هل تكون «تدمر» نقطة تحول في سورية؟
صحيح أن الاستيلاء على تدمر شكل انتصاراً كبيراً لـ«داعش»، إلا أن هذا الموقع الأثري قد يتحول بالنسبة إلى الأسد، سواء عمداً أو عن غير قصد، إلى نجاح دعائي مماثل لما قدمته دوبروفنيك للكروات.
![بلومبرغ •](https://storage.googleapis.com/jarida-cdn/images/1609181327374933500/1609181342000/1280x960.jpg)
دخل الجنود الصرب في الجيش اليوغوسلافي سيراً على الأقدام تقريباً إلى مدينة دوبروفنيك، ولم يواجهوا ما يبطئ تقدمهم سوى التعقيدات اللوجستية بسبب عمليات النهب، وهكذا حاصروا المدينة، ودمروا المدينة الحديثة خارج أسوار المدينة القديمة، وكانوا من الغباء بمكان، حتى إنهم ألقوا بعدد كبير من القذائف على المدينة الفينيسية القديمة التي لا تعوَّض، مع أنهم أكدوا أنهم لن يقدموا على أمر مماثل. نتيجة لذلك ازداد الرأي الدولي اقتناعاً بأن الصرب متوحشون في حرب كان كثيرون، على غرار وزير الخارجية الأميركي جيمس بايكر، يشعرون حتى تلك المرحلة أن "لا دخل لهم فيها". يعرف العالم مسبقاً أن "داعش" مجموعة متوحشة، إلا أنه لم يصطف بعد إلى جانب الأسد، فمنذ بداية الصراع السوري قبل بضعة أعوام، كان هدف الأسد إقناع العالم بأنه أقل الشرين، وأنه ضروري لكبح لجام التطرف الإسلامي؛ ولهذا السبب عزز نمو "داعش"، مركزاً نيرانه على قوات الثوار المعتدلين بدلاً من ذلك. إذاً، صحيح أن الاستيلاء على تدمر شكل انتصاراً كبيراً لـ"داعش"، إلا أن هذا الموقع الأثري قد يتحول بالنسبة إلى الأسد، سواء عمداً أو عن غير قصد، إلى نجاح دعائي مماثل لما قدمته دوبروفنيك للكروات.لكن السؤال الذي ينشأ هنا: هل يحقق "داعش" كل التوقعات ويدمر كنزاً آخر من كنوز التاريخ البشري التي لا تعوّض؟ بالنظر إلى سجله في العراق، يكون الجواب "نعم" على الأرجح، لكن احترام تدمر لا يتوقف عند الانقسامات السورية، وقد سعى "داعش" أحياناً للظهور بمظهر السوري الحقيقي أكثر منه الأجنبي بغية الفوز بالدعم المحلي. ولكن لا يسعنا إلا أن ننتظر ونأمل الخير.مارك تشامبيون - Marc Champion