاط نظام الرئيس بشار الأسد سيكون حجر عثرة أمام نجاح أهداف العملية.

 ولفتت المصادر الى أن السعودية أبدت أيضا تحفظا عن هذا الموضوع، مضيفة أن جزءا من اللقاءات على هامش «اجتماع جدة» سيخصص لبحث هذا الأمر.

 وكان الأردن قد رفض الدخول في التحالف الدولي، وقال إنه لن يخوض حروباً عن الآخرين، وتتحفظ عمّان أيضاً عن الدخول في التحالف دون أهداف محددة وقابلة للنجاح في سورية، إذ إنها ترفض تعريض حدودها مع سورية لمخاطر إضافية.

كيري في بغداد

وكان كيري قد وصل، أمس، الى العاصمة العراقية قادماً من الأردن، وأجرى سلسلة اجتماعات مع المسؤولين العراقيين وفي مقدمهم رئيس الحكومة الجديدة حيدر العبادي ورئيس مجلس النواب سليم الجبوري.

وقال كيري خلال مؤتمر صحافي بعد لقائه مسؤولين عراقيين «نعلم جميعا، وأعتقد أننا توصلنا الى ذلك بكل ثقة، إلى أن تحالفنا الدولي سينجح في القضاء على التهديد في العراق والمنطقة والعالم».

ودعا العبادي خلال اللقاء مع كيري الى دعم دولي لمحاربة المتطرفين الذين يسيطرون على مناطق واسعة في البلاد.

وقال إن المتطرفين «يشكلون تحديا للمنطقة بأكملها وللمجتمع الدولي، إذ يصلون إلى العراق عبر الحدود مع سورية، وعلى المجتمع الدولي مسؤولية حماية العراق (...) والمنطقة بأكملها».

وأضاف مستخدما نفس التسمية التي أطلقها الرئيس الاميركي باراك أوباما «إننا مصممون على محاربة هذا السرطان في العراق».

ورحب العبادي بالتحركات التي تهدف الى بناء تحالف دولي لمواجهة «تنظيم داعش الإرهابي»، مشيرا الى أن العراق يرحب بأي «جهد دولي لمساعدته في حربه ضد هذه العصابات»، وفق بيان رسمي.

من جانبه، أبدى كيري دعم بلاده للعراق والحكومة الجديدة وأنها على استعداد لتقديم جميع أنواع الدعم الذي يحتاج إليه العراق في حربه ضد داعش واستقرار أوضاعه الأمنية، وفقا للبيان.

وأشاد بالتزامات العبادي «المهمة» من حيث إعادة بناء الجيش، والقتال ضد «داعش» والإصلاحات الواسعة المطلوبة في العراق والتي وصفها بالضرورية من أجل جمع كافة «جميع شرائح المجتمع على طاولة المفاوضات».

ضغوط شيعية

وبالتزامن مع زيارة كيري، برزت ضغوط شيعية تدعو الى إشراك إيران في اجتماع جدة أو في التحالف الدولي ضد «داعش». في هذا السياق، دعا رجل الدين العراقي مقتدى الصدر، أمس،  الحكومة العراقية إلى عدم التعامل مع «المحتلين».

وشدد على أنه «يجب أن يتعاون العراق مع دول الجوار والحلفاء لا مع المحتلين».

بدوره، اعتبر وزير الخارجية العراقي الجديد إبراهيم الجعفري، الذي ينتمي الى «التحالف الوطني» الشيعي، أن «التنظيمات الإرهابيّة لا تستهدف دولة دون أخرى، وإنما تستهدف الإنسانيّة كلها»، وأكد أهميّة «الحضور الفاعل لدول الجوار في مؤتمر جدة» المزمع عقده اليوم، في إشارة الى إيران.

الجبوري

من ناحيته، أكد رئيس مجلس النواب سليم الجبوري خلال لقائه الوزير كيري، رفضه للضربات الجوية التي تستهدف المدنيين في المناطق التي تشهد عمليات عسكرية.

مؤتمر باريس

وفي إطار الجهود المتسارعة لصد التهديد المتزايد للتنظيم المتشدد، يزور الرئيس الفرنسي فرنسوا هولاند العراق غداً، قبل تنظيم مؤتمر في باريس حول الأمن في هذا البلد يوم الاثنين المقبل.

وقال المتحدث باسم الحكومة، ستيفان لو فول، إن الدول الأربع التي تشغل مقاعد دائمة في مجلس الأمن، وهي الولايات المتحدة وبريطانيا والصين وروسيا، ستمثل في الاجتماع، مشيراً إلى أن قراراً لم يتخذ بعد بشأن مشاركة إيران في الاجتماع لمناقشة كيفية التصدي لتنظيم الدولة.

وكانت فرنسا أبدت في السابق رغبتها في أن تشارك طهران في المؤتمر، إلا أن المسؤولين الإيرانيين اعتبروا أنه لا طائل من عقد الاجتماع من دون تمثيل الحكومة السورية.

وقال دبلوماسي فرنسي بارز «سنحل مشكلة تنظيم الدولة بمشاركة جميع الأطراف، ولكن هناك خطين لا ينبغي تخطيهما: لا مجال للمساومة على المحادثات النووية، ولا مجال للأسد»، في إشارة للرئيس السوري.

(واشنطن، الرياض، القاهرة، باريس- أ ف ب، رويترز،

د ب أ، كونا)