رأي: جوانب القوة في انخفاض أسعار النفط

نشر في 25-02-2015
آخر تحديث 25-02-2015 | 00:01
 بلاك ستون في الشهر الماضي، طرحت عشرة توقعات مع بداية العام الجديد تحت عنوان «المفاجآت العشر لعام 2015». وفي تلك المقالة، عرّفت المفاجأة بأنها حدثٌ يعطيه المستثمر العادي فرصةً واحدة فقط للوقوع من أصل ثلاث فرص، لكنني أعتقد أن احتمال وقوعه لا يقل عن 50 في المئة. وفي العادة، أكون مصيباً إلى حد ما في خمس أو ست مفاجآت من أصل عشر في كل عام، لكنني لا أضع هذه القائمة كي أسجّل نتيجة عالية، بل أريد منها توسيع أفق التفكير عندي وعند قرّائي. وفي هذه المقالة، سوف أستعرض تلك التوقعات بمزيدٍ من التفصيل.

 أسعار الفائدة

كانت المفاجأة الأولى التي توقعتها للعام الجديد هي أن يرفع البنك الاحتياطي الفدرالي في وقتٍ أقرب مما كان متوقعاً، إذ يتفق معظم المستثمرين عموماً على أن أول زيادة في أسعار الفائدة قصيرة الأجل ستحدث عند منتصف العام الجاري أو بعد ذلك، لكنني أرى أن البنك الاحتياطي الفدرالي سيتخذ مثل هذا الإجراء في وقتٍ أقرب من ذلك، ربما في الربع الأول.

ويعتقد كثيرون أن ذلك غير مرجح لأن أوروبا تقف على حافة الركود أو قد دخلت فيها بالفعل، كما أن اليابان تعاني أيضاً. ويبررون موقفهم بأن رفع أسعار الفائدة سيعزز قوة الدولار ويؤثر سلباً في الشركاء التجاريين للولايات المتحدة الأميركية، كما أن تحسّن الأجور في بيانات الوظائف لشهر ديسمبر كان أقل من التوقعات، وهذا سببٌ إضافي لتأجيل رفع أسعار الفائدة.

أما أنا فأرى أن البنك الاحتياطي الفدرالي أكثر اهتماماً واستجابة للبيانات المحلية، والتي تشير إلى نمو الاقتصاد الأميركي بمعدل حقيقي يقارب 5 في المئة خلال الربعين الماضيين، بينما انخفض معدل البطالة إلى أقل من 6 في المئة وبدأت الأجور تتحسّن.

الإرهاب الإلكتروني

وفي المفاجأة الثانية، توقّعتُ أن نتعرض لنكسة في مواجهة الإرهاب الإلكتروني الذي نسمع عنه في الأخبار، وأن نفشل في حماية مؤسساتنا المالية الكبرى من الهجمات، ليكون للخوف من إمكانية تعرض البنوك للهجمات الإلكترونية أصداء تتردد في جميع جوانب الاقتصاد. وتستند هذه المفاجأة إلى رأي مفاده أن قدرات قراصنة الإنترنت تفوق قدرات المتخصصين في أمن المعلومات والمكلفين بحماية المؤسسات. وقد رأينا بالفعل مدى الضرر والفوضى التي يمكن أن تسببها الهجمات الإلكترونية في الحادث الذي تعرضت له شركة سوني أواخر نوفمبر الماضي. وأعتقد أن المستقبل يخبئ لنا مشاكل أكثر خطورة في هذا الجانب.

الأسهم الأميركية

وفي المفاجأة الثالثة، أصرّ على أن عام 2015 سيكون جيداً لأسواق الأسهم في الولايات المتحدة الأميركية، على الرغم من رفع أسعار الفائدة على المدى القصير ومشاكل أمن المعلومات، حيث أتوقع نمواً حقيقياً معقولاً بمعدل 3 في المئة في الاقتصاد الأميركي على الرغم من التباطؤ في أماكن أخرى من العالم. وأتوقع توسع الإيرادات بمعدل 4 في المئة ونمو الأرباح بنسبة 8 في المئة بسبب عمليات إعادة شراء الأسهم، والإنتاجية، وعمليات الاندماج والاستحواذ، وعوامل أخرى.

