أثنى وزير الخارجية المصري السابق د. نبيل فهمي على رئاسة الكويت للقمة العربية خلال العام الماضي، مشيرا الى أنه تابع خلال العام الماضي الجهود التي بذلتها الكويت من خلال رئاستها التي تتسم بالحكمة والمهنية الشديدة والانتماء العروبي الكبير، ويجب أن نسجل لها ذلك، وما بذلته الكويت من جهد في ظروف صعبة.

Ad

وقال فهمي، خلال محاضرة نظمها المعهد الدبلوماسي صباح أمس، تحت عنوان "الوضع العربي بين الحاضر والمستقبل" بحضور وكيل وزارة الخارجية خالد الجارالله، والمدير العام للمعهد الدبلوماسي د. عبدالعزيز الشارخ ومسؤولي وزارة الخارجية، وعدد من أعضاء السلك الدبلوماسي في الكويت، أن "العالم العربي في خطر ليس ككيان جغرافي وثقافي، وإنما ككيان سياسي"، لافتا الى أنه "ككيان سياسي نجده مهتزا في كثير من قراراته، مترددا في تصرفاته يعالج كردّ فعل للأحداث، وليس يدير أو يسيطر على مستقبله وأهدافه".

وأكد أنه "لابد أن يشعر المواطن بأن هويته تضمن له كامل حقوقه، وأن انتماءه الوطني أساس لحياة حرة كريمة"، مؤكدا ضرورة "التعامل مع كل تطرف بقوة، ويجب أيضا التعامل بحكمة فكرية تجاه الأفكار المتطرفة، فلا يمكن أن نتهاون في التعامل مع الإرهاب، ولا توجد معالجة من دون معالجة فكرية تستوجب الجهد الأمني".

وشدد على ضرورة تشكيل قوات أمنية عربية لمواجهة الإرهاب، معتبرا ذلك شيئا مفيدا ومطلوبا، ومن الممكن أن يكون بين دول محددة وتتسع مستقبلا.

اتهام الغير

وأضاف فهمي "إذا نظرنا إلى العالم العربي فسنجد أن التغيير المفاجئ فيه أكثر في معدلاته عن التغيير المفاجئ في أي منطقة في العالم، وسنجد أن المنطقة العربية أكثر المناطق جاذبية للنزاعات، سواء العربية - العربية وغيرها وأكثر الساحات دموية"، مؤكدا أنها "المصدر الرئيسي للفكر التكفيري في الساحة الدولية يتبعه اللجوء الى العنف".

وتابع أن "المحير مع كل هذا أن العالم العربي يميل الى اتهام الغير في مشكلاته، ثم يستدعي الغير لحل هذه المشكلات"، لافتا الى أن هذا "التناقض حقيقي أن نتهم ثم ندعو نفس الأطراف لحل قضايانا".

 وقال "إن نصف العالم العربي تحت سن الـ 25 عاما، و65 في المئة أقل من 30 سنة، وهذا يعني أن المجتمع العربي يريد التغيير، لأن طبيعة الشباب تتطلع للتغير"، لافتا الى أنه "لهذه الأسباب والعديد منها سلبي، سيستمر العالم العربي بحال اضطراب إذا استمررنا على منهج عملنا الحالي".

وأشار الى أن "المستقبل خصوصا في أيدينا، ووفق تصرفنا ومنهجنا والقرارات العربية - العربية".

وأوضح فهمي أن "المطلوب في العالم العربي هو أن يتم أولا تغيير منهج عملنا لضمان استقلالية القرار العربي"، مؤكدا أن "استقلالية القرار لا تعني العزلة عن العالم، إنما يعني أخد المبادرة في التعاون مع القضايا بشكل مبكر والاعتماد على الغير فقط في دعم قراراتنا، لأن استدعاء الغير لحل قضايانا خطأ".

