أغنية مميزة هي التي تعلن ثبوت رؤية هلال شهر رمضان المبارك، ولا أظن أحداً يجهلها، فكل الإذاعات والفضائيات تفسح لها المجال وتعيد تكرارها مراراً، ألا وهي أغنية الفنان محمد عبدالمطلب الشهيرة التي كتب كلماتها حسين طنطاوي، ولحنها محمود الشريف «رمضان جانا... أهلا رمضان»، يصدح فيها صوته بجمال كلماتها التي تبعث في الروح نفحات الزمن الجميل التي نفتقدها في زماننا الذي لا يقيم فيه الكثيرون قيمة لهذا الشهر الفضيل، فنياً.
فمنذ ظهور هذه الأغنية ارتبط سماعها بثبوت رؤية هلال رمضان، كما ارتبطت أغنية أم كلثوم التي تقول فيها «يا ليلة العيد آنستينا... وجددت الأمل فينا»، بثبوت نهاية الشهر الفضيل والإعلان عن يوم عيد الفطر.لقد تعرضت النفحات الرمضانية وروحانياتها لهجمات فنية منذ سنوات أصابت جوهر غالبية الإنتاج الفني الخاص برمضان من الأغنيات، وكذلك المسلسلات التلفزيونية بموضوعات فيها الكثير من «المعيب» الذي لا يمكن أن يكون وقتها هذا الشهر.يبدو أن هناك إصراراً على التنافس بين هذه المسلسلات دون إحساس بفضل اليوم الرمضاني، وكذلك «الخيام الرمضانية» التي يقضي الناس سهراتهم فيها يتسامرون في جو مغاير لم تعرفه الأجيال السابقة، حيث كانت الليالي الرمضانية تتميز بسهرات عائلية يتم فيها تلقين الصغار بعض الفضائل التي تعودهم الصوم، واللقاءات على موائد الإفطار أو تبادل الأطباق بمأكولات تختص بهذا الشهر الفضيل، وهي كثيرة ومتنوعة في بلاد المسلمين.الطقوس الرمضانية في العالم الإسلامي تتغير وتتطور مع كل جيل، فلم نعد نرى الأطفال الذين يغنون في الأزقة بشكل كبير، وهم يطرقون أبواب البيوت فرحين ومهللين حاملين فوانيس صغيرة من «الصفيح» تعمل بالوقود التقليدي «النفط»، فقد حلت محلها فوانيس تعمل بالبطارية، وبأشكال متعددة يلهو بها الأطفال داخل بيوتهم أو خارجها بصحبة الخادمات، لما طرأ على الحياة من تعقيدات، فأصبح الخوف على الأطفال من كثرة السيارات وحوادثها يحتل مساحة على حساب فرحة لياليهم الرمضانية وبهجتها.لا نفقد الأمل في الحاضر رغم مرارة أيامه التي تفجعنا بالحروب، وسيبقى رمضان شهر خير وبركة يحمل الطمأنينة والبشرى للجميع حتى قيام الساعة.* كاتب فلسطيني ـــ كندا
مقالات - اضافات
«رمضان جانا!»
13-06-2015