الاقتصاد الأوروبي

تتمحور المفاجأة الرابعة حول الاقتصاد الأوروبي. فقد تكرّر حديث رئيس البنك المركزي الأوروبي ماريو دراغي عن تنفيذ برامج التيسير الكمي، ويبدو أنه قرّر البدء بها أخيراً. لكن المفاجأة هي أن تكون فعالية تلك البرامج أقل من المطلوب وألا تترك أثراً يذكر، بل ستبقى أوروبا على حافة الركود. وتستند هذه المفاجأة إلى سوابق حدثت في الولايات المتحدة الأميركية، فقد أدّت برامج شراء السندات إلى توسيع الميزانية العمومية للبنك الاحتياطي الفيدرالي من تريليون دولار في عام 2008 إلى 4 تريليونات دولار في عام 2014، وقد دفعت هذه الزيادة أسواق الأسهم للأعلى، وأبقت على أسعار الفائدة منخفضة.

تحفيز الاقتصاد الياباني

وفي المفاجأة الخامسة، أتوقع تكرار المفاجأة الأوروبية في اليابان. حيث نرى لدى رئيس الوزراء شينزو آبي تصميماً كبيراً على إعادة بلاده إلى مسار النمو، واستعداداً لتصعيد خطوات التحفيز من أجل تحقيق ذلك. ومن المتوقع أن يجمّد آبي زيادة ضريبة المبيعات الثانية التي كانت مقررة لهذا العام، وتنفيذ تدابير أخرى. والمفاجأة هي أن تفشل كل تلك الإجراءات وتبقى اليابان في حالٍ من الركود خلال عام 2015.

نمو الاقتصاد الصيني

أمّا الصين فهي موضوع المفاجأة السادسة. وبالنظر إلى الإحصاءات الاقتصادية التي تم نشرها من قبل الحكومة الصينية، فقد تجاوز معدل النمو الرسمي 7 في المئة، لكن المحافظة على هذا المعدل يتطلب توسعاً سنوياً في الائتمان بين 15 في المئة و20 في المئة. وأنا أرى أن هذا القدر من النمو الائتماني غير مستدام، وستكون المفاجأة أن تقتنع الصين بمواجهة حقيقة تباطؤ النمو وتعلن ذلك أمام العالم. القيادة الصينية الجديدة تبدو ملتزمة بإعادة موازنة الاقتصاد ليصبح أكثر ارتكازاً على المستهلك، وأقل اعتماداً على الإنفاق الاستثماري على البنية التحتية والشركات المملوكة للدولة.

انخفاض سعر النفط

وسيكون لانخفاض سعر النفط آثار جيوسياسية واقتصادية كبيرة، وهذا هو موضوع المفاجأة السابعة. أعتقد أن انخفاض الإيرادات النفطية سيعمق المشاكل الاقتصادية في إيران، حيث يتوق الشعب هناك منذ مدة لرفع العقوبات كي يتمكن من الاستفادة من الفرص الاقتصادية المتاحة في أماكن أخرى من العالم. ولا يرى كثيرون منهم فائدةً كبيرة من برنامج تطوير الأسلحة النووية بالنسبة للمواطن الإيراني العادي.

نفوذ روسيا

وفضلاً عن ذلك، فإن هبوط سعر مزيج برنت لما بين 40 و50 دولاراً للبرميل سيكون له أثرٌ مهم على نفوذ روسيا وقيادتها. وهذه هي المفاجأة الثامنة. كان الاقتصاد الروسي يعاني حتى قبل فرض العقوبات وانهيار أسعار النفط.

وقد تفاقمت الأوضاع منذ ذلك الحين، إذ تكاد احتياطيات البلاد من النقد الأجنبي تنفد، وقد تكون روسيا على أعتاب أزمة حقيقية. وأعتقد أن الوضع خطيرٌ للغاية، وأنّ الناس بدأوا يفقدون الثقة في بوتين. ويمكن أن تُرفع العقوبات إذا وافق الرئيس الروسي على الامتثال لبرنامج النقاط الـ12 الذي تم اقتراحه قبل أربعة أشهر، وربما سيضطر بوتين للرضوخ عند مرحلة ما، لكن تلك الهزيمة ستدفعه للتنحي. وفي وقتٍ لاحق من هذا العام، سوف يتحسّن الطلب على النفط من العالم النامي، ما سيرفع سعر النفط من جديد ليعود مزيج برنت إلى مستوى 70 دولاراً للبرميل.

سندات الطاقة

أعتقد أن الانخفاض الحاد في أسعار النفط كان له أثرٌ كبير على أسواق العائد المرتفع، إذ تمثّل سندات الطاقة نحو 20 في المئة من سوق العائد المرتفع وقد أثر تراجعها على كل شيء في هذه الفئة من الأصول، وخلق فرصة للشراء. وهذه الفرصة للشراء في سندات الطاقة هي المفاجأة التاسعة.