3 تحديات

وقال إن "أمام العالم العربي 3 تحديات، أولها الحفاظ على الهوية العربية لدولنا كأساس، وأن تجمع كل مواطنيها بكل التوجهات، ويجب أن نقف أمام من يريد تفتيتها لمصلحة العرقيات، وثانيا بناء الكيان العربي اقتصايا واجتماعيا للانضمام لركاب التقدم العالمي"، مشددا على "أهمية وجود الطبقة الوسطى لاستقرار الأوطان العربية، لأن كل دول العالم المتقدمة انطلقت من تقدمها من الطبقة الوسطى، ثالثا إرساء منهجية جديدة في العمل السياسي العربي كإيجاد آلية للتعامل مع هذه القضايا عربيا، لأننا لا نستطيع الاعتماد على الغير ثم نشكو تركيز الغير على مصالحه".

وأضاف: "لكي ننجح في ذلك، فإن أول خطوة على كل منا داخل دولنا مخاطبة مجمعاتنا وشعوبنا ومصارحتهم بالفرص والتحديات والمخاطر والمسؤوليات، وأن تكون هناك علاقة تعاقدية بين السلطة بكل أوجهها والمواطن، ويجب أن تكون علاقة مختلفة لكي يشعر المواطن بهويته أنها الأساس قبل أي شيء آخر".

ولفت الى أنه "من واقع تجربته، فإن العالم الدولي بدأ يشك في قدرة العالم العربي على التعامل مع قضاياه والانضمام الى ركاب التحضر، وينظر للمنطقة كأنها عبء وغير قادرة على التعامل مع التحديات"، مؤكدا ضرورة أن يطور العالم العربي رسالته للعالم الغربي، ويثبت أننا ننتمي إلى العصرية ونحترم القانون الوطني والدولي، ونضمن حقوق الإنسان على رأسها حياة حرة واحترام حق الفرد، وكما ذكرت فإنه لا نجاح في الخارج إذا ما نجحنا في الداخل، فأولى الخطوات بناء العالم العربي داخليا".

52 مليون أمي

وتساءل: كيف ننضم للتحضر الدولي ويوجد 52 مليون أمي في الوطن العربي؟ كيف نخلق طبقة وسطى و35 في المئة على الأقل دون خط الفقر؟

ودعا فهمي القمة العربية إلى أن تنظر بجدية في رفع مستوى التعليم ومواجهة الفقر، وكذلك تشجيع الاستثمار بين الدول العربية"، لافتا الى أنها "مصالح مشتركة للجميع من خلال حلول مبتكرة لإسهام القطاع الخاص في معالجتها".

وأشار إلى "أن وضع الجامعة العربية يحتاج إلى مراجعة شاملة، وهي عريقة وأولى المنظمات وجودا قبل أي منظمة إقليمية أخرى"، مشيرا الى انه "لم يتم تطويرها، وتعاني عدم وجود إرادة سياسية".

وعن كيفية تعامل العرب مع قضاياهم السياسية، قال "أولا وجود رؤية وعدم التصرف كرد فعل"، لافتا الى أن "ما نشهده الآن مع بعض التجاوزات كان ممكنا توقعه، معطيا مثالا على ذلك بداعش".

مبعوث عربي

وقال: "لا بد من رفع الكفاءة الدبلوماسية العربية"، مشيرا الى أنه "دائما يوجد مبعوث أممي لليبيا وسورية وغيره، ولا يوجد مبعوث عربي، والمفروض أن يكون هناك مبعوث عربي يكمل عليه بجهد دولي".

وتطرق إلى ملف التفاوض مع إيران حول برنامجها النووي، وأشار الى انه "لا يوجد طرف عربي واحد فيها".

وعن عملية السلام في الشرق الأوسط قال "لا توجد عملية سلام عربية - اسرائيلية لسببين؛ أولا الحكومة الإسرائيلية لا تؤمن بإقامة دولتين، ثانيا الوضع الإقليمي يسلط الأضواء على أمور أهم حاليا"، مؤكدا ضرورة "ممارسة ضغط سياسي ضد ممارسات إسرائيل الى أن نعود إلى مفاوضات جادة".

وعن الوضع في سورية، قال الوضع يثير كل المخاطر التي أشرت اليها مثل الهوية العربية الطائفية العرقية، بدأ بخلاف سوري - سوري وبين دول عظمى ودول في المنطقة، لا يوجد حل عسكري، ولا أرى حلا سياسيا قريبا، ولابد من الحفاظ على وحدة الدولة، وأهمية تحاور الأطراف الإقليمية المعنية بالقضية، وحوار أميركي - روسي، ولابد من خلق حوار سوري - سوري، لست متفائلا، فالجهد الحالي لمبعوث الأمم المتحدة انكمش لمحاولة خلق وقف إطلاق النار في حلب.

