فاتن حمامة والدراما... أعمال قليلة ونجومية كبرى
تقتصر أعمال فاتن حمامة الدرامية على مسلسلي {ضمير أبلة حكمت}، إلى جانب مسلسلات إذاعية من بينها: {أفواه وأرانب}، و{البراري والحامول}. ولكن رغم ذلك، حققت سيدة الشاشة العربية نجومية من خلالها، إلى جانب نجوميتها على الشاشة الفضية.
رغم مرور 15 سنة على تصوير {وجه القمر}، ما زال المخرج عادل الأعصر يذكر تمسك فاتن حمامة بالجانب الإنساني في شخصيتها أكثر من كونها {سيدة الشاشة العربية}، وتحليها بالتواضع وحرصها على أن تكون أول من يحضر إلى موقع التصوير، ويساند المشاركين في العمل أمام الكاميرا وخلفها، لا سيما غادة عادل، نيللي كريم، أحمد الفيشاوي الذين قدمتهم كنجوم، بعدما منحتهم جزءاً من خبرتها في الكواليس، لذا وصفها بأنها نجمة وإنسانة صعب أن تتكرر.بدورها تؤكد الناقدة ماجدة خير الله، مؤلفة مسلسل {وجه القمر}، أنها تشرفت بقبول سيدة الشاشة العربية قصة المسلسل، وأداء دور البطولة، ما سمح لها بالتعرف عن قرب إلى هذه الفنانة.تضيف: {كشفت لي الكواليس الكثير من شخصيتها، فهي تتسم بوعي وإدراك لكل ما يحدث من حولها، ولعل هذا ما يجعلها تحكم عقلها وتتأنى في خياراتها، إذ لديها هدف واضح من عملها في الفن، ولم تتوانَ عن التصريح في المواقف الصعبة التي تتطلب منها الخروج لإبداء رأي أو إظهار موقف ما}.تلفت إلى {أن فكرة اعتزال التمثيل لم تخطر ببال فاتن حمامة}، مشيرة إلى أن حمامة، بعدما قدمت {وجه القمر} (2000) عُرضت عليها موضوعات من مؤلفين ومخرجين يتمتعون بقيمة فنية عالية، لكنها اعتذرت لعدم وجود ما يجذبها فيها أو يدفعها لتصويرها، وبعض المشروعات التي وافقت عليها توقفت لأسباب إنتاجية، وأخرى تراجعت عن قبولها لرغبة صانعيها في تنفيذها بأقصى سرعة من دون التدقيق في التفاصيل، وهو ما كانت ترفضه تماماً}.تتابع: {لم تحترم فاتن حمامة جمهورها فحسب، بل كل من يعرض عليها عملاً، فكانت تقرأه كاملاً ثم توضح أسباب قبولها له أو رفضها، وذلك اعترافاً منها بأن هذا المبدع احترمها ورغب في أن تقدم فيلمه أو مسلسله، لذا عليها في المقابل احترامه وتقدير مجهوده، على عكس كثر من الجيل الجديد الذين لا يقرأون الأعمال ويرفضون من بعيد أو قد يقبلون من دون قراءتها.توضح أنها ظلت على تواصل مع فاتن حمامة بعد الانتهاء من {وجه القمر} وعرضه، ثم قل التواصل بينهما، وأصبح يقتصر على المناسبات والأعياد، مشيرة إلى أن بساطة فاتن كانت واضحة حينما يتحدث إليها أي شخص، وهي ترد على هاتف منزلها من دون أي وسيط.خيارات ودهشة بقدر ما أدهشت فاتن حمامة جمهورها في السينما، فعلت ذلك في الدراما التلفزيونية، برأي الناقد كمال رمزي، وذلك عبر خياراتها المتميزة التي أبرزت مواقفها من القضايا التي تواجه المرأة والوطن. مثلاً، عالجت مشكلة تردي حال التعليم في مصر في «ضمير أبلة حكمت»، وسلطت الضوء على المشكلات التي تواجه التلامذة أثناء دراستهم، كذلك قدمت مشكلة اجتماعية تواجه نساء كثيرات في الوطن العربي في «وجه القمر».يضيف: «رغم النجاح الذي حققته في مسلسليها، غياب فاتن حمامة عن الدراما التلفزيونية مبرر، وتبين لي ذلك أثناء حواري معها خلال تكريمها في مهرجان دبي السينمائي».يتابع: «ذكرت فاتن أنها تلقت عروضاً كثيرة ولكنها رفضتها خشية أن يؤثر وضعها الصحي على هذه الأعمال. ربما تقبل بطولة عمل تتراجع عنه ولا تعود قادرة على استكمال التصوير، فتضيع أموال المنتج ومجهود العاملين فيه. كذلك تلقت عروضاً بأدوار مكررة، وهي لم تكن ترغب في ذلك، حفاظاً على المكانة التي احتلتها خلال سنوات طويلة. أتمنى أن يكون مشوارها ملهماً للأجيال الصاعدة من الممثلات».أما الناقد نادر عدلي فيؤكد أن فاتن حمامة حققت معادلة صعبة من خلال حفاظها على مكانتها في السينما والتلفزيون، فحضرت في الأولى عبر أجيال سينمائية متنوعة، وبقيت نجمة شباك من الدرجة الأولى. أما في التلفزيون فقدَّمت موضوعات أثارت اهتمام المشاهد العربي لاقترابها منه، وتمتعها بنسبة مصداقية عالية لديه. ويشدد على أن هذه المعادلة لا يمكن لأي فنان تحقيقها، فغالباً ما يكون ناجحاً سينمائياً وفاشلاً تلفزيونياً أو العكس، لكن نادراً ما يحافظ النجوم على النجاح في الشاشتين.يتابع عدلي أن اقتناع فاتن حمامة بأنها حققت هذه المعادلة الصعبة جعلها تبتعد عندما لم تجد أفكاراً قد تغري سيدة في هذه المرحلة المتقدمة من العُمر، أن تترك منزلها وتقصد موقع التصوير، وكلما زاد الابتعاد كانت المعايير التي تدفعها إلى قبول المسلسلات أكثر صعوبة.سمة الجودةيعتبر الناقد محمود قاسم أن الجودة هي السمة التي تجمع بين المسلسلين الوحيدين اللذين قدمتهما فاتن حمامة، عازياً ذلك إلى موهبتها الفريدة من نوعها، واهتمامها في التفاصيل بدقة، بدءاً من القصة والمخرج الذي سيقدمها للمشاهد، وصولاً إلى الممثلين.يضيف: «قدمت العملين في فترات الغنى الفني لديها، وعملت مع مخرجين ومؤلفين كبار شكلوا فريق عمل قوياً، وأعطت الفرصة للجدد لينطلقوا معها، على غرار المخرج عادل الأعصر في أول أعماله التلفزيونية «وجه القمر»، كذلك شكل «ضمير أبلة حكمت» علامة مميزة في تاريخ المخرجة إنعام محمد علي.يُرجع توقفها عن العمل في التلفزيون بعد «وجه القمر» إلى كونها وصلت إلى نجومية جعلت بعض الكتّاب يقدم أعمالاً خصيصاً لها، مثلما حدث مع شادية ونجمات في مثل هذه المرحلة العمرية، بعدما وجدن أن موضوعات المسلسلات الراهنة لا تناسبهن.