الوقيان: الكويت تعاني تغييب هويتها المستنيرة المواكبة للعصر

نشر في 27-01-2015 | 00:02
آخر تحديث 27-01-2015 | 00:02
«الجيل الجديد يجب أن يتصدى للهجمة الظلامية المرعبة التي تنتظرنا في الأيام المقبلة»

شدد د. خليفة الوقيان على أن ما يعيشه العالم العربي حالياً هو نتيجة للمد الأصولي الذي بدأ منذ 5 عقود، معتبراً أنه من الطبيعي أن تتأثر الكويت بما يجري في مصر وسورية والعراق.
حذّر د. خليفة الوقيان مما تتعرض له الكويت من تغييب البنية الثقافية  المستنيرة المواكبة للعصر، داعياً "الجيل الجديد إلى التصدي للهجمة الظلامية المرعبة التي تنتظرنا في الأيام المقبلة"، معتقداً أن عجلة التغيير دارت نحو الأسوأ. جاء ذلك خلال حفل تكريمه في الملتقى الثقافي لصاحبه طالب الرفاعي مساء أمس الأول.

بدوره، أكد المحتفى به        د. الوقيان أن التحولات الفكرية وانهيار المشروع النهضوي من أبرز أسباب تدهور الأوضاع في الدول العربية.

وأشاد الوقيان بالمتحدثين في حفل التكريم د. سالم خداده، والشاعر علي الفيلكاوي، إضافة إلى المشاركين في تقديم شهادات شخصية تناولت جوانب مختلفة من نتاجه الإبداعي وحياته المهنية أو الشخصية، مبيناً "أنه عود من حزمة أو فرد من جيل كامل يحمل هماً ثقافياً"، ويرى أننا وجدنا في مرحلة معينة، و"علينا أن نؤدي واجبنا، ونظن أننا لانزال مقصرين أن نعطي لهذا الوطن ما يستحق، وأن نحمل رسالتنا في التنوير ضمن هذه الظروف التي يعانيها بلدنا".

وحذر الوقيان مما تتعرض له الكويت من تغييب الهوية المستنيرة المواكبة للعصر، "فهناك هجمة شرسة منذ عقود، وعلينا وعلى الجيل القادم أن ندرك إذا تغيرت ملامح بنيتنا الثقافية فسنصبح شعباً آخر وبلداً آخر، وأعتقد أن العجلة دارت باتجاه التغيير نحو الأسوأ".

وتابع: "أعتقد أن الجيل الراهن عليه مسؤولية كبيرة في الحفاظ على الوجه الحضاري الثقافي المستنير للبلد، ووقف الهجمة الظلامية المرعبة التي تنتظرنا في مقبل الأيام".

وعن الإبداع أشار إلى "أنه لا يعتسف اعتسافاً بل يأتي من تلقاء نفسه، لأنه ليس صنعة والشعر ليس نظماً".

صاحب مبدأ

بدورها، أكدت الأديبة ليلى العثمان أن أكثر ما يميز الوقيان أنه صاحب مبدأ، "فهو لا يمسك العصا من المنتصف، ونجده دائماً مسانداً للحق"، مستعرضة بعض المواقف التي لا تبرح ذاكرتها، ومنها موقفه النادر حينما تم سحب جائزة الدولة التشجيعية التي منحت لها، فآثر الاستقالة من اللجنة المشرفة على الجائزة، وتابعت العثمان: "أتذكر موقفه تجاه الدكتورة نجمة إدريس، إذ كان أول المساندين لها عقب الهجوم الكبير الذي تعرضت له من جامعة الكويت".

تحولات متنوعة

ومن جهته، مزج الأديب عبدالله خلف حديثه بين ذكرياته الشخصية وانطباعاته عن زميل الدراسة، فقال إنه صاحب رأي لا يتزحزح عنه رغم التغيرات السياسية والاجتماعية، "فعندما أغلقت بعض مجالس الجمعيات الثقافية في وقت سابق كلفه أحد المسؤولين أن يتولى إدارة مجلس رابطة الأدباء فأبى واسمعه المسؤول كلمات جعلته يكره المناصب لكي لا تعلو عليه، ثم استعرض محطات مهمة من علاقتهما أيام الدراسة وفي المرحلة الثانوية والجامعية قبل انتقالهما إلى حقل العمل في جهتين مختلفتين".

