بين صبية لم يُكمل بعضهم عامه السادس عشر، وشباب يعملون على إزالة أكوام الرمال، ورجال يقومون بمقايسات، يجري العمل الدؤوب تحت شمس الظهيرة على مدار الساعة، في مشروع حفر "قناة السويس الجديدة"، ليحفروا تفريعة جديدة للقناة حدد مهلتها الرئيس عبدالفتاح السيسي بعام واحد فقط.

Ad

المشروع من المُفترض أن يوفر نحو مليون فرصة عمل ويضاعف دخل قناة السويس من 5 مليارات دولار شهرياً إلى 13 مليارا، بعد اكتمال مراحله خلال الأعوام الثلاثة المقبلة، إلا أنه لا يوفر الآن سوى فرص عمل محدودة.

أحمد العايدي، الصبي الذي لم يكمل عامه السادس عشر واحد ممن حالفهم الحظ للعمل في المشروع، حيث يعمل تباعاً على سيارة نقل، ويقيم في الموقع الميداني للمشروع داخل "الكرفان" الذي بناه المقاول، ويتقاضى 1200 جنيه شهرياً (حوالي 175 دولارا).

يُعد العايدي الشاي للسائقين ويقوم بغسل السيارة وتشحيمها، بينما يقيم مع السائقين من أبناء عمومته في الكرفانات الخاصة بهم، ويعمل من السادسة صباحاً وحتى السادسة مساء.

ورغم مشقّة العمل في الصحراء وحرارة الشمس المرتفعة، فإن الطفل لا يشعر بها لاعتياده العمل في ظروف صعبة، وسط سيارات النقل والكراكات التي تحفر المشروع، بينما تنتشر الخيام والكرفانات، التي أقامتها الشركات للعمال، فيما لا تتوقف حركة العمل إلا مرتين فقط، الأولى من الواحدة للثانية ظهراً، والثانية من السادسة إلى الثامنة، بينما تعمل المعدات نهاراً وليلاً على مدار الساعة.

مهنٌ ثلاث فقط يعمل أصحابها في المشروع الذي انطلق أول أغسطس الماضي، "قائد سيارة نقل، سائق لودر، تبّاع"، هذه المهن الثلاث هي الأكثر عملاً في المشروع العملاق الذي يشارك في تنفيذه مقاولون إلى جوار "الهيئة الهندسية للقوات المسلحة"، التي تستعين بعمال من الخارج، بالإضافة إلى مجندين، للقيام بعمليات الحفر.

الكهرباء، لم تصل إلى أرض المشروع بعد، الآلاف من العمال يقضون ليلتهم في الظلام الدامس الذي لا تخترقه سوى كشافات الإضاءة التي يستخدمونها من هواتفهم المحمولة، في ظل أزمة انقطاع للتيار الكهربائي التي تشهدها مصر أخيراً.

بالتزامن مع تنفيذ المشروع، تقوم حفارات ضخمة بالحفر لأعماق بعيدة لتمرير خطوط المياه الصالحة للشرب وخطوط المياه العكرة والكهرباء، والتي تنفذها إحدى الشركات الخاصة من أجل تغذية الضفة الشرقية، حيث تصل المرافق إليها عبر مواسير ضخمة، سيتم ضخها على غرار الموجود منها راهناً أسفل المشروع، على أن يتم الانتهاء من تنفيذها في غضون 6 أشهر، بحيث لا تتوقف الإمدادات مع افتتاح القناة الجديدة للعمل.

المنصة التي أطلق منها الرئيس السيسي المشروع يوجد بها ضباط من الإدارة الهندسية للقوات المسلحة، ودورهم هو استقبال أصحاب السيارات واللوادر المحدودة، والتنسيق بينهم وبين المقاولين لمشاركتهم في أعمال الحفر، مقابل الاتفاق على أجور محددة مسبقاً تصرف أسبوعياً، بينما يكون الضباط هم حلقة الوصل حال وجود مشكلات بين المقاولين وأصحاب السيارات والحفارات.

وتعد "قناة السويس" أقصر ممر مائي بين الغرب والشرق، ويبلغ طولها 193 كم بين بورسعيد على البحر الأبيض المتوسط والسويس على البحر الأحمر، وتم افتتاحها في عام 1869.