بعض الذكريات

نشر في 06-11-2014
آخر تحديث 06-11-2014 | 00:01
بودي أن أؤكد أن سرد الذكريات يأتي من منطلق تسجيل بعض الأحداث وتقديم الشكر والعرفان والذكر الطيب لرجال من هذا الوطن العزيز كان لهم أدوارهم في مراحل هامة من تاريخ هذا الوطن، شعارهم الفعلي والاسمي خدمة الكويت شعباً وأرضاً.
 يوسف عبدالله العنيزي بعد أن قضيت نحو ثلاث سنوات في العمل بالسفارة في مدينة جدة، وأثناء وجودي في البلاد بإجازة خاصة قمت كالعادة بزيارة للأستاذ راشد الراشد وكيل وزارة الخارجية في ذلك الوقت للسلام والتحية، وقد أبلغني مشكوراً أن المملكة العربية السعودية قد وافقت على قيام دولة الكويت بفتح قنصلية لها في مدينة الرياض تحت مسمى "مكتب دولة الكويت التجاري"، وقد أسندت إلي مهمة إنشاء ذلك المكتب ورئاسته، وكم شعرت بالفخر لذلك، فقد كنت أول قنصل بل أول دبلوماسي في تلك المدينة العزيزة، وذلك قبل نقل السفارات من مدينة جدة، والواقع أن المكتب التجاري لم يقتصر عمله على مجال معين بل شمل جميع المجالات بلا استثناء.

بعد صدور ذلك القرار الكريم شددت الرحال من جدة إلى مدينة الرياض، حيث باشرت العمل بإدارة المكتب بتاريخ 30/ 9/ 1977.

في البداية كان مقر السكن في فندق "إنتركونتننتال الرياض" حتى تم استئجار سكن في حي الملز لمالكه الأخ العزيز إبراهيم العلي النملة، وكان يحيط بنا جيرة طيبة من أمثال د. غازي القصيبي والسيد محمد أبا الخيل، والأخ العزيز عبد المحسن الراشد وغيرهم من إخوة أعزاء كرام، وتم بعد ذلك استئجار فيلّا لمالكها السيد حمد الجاسر لتكون مقراً للمكتب، وتقع في بداية شارع الستين، وكان أكبر شارع في الرياض في ذلك الوقت، وقد كان الأخ الكريم جاسم الشراح الملحق الإداري في المكتب خير مساعد ومعين.

 في الأسابيع الأولى من العمل بدأنا بتكوين دائرة من الأصدقاء كان منهم على سبيل الذكر لا الحصر الأخ الكريم سمير الهاجري والأخ العزيز محمد الغنيمان، ورجل الأعمال المعروف السيد حمد الدهامي- رحمه الله- الذي أقام حفل عشاء ضم الكثير من الإخوة ورجالات الرياض، ومنهم الأخ الكريم د. إبراهيم العواجي وكيل وزارة الداخلية السعودي في ذلك الوقت الذي سعدت بصداقته طوال مدة إقامتي في الرياض التي قاربت أربع سنوات.

 دارت أحاديث ممتعة وشيقة مع د. العواجي ولعل أهمها كان موضوع اللجنة الكويتية السعودية المكلفة بإنهاء وضع المنطقة المقسومة بين البلدين، وكان يرأس الجانب الكويتي فيها السيد عبدالعزيز العتيبي- رحمه الله- أمين عام مجلس الوزراء في ذلك الوقت، وقد تم إيقاف عمل اللجنة قبل أن تنهي عملها، وقد تم الاتفاق مع د. العواجي على أن نبذل الجهد من أجل إعادة إحياء عمل تلك اللجنة، وعليه قمت بطرح الموضوع برسالة خاصة للأستاذ راشد الراشد، وما هي إلا أيام حتى تمت إعادة عمل اللجنة وأسندت رئاسة الوفد الكويتي إلى اللواء عبداللطيف الثويني وكيل وزارة الداخلية في ذلك الوقت، كما أسندت رئاسة الوفد السعودي للدكتور إبراهيم العواجي، وقد أنهت اللجنة عملها وتمت إحالة الموضوع إلى جهاز تنفيذ اتفاقية المنطقة المقسومة برئاسة الأخ جاسم العون.

