فجر يوم جديد: {في بيتنا بركات}
![مجدي الطيب](https://storage.googleapis.com/jarida-cdn/images/1458322261627985900/1458322269000/1280x960.jpg)
في اللقطة الأولى من فيلم {في بيتنا رجل} تتصدر قبة جامعة القاهرة المشهد، وكأن {بركات} يراهن على جيل بأكمله يثق في أنه حامل لواء الثورة، مثلما يرى أن الجامعة هي منبع الشعور القومي للأمة، والمحرر لها من نير المحتل الغاصب، وبالشاعرية نفسها يمضي في طريقه؛ حيث يتشبث بالتوقيت الذي اختاره {إحسان عبد القدوس} في روايته (أحد أيام شهر رمضان... والساعة الخامسة مساء، قبل الإفطار بساعة ونصف الساعة). ومجدداً تأتي سيرة أحمد عرابي عندما يكتب البطل {إبراهيم حمدي} رسالة إلى والده يؤكد له فيها أنه مُقدم على عمل بوحي من ضميره... {من أجل مصر ومن أجل كل أم مصرية تريد أن تكون أماً لأحرار لا أماً لعبيد}، وهنا لا تملك سوى تذكر المقولة الخالدة للزعيم أحمد عرابي: {لقد خلقنا الله أحراراً، ولم يخلقنا تراثاً أو عقاراً؛ فوالله الذي لا إله إلا هو، لا نُورَّث، ولا نُستعبَد بعد اليوم}. ثم يأتي توظيف مدفع رمضان، الذي ينطلق في أول الفيلم، وكأنه يحمل الكثير من الحمم والبراكين والغضب الدفين المعتمل في نفوس المصريين. وبنفس {الرومانسية} يتناول المخرج قضية على درجة كبيرة من الخطورة والتعقيد، وأعني بها ظاهرة {الاغتيال السياسي}؛ فها هو ينحاز إلى بطله في موقفه المدافع عن حرية الوطن، ويحشد الأسلحة التي تقود إلى التعاطف معه، بداية من اختيار عمر الشريف بملامحه ذات الخصوصية، وشعبيته، ووسامته الملحوظة، ورصد التحول الخطير الذي اعترى عائلة مصرية، كعشرات العائلات التي لم تقرب السياسة يوماً، ولم ينخرط أحد من أبنائها في تظاهرة، إلا أن الحس الوطني يفرض عليها أن تبدل قناعاتها!وثّق بركات أجواء شهر رمضان وطقوسه، وكما صوّر المدفع الشهير، قدم، بشكل خاطف، لقطة لطفلتين تحملان فانوس رمضان بينما تتردد عبر شريط الصوت الأغنية الشهيرة {وحوي يا وحوي}، وبالرؤية الناعمة نفسها رصد أجواء القهر والتعذيب، والممارسات المنحرفة للبوليس السياسي. وتبعاً لطبيعته المتوازنة لم يلجأ إلى اتهامات التخوين، وكما قدم شخصية {الدباغ} ضابط البوليس السياسي، الذي باع نفسه، ثمَن الدور الذي أداه {عبد الحميد}، عندما رفض المكافأة الضخمة التي رصدتها الحكومة لمن يدلها على الهارب، وهو أحوج الناس إليها. ومع نهاية الأحداث يكشف بركات عن وجه ثوري خالص عندما يجعل {البطل} يصرف النظر عن قرار السفر إلى فرنسا هرباً من الملاحقة الأمنية، ويتشبث بالبقاء داخل الوطن ليواصل كفاحه ضد المحتل. ويُنهي بركات الفيلم بعبارة تقول: {من استشهد في سبيل بلاده لم يمت.. والحرية أغلى من الحياة}... وبدلاً من كلمة {النهاية} يكتب على الشاشة {كانت هذه هي البداية}.