أمر عادي انسوه
![حسن العيسى](https://www.aljarida.com/uploads/authors/25_1682522445.jpg)
«تأخر مراقب في ديوان المحاسبة»، عبارة لا يراد بها غير تكريس «اعتياد التقبل للخطأ» في اللاوعي عند المواطنين، وأن ما حدث يعد أمراً عادياً، وبالتالي تأخر مراقب أو تأخر مسؤول (مسؤولين) في وزارة التعليم العالي، أو إهمالهم، أو أخطاؤهم، كلها أمور عادية، وهي نتيجة المصادفة والقدر، لا تختلف في مضمونها «الإهمالي» عن قضايا مثلها في عنوان اللامبالاة «العادية» كتعطل إنجاز استاد جابر، أو توقف العمل في مشاريع محددة، أو انفجار محطة مجاري مشرف قبل سنوات وتدمير البيئة البحرية، أو، أو، وعندكم الحساب، من مهزلة اختناقات المرور ومواقف المرور داخل العاصمة، حتى نصل لقضايا مثل الإيداعات والتحويلات وتفصيل المناقصات، والحساب الرقمي الرهيب لمدير التأمينات السابق، وقبلها الاستثمارات الخارجية أيام الاحتلال والناقلات... وتظل تتدفق في بحيرة الآسن الكويتية مجاري الفساد دون توقف... لكن لا بأس، ستعتادون عليها، وكثير منا اعتادوا فعلاً عليها، فهي أمر بسيط، أو يتكرر من أمور عادية تحصل عند معظم خلق الله، خطأ... وماذا يعني الخطأ في دولة ودول تأسست حداثتها على فضيلة الخطأ... لكن إن شاء الله لن يتكرر مرة أخرى، و»قبضوا من دبش...».هل تعرفون أنه قبل أربعة أيام توفي «لي كوان هو» مؤسس «الدولة المدينة» السنغافورية، دولة معدمة من دون أي موارد طبيعية حين استلم حكمها بعد الاستقلال عن بريطانيا والانفصال عن الاتحاد الماليزي وبها ثلاث قوميات، وحين مات كان معدل الدخل الفردي بها أعلى من نظيره في بريطانيا الدولة التي استعمرتها.تابعت معظم ما كتب عن لي كوان في الصحف الأجنبية... هل تعرفون أن تلك الصحف العريقة اتفقت على تقييم حكمة بانه، أولاً، شخص غير قابل للفساد، والحزم والشدة بالعدل في تطبيق القانون كانا مسطرته في الإدارة، ثانياً، هل تعرفون كيف استثمر في وطنه...؟! استثمره بالإنسان السنغافوري وبتعليمه الجاد... بينما في دولنا استثمرنا في الفساد وبتعليم أطفالنا ثقافة مع حمد قلم، وأغسل يدي قبل الأكل وبعده... هل تعرفون هذا؟ فأي مستقبل ينتظر تلك الدولة السنغافورية الغنية بثروة إنسانها؟ وأي مستقبل ينتظر الدولة الكويتية بتراكم فسادها ودمار مؤسساتها؟.