الغول المدلل!
التفاعل الشعبي مع ضحايا شركة "أوريدو" كان صاخباً جداً ومتعاطفاً إلى حد كبير، وارتفعت الأصوات لاتخاذ إجراءات مجتمعية منها النقد الواسع والدعوة للمقاطعة ووقف التعامل مع خدماتها، وهذا يدل على مستوى جيد من الوعي المجتمعي، ولكن ذلك لا يكفي على المدى البعيد دون وجود رؤية حكومية واضحة لضبط القطاع الخاص وجعله شريكاً حقيقياً في الاقتصاد الكويتي والمسؤولية الوطنية.
![د. حسن عبدالله جوهر](https://storage.googleapis.com/jarida-cdn/images/1499151557547559900/1499151557000/1280x960.jpg)
تم دق ناقوس الخطر في حادثة المسرّحين عام 2009 وتشرفت حينها بمشاركة الزملاء أحمد السعدون ومسلم البراك والصيفي مبارك الصيفي وخالد الطاحوس في تقديم تشريع متكامل لحماية الكويتيين العاملين في القطاع الخاص من إنهاء خدماتهم بلا "إحم أو دستور"، وعقد البرلمان جلسة استثنائية خلال العطلة الصيفية، وأنهت اللجنة المالية تقريرها النهائي، ولكن الحكومة ألقت طوق النجاة لتلك الشركات ونجحت كالعادة في وأد القانون بمباركة نوابها الحكوميين، واستبدل بقرار وزاري بصرف مساعدات لا ترقى إلى أجور أولئك الناس في مراكز عملهم، وفي نفس الوقت عوضّت تلك الشركات بملايين الدنانير تحت ذريعة الأزمة المالية العالمية!من المفارقات المحزنة أن مقالنا الأخير كان بخصوص إعلان وزير المالية برنامج إصلاح المالية العامة للدولة، ومن أبرز محاور هذا المشروع الدور المركزي للقطاع الخاص، فهل يمكن أن ينجح مثل هذا الإصلاح وهذا موقف الحكومة المتفرج من الممارسات الهزلية لبعض الشركات والقطاعات الخاصة، وبدلاً من الحزم والمحاسبة والرقابة فإن الحكومة سوف تشتري رضا هذه الشركات، وتحيل المسرّحين الجدد على جدول الإعاشة وينتهي الموضوع عند هذا الحد؟!التفاعل الشعبي مع ضحايا شركة "أوريدو" كان صاخباً جداً ومتعاطفاً إلى حد كبير، وارتفعت الأصوات لاتخاذ إجراءات مجتمعية منها النقد الواسع والدعوة للمقاطعة ووقف التعامل مع خدماتها، وهذا يدل على مستوى جيد من الوعي المجتمعي، ولكن ذلك لا يكفي على المدى البعيد دون وجود رؤية حكومية واضحة لضبط القطاع الخاص وجعله شريكاً حقيقياً في الاقتصاد الكويتي والمسؤولية الوطنية في إطار التنمية المستدامة الفعلية وليست الوهمية، ومربط الفرس هل تجرؤ الحكومة على مواجهة هذا الطفل المدلل الذي تحول إلى غول كبير وما زال يرضع من ثديها؟!