الحزب الجمهوري الأميركي

وفي المفاجأة العاشرة والأخيرة، أتوقع أن يدرك الجمهوريون أنه من الأفضل تقديم حزبهم للشعب الأميركي باعتباره الحزب الذي يستطيع تحسين حياتهم. لقد خسر الحزب الانتخابات الرئاسية بفارق أربع نقاط مئوية فقط في عام 2012، وإذا تمكن من كسب جزء من أصوات الأميركيين من أصل إسباني، ممّن منحوا أصواتهم بأغلبية ساحقة لأوباما، فإن ذلك سيحسن فرصتهم في الفوز بالانتخابات المقبلة. ويمكن أن يساعد جِب بوش في تحقيق ذلك، وهو المرشح الجمهوري الأوفر حظاً للرئاسة.

موجة جفاف قاسية

كما هي الحال في كل عام، توجد بعض المفاجآت الثانوية الأخرى التي لا تصل إلى قائمة المفاجآت العشر، إما لأنني لا أعتبرها على القدر ذاته من الأهمية، أو لأنني لست واثقاً تماماً من كونها «مرجّحة» بنسبة تفوق 50 في المئة. وأول تلك المفاجآت هي أن تصبح المياه القضية البيئية المركزية للمدافعين عن البيئة، بينما يتراجع تلوث الهواء للمرتبة الثانية.

وقد تتعرض أجزاء كبيرة من الولايات المتحدة الأميركية لموجة جفاف قاسية تضر بالإنتاج الزراعي. ويعيش في الصين والهند مئات الملايين من الناس دون مياهٍ نظيفة صالحة للشرب، ما يجعلهم عرضة للإصابة بالأمراض. وسيصبح الصراع على حقوق المياه قضية سياسية مهمة في آسيا.

التجارة عبر الإنترنت

وفي المفاجأة الثانوية الثانية، أتوقع أن تتعرض التجارة عبر الإنترنت لأزمات، حيث لم تتذمر الفنادق التجارية وخدمات سيارات الأجرة التقليدية من شركاتٍ مثل Airbnb وUber عندما كانت مجرّد أعمال صغيرة قليلة التنافسية، لكنها اليوم أصبحت شركات عملاقة ذات عمليات عالمية، وهي تتعرض لضغوطٍ متزايدة لضمان حصولها على التراخيص الملائمة ودفع الرسوم والضرائب المناسبة. لكن فرض الامتثال على المشاركين المستقلين سيكون أمراً صعباً، وستشهد أسهم هذا القطاع تصحيحاً حاداً.

عودة البرازيل

وفي المفاجأة الثانوية الثالثة، أتوقع أن تستعيد البرازيل عافيتها، وأن تقدم رئيستها ديلما روسيف عدداً من السياسات المحفزة للأعمال لتحسين معدلات النمو وتبتعد عن سياساتها ذات التوجه الاشتراكي. وتمتلك البلاد موارد طبيعية هائلة وطبقة وسطى متنامية، ما يمنحها إمكانات كبيرة. وقد يعود المستثمرون إلى شراء الأسهم البرازيلية.

انسحاب هيلاري كلينتون

أخيراً، أعتقد أن هيلاري كلينتون، المرشح الديمقراطي الأوفر حظاً للرئاسة في انتخابات عام 2016، سوف تنسحب من السباق. وإذا تم اختيار جِب بوش ليكون مرشح الحزب الجمهوري واستطاع كسب عددٍ معقول من الناخبين ذوي الأصل الإسباني، وامتنع بعض الليبراليين عن التصويت بسبب شكوكٍ بشأن علاقة كلينتون مع وول ستريت وهوليوود، فقد يكون السباق الانتخابي متقارباً للغاية. وحتى لو ترشحت كلينتون وفازت بالرئاسة، فإن صعوبة تمرير التشريعات المهمة في الكونغرس الذي يهيمن عليه الجمهوريون قد يكون محبطاً لها. وربما تجتمع كل هذه العوامل لتدفعها للانسحاب، ما سيضع الديمقراطيين في موقفٍ صعب ومربك.

والآن، بعد أن عرضت كل ما لدي، دعونا نتابع ما سيحدث في هذا العام.

* بايرون واين ، نائب رئيس شركة بلاك ستون

back to top