المبخوت: روايتي تحرير للذاكرة الجماعية من الانتماء المبهم
«الطلياني»... الرواية الفائزة بجائزة «بوكر» العربية لعام 2015
إضافة إلى أبحاثه الأكاديمية ودراساته النقدية والأدبية، بات في جعبة د. شكري المبخوت الروائي التونسي الفائز بجائزة بوكر العالمية للرواية العربية عن روايته «الطلياني» لعام 2015، روايتان أخريان معدتان للنشر.
اختيرت رواية «الطلياني» لكاتبها التونسي د. شكري المبخوت أفضل عمل روائي باللغة العربية نشر خلال الـ 12 شهراً الماضية، بحسب إعلان لجنة تحكيم الجائزة العالمية للرواية العربية التي تعرف بجائزة «بوكر العربية» في دورتها الثامنة في أبوظبي، بعد تنافسها مع خمس روايات أخرى دخلت القائمة القصيرة. وهي: «شوق الدرويش» للسوداني حمور زيادة و«ممر الصفصاف» للمغربي أحمد المديني و«طابق 99» للبنانية جنى فواز الحسن، و«حياة معلقة» للفلسطيني عاطف أبوسيف، و«ألماس ونساء» للسورية لينا هويان الحسن، ضمن 180 رواية رشحت من 15 بلداً عربياً.وترأس لجنة تحكيم الجائزة الشاعر والكاتب مريد البرغوثي، وضمت كذلك الشاعرة والناقدة البحرينية بروين حبيب، الأكاديمي المصري وأستاذ الأدب المقارن في جامعة لندن أيمن الدسوقي، الناقد وأستاذ الأدب المقارن في جامعة بغداد نجم عبدالله كاظم والمترجمة والباحثة الأكاديمية اليابانية كاورو ياماموتو.وقال البرغوثي بعد إعلان النتيجة خلال الاحتفالية مساء أمس الأول في أبوظبي: «بداية د. شكري المبخوت كصاحب رواية أولى، مدهشة كبداية روايته ذاتها، مشهد افتتاحي يثير الحيرة والفضول، يسلمك عبر إضاءة تدريجية ماكرة وممتعة إلى كشف التاريخ المضطرب لأبطاله ولحقبة من تاريخ تونس».وعن روايته التي بدأ كتابتها عام 2012، قال المبخوت: أردت أن أطرح سؤالين في روايتي، هما: لماذا أخفق جيلي ممن حملوا القيم الإنسانية بأن يكونوا في السلطة. ومحاسبة هذا اليسار التونسي الذي عجز أن يسأل السؤال حول الحرية، ورأى أن وصول روايته «الطلياني» إلى القائمة القصيرة لجائزة بوكر العالمية للرواية العربية كان ضمن مشهد روائي عربي يعيش تطوراً مذهلاً، أمراً مبهجاً واعترافاً أدبياً كانت نرجسيته ترغب فيه.وفي حوار أجرته «الجريدة» مع المبخوت سابقاً، أشار في إجابته حول اسم بطل الرواية «الطلياني» وملامحه الخليطة بين الأندلسية والتركية، أنها «بعض خصائص فسيفساء تونس الثقافيّة والأجناسيّة الرائعة»، وأكمل: في الرواية أيضاً «زينة» البربريّة والمطبخ اليهوديّ والمعمّر الفرنسيّ الذي ترك أثراً، وغير ذلك. لكنّني أرى بلادي وليدة هذا التهجين مع عبقريّة خصوصاً في وسم الوافدين عليها كلهم بميسم خاصّ من القرطاجيّين الذين جاؤوا من لبنان إلى بقيّة الغزاة، وصولاً إلى الفاتحين العرب الذين نشروا الإسلام وقبائل الهلاليّين الذين زحفوا عليها فخرّبوها لكنهم عرّبوها نهائيّاً. هؤلاء كلهم كانت تونس تستوعبهم وتصهرهم لتصنع منهم شيئاً جديداً تغتني به هوّيّتها. إنّها في قلب المتوسّط تجمع الرياح لتحوّلها إلى طاقة حضاريّة خلاّقة استثنائيّة.المشكلة أنّ ذاكرة التونسيّين مثقلة، وفي الآن نفسه مصابة بداء النسيان، ومن دور السرد الغوص في هذه الطبقات وتحرير الذاكرة الجماعيّة من قيود الانتماء المبهم.وأكد المبخوت أن التاريخ يتشابه في فترة ما قبل أو بعد الثورة في تونس. «ولهذا استعاد التاريخ القريب». جوائز متتاليةوحظيت رواية «الطلياني» باهتمام واسع منذ صدورها عن «دار التنوير» العام الماضي وحصدت العديد من الجوائز مثل: جائزة الإبداع لمعرض تونس الدولي للكتاب وجائزة الكومار الذهبي للرواية التونسية، والرواية رحلة في حياة الطالب اليساري «عبد الناصر الطلياني» الذي كان فاعلاً وشاهداً على أحلام جيل تنازعته طموحات وانتكاسات وخيبات في سياق صراع ضار بين الإسلاميين واليساريين ونظام سياسي ينهار وفي سياق تحولات في القيم خلخلت بنيان المجتمع التونسي في أواخر عهد الرئيس الراحل الحبيب بورقيبة وبداية حكم الرئيس المخلوع زين العابدين بن علي.ويستعد المبخوت لإصدار روايتين جديدتين ومجموعة قصصية وأخرى شعرية، وهو من مواليد تونس عام 1962 وحاصل على دكتوراه الدولة في الآداب ويعمل رئيساً لجامعة منوبة.«بوكر» العربيةوتنظم جائزة بوكر للرواية العربية سنوياً من قبل هيئة أبوظبي للسياحة والثقافة في الإمارات بالتعاون مع مؤسسة بوكر البريطانية في لندن، وتحصل الرواية الفائزة على جائزة مقداراها 50.000 دولار أميركي، أما الروايات التي تدخل القائمة القصيرة فتنال كل منها جائزة مالية قدرت بـ 10.000 دولار.وحاز الجائزة العام الماضي الروائي العراقي أحمد سعداوي عن رواية «فرانكشتاين في بغداد»، اما الفائزون في السنوات السابقة فهم الكويتي سعود السنعوسي، واللبناني ربيع جابر والمغربي محمد الأشعري والسعودي عبده خال والمصريان يوسف زيدان وبهاء طاهر.