{معرض في ثلاثة فصول} لمارون حكيم... شلالات نور تسير عكس الزمن الحالك
{معرض في ثلاثة فصول} جديد الرسام التشكيلي والنحات مارون حكيم الذي تجاورت فيه اللوحات والمنحوتات في حوار خاص بين المادة والروح لا يدخل إلى كنهه إلا من اختار أن يتفاعل مع الأعمال بإحساسه.
معرض مارون حكيم الجديد في البيت- المحترف الذي أسسه في بلدته مزرعة يشوع في منطقة المتن- جبل لبنان، يتضمن منحوتات من الصخر والرخام، تجميعاً، تصويراً بالأكليريك والزيت، تتناغم على وقع قصيدة تعبق بعتاب وانخطاف وانتظار، وتتغاوى على وقع شعاع من نور يخترق النبع ويعبر الطبيعة ويستقر في {منازل فرح} قرميدها يجاور السماء...في أعمال مارون حكيم تأخذ المصطلحات والرموز معاني خاصة، وتسترجع صدى أوجاع شخصية، وترقص على وقع الجمر والغبار، جمر الموت، جمر النشوة، جمر الأيام، جمر العبور من الجحيم... وتعيد رسم محطات من عمق الإيمان ووهج التطلع نحو السماء، مظللة بالأمومة والحنان والولادة واللقاء بالآخر... كأنها جميعها تنصهر في مخاض لتولد من جديد على وقع رقصة الحرية.
لغة تشكيلية خاصةحلم أبيض يرافق الأعمال ويحاول إزاحة القناع عن الليل ويغرق في انخطاف يحمله إلى أحضان الأزرق الرابض على وقع موسيقى الطبيعة.عندما نتأمل أعمال مارون حكيم نلاحظ أنها تتبع في تطورها مساراً يذهب من التكعيبية إلى التجريدية ومن ثم الواقعية- الرمزية، إذا صح التعبير، لا سيما في أعماله الأخيرة الميكسد ميديا.على غرار تعرجات الحياة التي لا تنتهي يبتكر مارون حكيم لغة للأشكال التي تقيم علاقة متبادلة متجددة بين بعضها البعض، فترتدي العناصر الواضحة والواقعية التي نصادفها في حياتنا اليومية ثوباً نصف تجريدي وتتسامى في تشكيلية غير مرتبطة بزمان ومكان. هكذا تصبح الخيوط والحديد المنصهر والخشب... كلها رسولة البشرية الزائلة التي تعبر، في تركيبة جديدة، إلى حياة أخرى ذات معانٍ عميقة، قادرة على بناء الإنسان في توقه إلى الجمال والأصالة والخلود.إلى جانب لوحات الطبيعة التي هي احتفالية دائمة بالنور والشمس، الرجل والمرأة حاضران أبداً عند مارون حكيم، يحتفلان بالحياة في حركات تجريدية وأخرى واقعية... الوجه هو هو لا يتغير في شخصياته، ذلك أن الحياة المتمثلة بلقاء، بالمعاناة، بالحرب والأمل ... تأسر النظرة في مساحات غموض الموت والقيامة. المواد المستعملة تتراوح بين القماش والخشب، غايتها إقامة خلاصة بين الرسم والنحت، حيث تبدو الأشكال والألوان كأنها تعزز نشأتها المتبادلة وتؤكد وجودها على مساحة اللوحة.يرسم كما ينحت وينحت كما يرسم، هكذا يبحث مارون حكيم عن وحدة بين الأشكال المختلفة التي تتحد في روحه وتترجم شفافيته وروحانيته التي تحتفي بالله الغامض والواضح في آن، بالإنسان الذي يرمز من خلاله إلى ذاته في أبعاده الوجودية، وأيضاً برغبته بالاتحاد بالحب المطلق، من هنا يمكن تلمس النار الداخلية التي تنبض في أعماله، وتبين غناه الروحي والثقافي والمعرفي والفكري، وشغفه اللامحدود بكل ما حوله، فهو يدرك كيفية استخراج الجمال من كل جماد وكل متحرك، لدرجة أنه يعزف على وتر الفرح حتى في الأعمال التي تنبض بالمعاناة والأمل.أعمال تتراوح بين أحجام صغيرة ومتوسطة وكبيرة ومنحوتات صغيرة ومتوسطة... ابتكر مارون حكيم فصلا جديداً زاده على الفصول الثلاثة، هو فصل الاحتفال بالحياة رغم ما يحيط بالواقع من بشاعات ودماء وحروب لا تنفك تتنقل من بلد إلى آخر، وكأن مارون حكيم أراد أن يجعل متحفه واحة أمل ورجاء تذكر الإنسان بجذوره الضاربة عميقاً في كنه الله وأن ينقل إليه عدوى التفاؤل في ليل حالك مظلم لا تستكين فيه أصوات الحروب... ربما هنا تكمن أهمية الفنان الذي يمارس بريشته وإزميله وإبداعه فعل ابتكار عالم على وسع أحلامه وآماله... نبذةولد مارون حكيم في مزرعة يشوع، المتن عام 1950، حائز شهادة دراسات عليا في الرسم في الجامعة اللبنانية (1975)، ودبلوما في الفنون التطبيقية، في روما (1976)، رئيس نقابة الفنانين التشكيليين اللبنانيين منذ عام 2002، رئيس جمعية الفنانين للرسم والنحت في لبنان (1998-2000)، أستاذ في الجامعة اللبنانية، معهد الفنون الجميلة في الجامعة اللبنانية منذ 1979، رئيس قسم الرسم والتصوير في معهد الفنون الجميلة في الجامعة اللبنانية منذ 1986. تزين منحوتاته الأماكن العامة في أنحاء لبنان.أقام معارض فردية في لبنان، المغرب وغيرهما، وشارك في معارض جماعية في لبنان، بغداد، كندا، الكويت، دمشق، البحرين، الجزائر...