أكد المتحدثون في الجلسة الحوارية «حقوق الإنسان... ملفات عالقة» التي نظمتها جمعية الخريجين، ضرورة إيجاد تشريعات رادعة لانتهاكات حقوق الإنسان، تكون واضحة التطبيق.
بمناسبة الاحتفال بالذكرى الـ 66 لصدور الاعلان العالمي لحقوق الانسان، نظمت جمعية الخريجين امس الاول جلسة حوارية تحت عنوان «حقوق الانسان... ملفات عالقة».وقال استاذ العلوم السياسية في جامعة الكويت د. غانم النجار: «لما تأسس مجلس حقوق الانسان في يونيو 2006، في العاصمة السويسرية جنيف، كان الصراع مُحتدما وعلى اشده في محاولة لواحدة من أهم وأبرز عمليات التطور بآليات الامم المتحدة لحماية حقوق الانسان وهي التحول من لجنة الى مجلس حقوق الانسان»، لافتا الى انه «ليس من الانصاف تقييم حقوق الانسان منذ صدور الاعلان العالمي في سنة 1948، حيث كانت حقوق الانسان عبارة عن مجموعة مبادئ لم تكن مُفعلة مطلقا، وكانت ممارسات دول العالم حينذاك مُجافية وغير مُتسقة ومبادئ حقوق الانسان الذي جاء بها الاعلان، اضافة الى ان الدول العظمى في العالم مثل بريطانيا وفرنسا والولايات المتحدة والاتحاد السوفيتي كانت تستعمر نصف العالم تقريبا».وأضاف: «كان هناك صراع سياسي مع نهاية الحرب البادرة، حيث ظهرت بعض التحركات وتم الاتفاق على كيفية الانتقال الى خطوات افضل في مجال حقوق الانسان، اذ كان لدى الامم المتحدة جهاز لحقوق الانسان يضم 5 موظفين فقط يقتصر عمله على توزيع المطبوعات، وطرحت قضية انشاء مكتب سام لحقوق الانسان، وحدث صراع في عام 1993 ما بين ان يكون المكتب تابعا للجمعية العامة للامم المتحدة، او للامين العام، وأخيرا نجحت الولايات المتحدة وغيرها من الدول في ان يكون تابعا للامين العام، في محاولة لتقليل قيمته، غير انه الان منتشر في قرابة 60 دولة حول العالم ويضم اكثر من الف موظف».جرائم حربولفت النجار الى انه «منذ 30 عاما بالكاد كان يوجد مركز يمنح درجات علمية في حقوق الانسان، اما الان فلدى الجامعات برنامجان او اكثر لدراسة حقوق الانسان، فضلا عن النمو المُذهل الذي طرأ على موضوع العدالة الجنائية الدولية، وانني شخصيا حضرت في سبتمبر 2013 محاكمة اول رئيس سابق لليبيريا هيج تشارز تيلر الذي ادين بالسجن 50 عاما لاقترافه جرام حرب وجرائم ضد الانسانية، والان يقضي ما تبقى من مدة عقوبته في سجون بريطانيا». وأكد النجار وجود تراجع في حقوق الانسان تجلى في اشكال وصور عدة على شاكلة «غوانتنامو»، والتقرير الصادر عن مجلس الشيوخ الاميركي «الكونغريس» في 6300 صفحة حول التعذيب في السجون الاميركية المتورطة فيه وكالة الاستخبارات «C I A» الذي اماط اللثام عن ممارسات تعذيب اكثر فداحة وأكثر قسوة، اضافة الى سجن «بوغريب»، الممارسات غير الانسانية التي حدثت بداخله، ما حدا بالمحكمة العليا الاميركية الى اصدار قرار بنشر الف صورة من تلك الممارسات التي حدثت هناك»، مضيفا: «هذه الممارسات تجعلنا نتساءل: هل مفهوم حقوق الانسان قابل للتطبيق؟».سحب الجناسيواشار النجار الى موضوع سحب الجناسي في بلد مثل الكويت، الذي يناقش حتى في الديمقراطيات الغريبة، لافتا الى ان «الخطورة ليست في سحب الجناسي، بل ان يكون الامر مقبولا لدى الناس ويقروا بصحته»، مؤكدا ان «المُحصلة النهائية لحقوق الانسان ما تزال مُخيبة للامال، والطريق لم يزل طويلا امام احترام الانسان وكرامته»، مشددا على ان الفقر ألد اعداء حقوق الانسان والمناهض الاول لها.وأضاف: «هناك مصطلح في القانون الدولي لحقوق الانسان هو (النازحون) أو (المُشردون)، وهناك قرابة 10 ملايين سوري في حالة ضياع، منهم 3.5 ملايين لاجئ لدى بلدان اخرى، والمُشردون داخليا حتى فترة وجيزة لم تكن لهم اي حماية، وبعد ضغط شديد اصبح لهم قسم في المفوضية العليا لشؤون اللاجئين، وهم اردأ حالات البشر في الدنيا»، لافتا الى ان «البشر اكثر المخلوقات التي تقتل بعضها دون سبب، وهذه كارثة»، مبينا ان المادة الاولى من الاعلان العالمي لحقوق الانسان، تنص على أن «يولد الناس متساوين في الكرامة»، غير أن هذه الكرامة غير موجودة، وغير مقبولة.العنف ضد المرأةمن جهتها، طالبت مديرة مركز حقوق الانسان التابع لجمعية المحامين الكويتية شيخة الجليبي بإنشاء مراكز ايواء تحتضن المرأة التي تتعرض للعنف من القاطنين معها في بيت واحد، على أن تكون مؤهلة باختصاصيين نفسيين واجتماعيين.