في المقالات الثلاثة الماضية، استعرضت تاريخ الجهراء قبل وبعد استقرار أسرة السعيد الكريمة فيها، وجاء ذلك في معرض ما ذكره حاجي أحمد عندما مرت قافلته بقرية الجهراء في 12 رمضان عام 1279هـ الموافق 4 مارس 1863م.
واليوم نستكمل قراءتنا في هذه اليوميات المهمة. يقول حاجي أحمد «قبل طلوع الشمس جد المسير من الجهرة طالبين الكويت وهؤلاء الجماعة كلهم معنا جميعا والطريق سهل ولما قاربنا البلد وصل الشيخ عبدالله ابن الشيخ صباح مع سعود ابن زبن وسليمان ابن جاسم لاستقبال الباليوز صاحب والظهر صار الدخول في الكويت والمنزل صار في مجلس الشيخ صباح ثم وصل الشيخ صباح لملاقات الباليوز وحصلت الصحبة والأنس بينهم ثم بعده وصل يوسف ابن بدر وتواجه مع الصاحب واتصلت الألفة بينهم. المسافة من الجهرة الى الكويت 5 ساعة». إذن فالمسافة من الجهراء إلى الكويت باستخدام الجمال هي خمس ساعات، وطريقها سهل، ووصل الوفد الإنكليزي إلى الكويت وقت الظهر، وكان في استقبالهم الشيخ صباح بن جابر (العيش) وسعود الزبن وسليمان الجاسم. يقول حاجي أحمد بعد ذلك إن الشيخ صباح وافق على توفير سفينة من نوع «غنجة» لاستخدامها في دخول خور الزبير لجلب أغراضهم الموجودة هناك، والتي لم يستطيعوا إحضارها معهم. كما تم الاتفاق مع صاحب السفينة على مبلغ 680 قراناً (عملة فارسية استخدمت في الكويت في الماضي) مقابل إرسال السفينة وجلب الأغراض من خور الزبير. تقول اليوميات «صار قرار مع الشيخ صباح أن يعطي غنجة لدخول خور الزبير. هذا اليوم تسلمت اربعماية قران للمكادية وأخذنا منهم قبض بشهادة يوسف ابن بدر والباقي الذي هو مايتين وثمانين قران يكون تتسلم لهم بعد الفراغ».وبعد فترة قصيرة، قرر الباليوز، أي المقيم البريطاني، أن يخرج لمشاهدة صحراء الكويت، فرافقه أبناء يوسف البدر، رغم أن الوقت كان «رمضان» وهم لا شك صائمون، ولكنها مسؤولية إكرام الضيف والسهر على راحته. ونلاحظ هنا أن المرحوم يوسف البدر وأبناءه كانوا هم القائمين على راحة الضيف الإنكليزي ومرافقيه منذ التقائهم بهم على ظهر السفينة عند انطلاق الوفد من ميناء بوشهر في إيران.بل إن الضيف ومرافقيه استقروا في منزل البدر في الحي القبلي طيلة فترة مكوثهم في الكويت. في اليوم التالي وهو يوم الجمعة 15 رمضان، قام الشيخ صباح بزيارة المقيم البريطاني، وصار الحديث حول أمور كثيرة تتعلق بالحياة في الكويت وسكانها وقبائلها، وقد أثار موضوع حول إحدى القبائل العربية وهي الصلبة، التي يلبس بعض رجالها جلود الغزلان، حفيظة الضيف الإنكليزي، فطلب الشيخ صباح إحضار بعض رجال القبيلة لكي يراهم، وفعلاً تم ذلك، وأحضروا كذلك حميرهم التي يركبونها بالسروج، ولكن من دون أحزمة. يقول حاجي أحمد «بعد الظهر وصل الشيخ صباح لملاقات الباليوز وصار الكلام عن بدو الصلبة الذي لبسهم جلود غزلان فأتوا بكم واحد منهم بحضور الصاحب كذلك احضروا حميرهم بالسروج الذي يركبون عليها بلا حزام». وفي نهاية هذا اليوم اتفق الوفد الإنكليزي مع النوخذا سالم الهولي لنقل بعض الأغراض من الكويت إلى ميناء بندرابي في إيران، وسلّموه كتاباً وتعاقدوا معه على مبلغ 7 قران مقابل هذا العمل.
أخر كلام
وثيقة لها تاريخ: الشيخ عبدالله والزبن والجاسم استقبلوا وفداًَ إنكليزياً عند وصوله إلى الكويت في 5 مارس 1863م
23-01-2015