أزمة الجنوب تضع حكومة تونس على حبل مشدود
تركيبة الوزراء وضم «النهضة» من أبرز مآخذ الحزب الحاكم على الصيد
تواجه حكومة الحبيب الصيد في تونس تحدياً لإقناع أهل الدار بجدارتها في تسلم الحكم قبل مواجهة سهام المعارضة الهامشية في البرلمان.ومع أن الحكومة الائتلافية التي تشكلت من خمسة أحزاب حازت أغلبية مريحة من مجلس نواب الشعب، إلا أن الشكوك حول أهليتها لم تقتصر على الدائرة الضيقة من المعارضة فحسب، إنما جاءت من الجناح المعارض داخل حزب حركة نداء تونس الفائز بالانتخابات التشريعية والرئاسية في 2014.
وبعد نحو أسبوع من تسلمها الحكم لا تبدي بعض الصقور داخل نداء تونس ارتياحها لحكومة الصيد، ولا تتوسم فيها خيراً خلال المرحلة الصعبة التي تنتظر البلاد من إصلاحات اقتصادية واسعة وتحديات ساخنة ترتبط بالتشغيل والتنمية والاستثمار.وترتكز المآخذ التي يبديها القياديون المعارضون في النداء أساساً حول تركيبة الحكومة وشخص الحبيب الصيد نفسه، إلى جانب ضم حركة النهضة الإسلامية، القطب السياسي الآخر في البلاد، إلى الحكم.وقال العضو في الهيئة التنفيذية عبدالستار المسعودي، إن «الحكومة ولدت ميتة واعتبرها بمنزلة سفينة نوح فهي سمحت للجميع بالركوب». وأضاف المسعودي «شخصية الحبيب الصيد لا تتناسب مع المرحلة، وتم اختياره من قبل رئيس الدولة، وهو مناف للدستور. جل القياديين في النداء كانوا يمنون النفس بأن يكون رئيس الحكومة من النداء».ولم يكن من الصعب ملاحظة الضغوط التي فرضها قصر قرطاج الرئاسي لترشيح الصيد، الذي شغل عدة مناصب في حكم الرئيس المخلوع زين العابدين بن علي، ومنصب وزير الداخلية في حكومة الباجي قايد السبسي المؤقتة في 2011 ثم عمل مستشارا أمنيا مع الحكومة الإسلامية، بعد انتخابات أكتوبر من نفس العام. وينظر قياديون في النداء إلى أن تنصيب الصيد قلص من حجم التعاطف الذي لقيه الحزب في الشارع، لأن الرغبة الشائعة لدى الناخبين كانت القطع مع أي رواسب من الماضي.وانعكس هذا الرأي على جلسة منح الثقة للحكومة في البرلمان، حيث امتنع عدد من نواب النداء عن التصويت لحكومة الصيد، أبرزهم القياديان عبدالعزيز القطي وخميس قسيلة.واعترض النائبان في مؤتمر صحافي على العدد المحدود من الحقائب الوزارية الممنوحة للحزب في الحكومة، كما أبديا تحفظهما إزاء عدد من الوزراء، وفي مقدمتهم وزير الداخلية ناجم الغرسلي.وضاعف التحالف الحكومي مع حركة النهضة من الضغوط على حكومة الحبيب الصيد المدعوة إلى تقديم نتائج على الأرض في الملفات الاجتماعية والاقتصادية، بعيداً عن النجاح المعلن في جمع الإسلاميين والعلمانيين في حكومة واحدة بعنوان المصلحة الوطنية.وتمثل الاحتجاجات، التي اندلعت في مدن بالجنوب وفي المناطق الحدودية مع ليبيا ضد رسوم حكومية، للمطالبة بالتنمية والتشغيل، أول اختبار للحكومة الوليدة، ولكنها تؤشر أيضاً على دقة المرحلة المقبلة التي تنتظر إجراءات مرتقبة ترتبط بمراجعة الدعم، وخفض الأسعار والأجور والانتدابات في القطاع العام.ووضعت الأزمة المبكرة في الجنوب الحكومة الآن على حبل مشدود، إذ يتعين عليها السرعة في رد الفعل عبر الدفع بإجراءات عاجلة، وفي نفس الوقت تقديم إشارات إيجابية لباقي المناطق المحرومة في الجهات الداخلية.(تونس - د ب أ)