وأما الكاتب عبدالعزيز السريع فأشاد بشاعرية الوقيان الذي شكل إضافة مهمة لرصيد الكويت الثقافي، مشيراً إلى أنه يمتلك أخلاق الفرسان، ويمتدح حرصه على التواصل مع الأسلاف مهما اختلف معهم. وتوقف السريع عند محطات مختلفة، خصوصاً التي جمعته أثناء العمل معه في المجلس الوطني للثقافة والفنون والآداب.

معجزة أخلاقية

وأوجز الدكتور نزار العاني حديثه عن المحتفى به ببيت شعر، وتراه يُصغي للحديث بسمعه وبقلبه ولعله أدرى بـه، فمحتوى البيت ينطبق على الوقيان، مستذكراً ما جاء ضمن شهادة شخصية سابقة للدكتور سليمان الشطي عن الوقيان مستدعياً هذا المقطع: "لو كان الناس مثل خليفة الوقيان لحققت الحياة معجزة أخلاقية".

بدوره، قارن الدكتور علي العنزي بين مشاعر متناقضة يعيش تفاصيلها أثناء الحديث مع الوقيان، إذ إن قامته الأدبية تفرض وقارها وهيبتها، فربما يشعر المتحدث إليه برهبة تسيطر عليه، لكنْ ثمة حنان أبوي يتدفق من هذا الرجل الذي يقل نظيره.

وفي ما يتعلق بعلاقته بالوقيان أوضح الأديب سليمان الخليفي أنه كان يستشير الوقيان في العروض واللغة، وكان صدره يتسع لتكرار الاستفسار وزماته لها رونق خاص.

الردة الأصولية

واستفسر الصحافي شريف صالح عن أسباب الردة الأصولية الحاصلة حالياً، وتساءلت الشاعرة مريم فضل عن أسباب ندرة نتاجه الشعري.

وفي حديث مقتضب، أكد الكاتب عبدالمحسن مظفر أن الوقيان رجل لا تغريه المناصب، مستذكراً الأديب الراحل خالد سعود الزيد الذي عرفه إلى خليفة الوقيان وسليمان الشطي.

وفي تعقيبه عن أحد الأسئلة، قال الدكتور حامد الحمود، إن هزيمة الجيوش العربية في عام 1967 أو ما يعرف بالنكسة أحدثت انقلاباً في الوعي العربي، وكذلك الوعي لدى اليهود، ثم توالت التحولات إلى أن وصلنا إلى مرحلة الثورة الإيرانية.

وئام وانسجام

من جانبه، تحدث الدكتور سليمان الشطي عن مشكلتين الأولى فنية وتتمثل في أنه كلما قرأ نصاً للوقيان وكتب عنه يشعر أن ثمة أفكاراً جديدة في النص لم يتناولها، لأن البنية اللغوية ثرية جداً، والأخرى تتعلق بالجانب الشخصي، إذ لا يذكر على مدى علاقة 50 عاماً أنه خرج من مكان يجمعه بالوقيان غاضباً بسبب خلاف بينهما.

قراءات متنوعة في عوالم الوقيان الشعرية

ضمن الندوة، قدّم ثلاثة مبدعين دراسات وأوراقاً بحثية تشّرح نتاج الأديب الدكتور خليفة الوقيان، ورأى الدكتور سالم خداده في دراسته أن ثمّة مسوغات كثيرة لتكريم الوقيان، في مقدمتها أنه من الأعلام البارزين في مسيرة الحركة الثقافية في الكويت.

وقال خداده أن الوقيان يستحق التكريم لأنه باحث متميز في الأدب والتاريخ، على درجة عالية من التحقيق والتدقيق محدداً أسباباً أخرى للتكريم، منها أن الوقيان مفكر متفاعل مع الواقع السياسي والاجتماعي والفني.

من ناحيته، تتبّع الشاعر والروائي علي حسين الفيلكاوي عبر ورقته البحثية مجموعة آراء نقدية تناولت دواوين الوقيان، وقال:" من يبحث في السيرة الذاتية أو النتاج الثقافي للمحتفى به، ينجرف في رحلة ذات اتجاهات متعددة، تنطلق دوماً نحو العمق، ومن المقدّر للباحث أن يتوه في تشعّب هذه الشخصية ثرية الإبداع، لذا تركتُ مهمة البحث للناقد المتخصص، وآثرت أن أقوم بعرض مبسّط لما اطلعت عليه، وما ترسب في ذهني، من خلال ما كتبه الوقيان، وبعض ما كُتب عنه".

أما الورقة الثالثة، فكانت للكاتب عبدالوهاب سليمان.

back to top