 في ذلك الوقت أيضاً تم إنشاء اللجنة الاقتصادية الكويتية- السعودية، وكان يرأس الجانب الكويتي فيها الأخ عبدالوهاب النفيسي، وقد قامت تلك اللجنة بدراسة العديد من المشاريع المشتركة، وقد شهدت العلاقات بين البلدين زخماً قوياً وآفاقاً رحبة غاية في الأهمية والخصوصية والتنسيق؛ في ظل أوضاع إقليمية ودولية تستدعي التشاور والتعاضد في مواجهة تلك الأمواج العاتية والمتغيرات الحادة؛ مثل الثورة الإيرانية والغزو السوفياتي لأفغانستان، وأسعار النفط غير المستقرة، والزيارة الفاصلة في تاريخ المنطقة التي قام بها الرئيس أنور السادات لإسرائيل وتوقيع اتفاقية كامب ديفيد، وغيرها من أحداث أدت إلى تكثيف الزيارات بين مسؤولي البلدين، فما يكاد أسبوع يمضي دون أن نستقبل شخصيات ووفوداً رسمية هامة، وفي الوقت نفسه كانت تتسع دائرة الأصدقاء ممن يسر الخاطر بذكراهم من أمثال الأخ الكريم عبدالعزبز الإبراهيم والأخ العزيز وليد الإبراهيم مالكي مؤسسة "M.B.C" الإعلامية. كانت مدينة الرياض في بداية نهضتها واتساع العمران فيها، ومن تلك المشاريع الهامة كان إنشاء الحي الدبلوماسي، وذلك تمهيداً لنقل السفارات من مدينة جدة إلى مدينة الرياض، وعليه فقد قامت وزارة الخارجية السعودية بدعوة رؤساء البعثات الدبلوماسية لحضور العرض الذي ستقدمه الشركة المنفذة للمشروع، وقد تلقيت دعوة كريمة من الأخ العزيز عبد الرحمن النويصر مدير المراسم لحضور ذلك العرض، ونظراً لإلغاء رحلة الخطوط السعودية لم يتمكن أحد من رؤساء البعثات الحضور، وعليه فقد كنت الدبلوماسي الوحيد الموجود، فقام الأخ النويصر بإطلاعي على بعض المخططات لذلك الحي، وقد فوجئت بأن السفارة الكويتية قد صنفت من ضمن "الفئة ج" التي تحدد مساحة الأرض المخصصة لها بـ"2000 م"، فطلبت من الأخ العزيز عبدالرحمن النويصر نقل تصنيف السفارة إلى "الفئة ب" التي تحدد مساحة الأرض بـ"8000م"، كما قمت باختيار الموقع الحالي لسفارة دولة الكويت في الرياض.

والواقع أني لم أكن أملك تفويضا بتغيير الطلب الذي سبق أن وافقت عليه وزارة الخارجية والسفارة في جدة، ولكني طلبت زيادة المساحة للسفارة نظراً لما كنت ألمسه من آفاق رحبة في العلاقات بين البلدين، وكم سررت عندما استلمت رسالة خاصة من الأستاذ راشد الراشد تؤيد ما اتخذته من طلب تغيير الفئة، وقد التقيت بعد تحرير دولة الكويت من براثن الاحتلال العراقي بالأخ سعود العصيمي الذي أبلغني مشكوراً: "لقد ذكرناك بالخير فقد أتاحت لنا المساحة المتوافرة إقامة بعض أجهزة الدولة، كما اتخذت وزارة الخارجية مبنى السفارة كمقر مؤقت للوزارة".

وهنا بودي أن أؤكد أن سرد الذكريات يأتي من منطلق تسجيل بعض الأحداث وتقديم الشكر والعرفان والذكر الطيب لرجال من هذا الوطن العزيز كان لهم أدوارهم في مراحل هامة من تاريخ هذا الوطن، شعارهم الفعلي والاسمي خدمة الكويت شعباً وأرضاً. ندعو الله أن يحفظ الكويت وقيادتها وأهلها من كل سوء ومكروه.

back to top