وأوضحت الجليبي أن «العنف الممارس ضد المرأة ليس عنفا جسديا بالضرورة فقد يكون لفظيا او بالاضطهاد النفسي»، مشيرة الى ان «آلية تقديم الشكوى والاثبات غير منصفة بحق المرأة، مؤكدة اهمية مراكز الاستماع لدورها في مساعدة المعنفات، لاسيما مع وجود احصائية تشير الى ان هناك جريمة عنف يوميا تمارس ضد المرأة وهو ما تم التبليغ عنه في المخافر، الى جانب ما لم يبلغ عنه»، مشددة على ضرورة توعية النساء والرجال بحقوقهم حتى لا يتم تجاوز كرامة اي منهما لان الجهل يساعد على العنف، لافتة الى ان العنف ضد المرأة له انماط عدة منها ما يعرف بالعنف المنزلي، المتمثل في الاغتصاب، والضرب، والاحتجاز، ومواقعة المرأة.المليفي: تواطؤ اجتماعي وتأييد شعبي لبعض الانتهاكاتاكد الكاتب الصحافي ابراهيم المليفي أن «الدول الغربية التي صرحت بسحب الجناسي عن بعض مواطنيها، ذكرت السبب في ذلك، وهو تطوعهم بالقتال بين صفوف الجماعات والتنظيمات الارهابية، غير انهم لم يستخدموه لتصفية خلافات سياسية».واعتبر ان «ما حدث في الكويت من سحب جناسي يختلف عما حدث في بعض الدول العربية، في ظل تورط الاف من مواطني تلك الدول بالقتال مع تنظيمات ارهابية في سورية والعراق»، متسائلا: «هل انتهاكات حقوق الانسان التي تمارس في الكويت ممنهجة ومقصودة ومخطط لها بصورة او بأخرى؟».وأضاف: «سؤال المرحلة كيف نتعامل مع التأييد الشعبي لانتهاكات حقوق الانسان، مثل انتهاك الحقوق الاساسية للبدون، وانتهاك حقوق الكويتية المتزوجة بغير كويتي، في ظل وجود تواطؤ اجتماعي وتأييد شعبي لمثل هذه الانتهاكات».العنزي: نقص مُذهل في تشريعات صون حقوق الإنسانقال رئيس جمعية الخريجين سعود راشد العنزي: «نحن بحاجة ماسة الى تشريعات محلية تكون حائط صد لأي محاولات انتهاك لحقوق الانسان، ويجب على المُشرع الالتفات الى مثل هذه التشريعات، والاستماع عن كثب لاصحاب هذه القضايا»، مضيفا: «انني على قناعة بأنه بات لزاما اشراك المعنيين بالامر بصورة مباشرة عند التشريع».وأوضح العنزي، في مُداخلة خلال الحلقة الحوارية، أن «الثورة الاعلامية الحادثة في العالم الان، وبروز دور مواقع التواصل الاجتماعي، واستخدام الهواتف الذكية، جعلت الكرة الارضية قرية واحدة، وأي انتهاك لحقوق الانسان يحدث في اي دولة في اي مكان ينتشر سريعا في دول العالم اجمع خلال دقائق معدودة»، مستشهدا بحادثة مقتل الشاب الاسود، مايكل براون على يد شرطي في مدينة فيرغسون بولاية ميزوريو الاميركية، وكيف أُثبتت الحادثة من خلال تصويرها بهاتف نقال، معتبرا أن «هذا التطور يكشف الممارسات غير الانسانية التي تقترف بحق البعض، إذ لم يعد هناك مجال للتستر، سواء كانت الدولة سلطوية او ديمقراطية، اضافة الى انه لم يعد هناك تذرع بكلمة السيادة، فلا سيادة في انتهاكات حقوق الانسان».وعن الشأن المحلي قال العنزي: «إن هناك العديد من الانتهاكات ما تزال مُعلقة، كالعنف ضد الطفل في ظل غياب تشريع رادع يمنع حدوث مثل هذه الانتهاكات، والعنف ضد المرأة، اضافة الى العنف المستمر ضد العمالة المنزلية، والذي ينتهي في معظم الاحيان بإلقاء اللوم على الضحية، وإبعادها عن البلاد»، مؤكدا أن «الكويت تعاني نقصا مذهلا في التشريعات المحلية التي تصون حقوق الانسان»، مشددا في الوقت ذاته، على ضرورة سن تشريعات ذات آليات واضحة في التطبيق.الفيلي: التشريعات لم تفلح في التعامل مع الانتهاكاتأكد الخبير الدستوري د. محمد الفيلي، مدير الجلسة الحوارية، أن «كل قضايا حقوق الانسان التي لم نتوصل فيها الى حل تُعد معلقة»، متسائلا: لماذا صدر الاعلان العالمي لحقوق الانسان؟، مستدركا بالقول: «لان التشريعات الداخلية لم تفلح في التعامل مع الامر، لاسيما ان قضايا حقوق الانسان بدأت من الداخل سواء الانسان في مواجهة الدولة، او الانسان في مواجهة الاخر، وهذا يقود الى نتائج خطيرة جدا».وتابع: «عندما نتحدث عن (قضايا مُعلقة) فهل في الكويت ام في غيرها من الدول في ظل انتقال انتهاكات حقوق الانسان من دولة الى اخرى في هذا العالم القرية؟».
آخر الأخبار
جلسة حوار «الخريجين»: المُحصّلة النهائية لحقوق الإنسان لا تزال مُخيّبة للآمال... ومعيار الكرامة غير مقبول
12-12-2014