وفي ليبيا واليمن، أشار الى أن الأوضاع انهارت كليا، والوضع في ليبيا يشكل خطرا شديدا على مصر، وفي اليمن يشكل خطرا شديدا على الخليج.

وعن تركيا، ذكر أنها من الدول المهمة في المنطقة، والخلاف بين مصر وتركيا بدأ في تركيا، ويجب أن ينتهي في تركيا، ولا نقبل تدخلا تركيا في شؤوننا"، لافتا الى أن "السعودية ومصر وتركيا دول كبيرة، والتعاون بينها مفيد للمنطقة".

وعن الإخوان في مصر، أكد أن "الجرح كبير جدا، ومشكلة الإخوان في مصر أنهم ينظرون الى أنهم هم مصر، ونحن نراهم جزءا من مصر"، مؤكدا ضرورة تغيير نهج الإخوان، وأن تكون مصر الأساس، إضافة الى البعد عن العنف".

الجارالله: نقل السفارات الخليجية إلى عدن لوجستي

 قال وكيل وزارة الخارجية خالد الجارالله، إن نقل السفارات الخليجية الى عدن بدلا من صنعاء لوجستي، وليس تكريسا للانقسام في اليمن، كما يدعي البعض، لأن تدهور الأوضاع في صنعاء لا يتيح فرصة المشاركة لجميع الأطراف. وأكد الجارالله في مؤتمر صحافي أمس، على هامش المحاضرة التي نظمها المعهد الدبلوماسي، وحاضر فيها وزير الخارجية المصري السابق الدكتور نبيل فهمي، أن إجتماع وزراء دول الخليج بالوزير جون كيري بالرياض الأسبوع الماضي، "كان اجتماعا جيدا ومهما جداً، وتم خلاله استعراض شامل لجميع قضايا المنطقة"، مضيفا "كنا في أمس الحاجة إلى هذا الاجتماع للاستماع الى وجهة النظر الاميركية حيال هذه القضايا للبحث والتشاور مع أصدقائنا في الولايات المتحدة حيال الأوضاع التي  تتعرض لها، وفي مقدمتها الحملة الإرهابية الشرسة التي تتعرض لها الأمة العربية سواء في سورية او العراق او اليمن او ليبيا، وبالتالي نحن نعتقد اننا والولايات المتحدة شركاء".

وعن المقترح الاميركي بإقامة مظلة نووية لدول الخليج لحمايتها من أي خطر نووي قادم، أوضح الجارالله ان "الولايات المتحدة أعلنت دائما انها ملتزمة بحماية أمن دول الخليج، وبالتالي نحن نثق بهذا التعهد الأميركي، ولديها خيارات عديدة متعلقة بهذه الحماية".

وبشأن ما قاله كيري لدول الخليج عن الملف النووي الايراني، قال الجارالله ان "كيري أكد ان الاتفاق مع الجانب الايراني لن يكون على الإطلاق على حساب دول الخليج، وأنهم ملتزمون في مجموعة (٥+١) تماماً بإطلاع دول مجلس التعاون على جميع التفاصيل".

اليمن

وعن ما فهم ان نقل السفارات الخليجية الى عدن بدلا من صنعاء على أنه تكريس للانقسام في اليمن، اكد الجارالله ان "الموضوع لا ينظر إليه في هذا الإطار على الإطلاق، ولكن الموضوع لوجستي، وليس هناك مجال لاستمرار الحوار للمعالجة الحقيقية للوضع المتدهور في صنعاء".

وفيما يتعلق برؤيته لنقل الحوار اليمني الى الرياض وفقا لطلب الرئيس اليمني عبد ربه منصور هادي وبموافقة خليجية قال: "نتمنى ان ينقل الى الرياض، خصوصا في ظل تدهور الأوضاع في صنعاء، والتي لا تتيح فرصة المشاركة لجميع الأطراف، ولكن اجتماع الرياض سيعطي الفرصة لجميع الأطياف أن تشارك بفاعلية".