دشنت تونس المسيرة الإصلاحية، التي طال انتظارها بالنسبة للشعب العربي كله، الذي لم يتذوق طعم الديمقراطية الحقيقية منذ قرون عدة، حتى أصبح المواطن العربي، بعد يأسه، يدعو الله أن يُنعم عليه بحاكم عادل ينقذه من مصائبه الجمَّة، التي جعلته محتقَراً في العالم الذي دخل عصر الحداثة العالمية، وتوّجت هذه المسيرة بانتهاء الانتخابات الرئاسية أمس الأول.

Ad

فإذا كان البوعزيزي هو الشرارة التي فجَّرت طاقات الشعب التونسي، وأوصلته إلى بر الأمان، فإننا نأمل أن تعمّ بشائر الديمقراطية وطننا العربي كله.

إن تجربتنا، نحن في الكويت، الفريدة في المنطقة، التي فجَّرت إبداعاتنا في مختلف المجالات لم تعمّر كثيراً، فقد تم إجهاضها بالقوة عام 1967، فخسرنا ميزتنا، كقدوة في المنطقة ومنارة للمواطنين العرب في بلدانهم.

ولا شك أن تجارب، كهذه، محاربة في المنطقة، لأنها تهدد نمط الحكم السائد بكل أنواعه، لذلك لن نستغرب أن تتكالب قوى التخلف في المنطقة لوأد المسار الديمقراطي، وسنبقى مؤمنين بأن القوى الخيّرة في تونس وشبابها الرائع والواعي قادرة على حماية الديمقراطية الوليدة، التي تمثل طوق النجاة لنا جميعاً.

إن المطلوب من هذه القوى أن تدرك تمام الإدراك أنها في أول الطريق، وعليها أن ترصّ صفوفها، لمراقبة المسيرة وحمايتها، وتنبيه الجميع وتحذيرهم من أي إجراء يعرقلها أو يحرفها عن طريقها، فالديمقراطية الحقيقية تكمن في المساواة التامة بين المواطنين، واحترام كرامتهم، ووضع الرجل المناسب في المكان المناسب، من دون أي اعتبار آخر، واحترام الدستور والقوانين التي لا يمكن تغييرها إلا بالإرادة الشعبية، من خلال مؤسسات الدولة المنبثقة من الجهات المتخصصة التي أقرها الشعب... أما موارد الدولة، بكل أنواعها، فهي ملك عام لأفراد الشعب، بمختلف أطيافه ومكوناته، وليست لزمرة من المتنفذين والمتنفعين و«الحرامية».