قررت الرابطة القلمية الأميركية Pen America أن تمنح الجريدة المثيرة للجدل "شارلي إبدو" جائزة حرية التعبير، وكانت الجريدة تعرضت لهجوم أودى بحياة اثني عشر كاتباً لديها على يد متطرفين إسلاميين، رداً على نشرها رسوماً مسيئة للرسول الكريم. وقد قررت الرابطة القلمية الأميركية أن تستضيف في الخامس من شهر مايو الجاري في مانهاتن –نيويورك رئيس تحرير المجلة جيرارد بايرد، والكاتب جان-بابتست، وهو الذي وصل إلى مقر الجريدة الفرنسية متأخراً في السابع من يناير الماضي، بعد أن تم اقتحامها وقتل زملاؤه، لتسلم الجائزة التي منحت من قبل لكتاب مثل فيليب روث، وسلمان رشدي، ومايكل اونداتجي.

Ad

المشكلة التي واجهت "شارلي إبدو" أن كثيرين كان يرون في رسومها المسيئة للإسلام تعدياً وقحاً على معتقدات جالية كبيرة في فرنسا وأوروبا وعلى أمة إسلامية عظيمة العدد في العالم، وأن حرية التعبير يجب أن ترتبط بمسؤولية أخلاقية تجاه معتقدات الآخرين، كذلك هناك خلط بين حرية التعبير والإساءة. وحين سئل مدير تحرير جريدة "تورنتو ستار" عن إمكانية أن يتضامن مع "شارلي" ويعيد نشر الرسوم رد قائلاً "أتضامن مع حرية التعبير نعم، أما أن أنشر إساءة في جريدتي فلا، نحن لا نبني مصداقيتنا على ذلك".

منح الرابطة القلمية الأميركية الجائزة لـ"شارلي إبدو" لم يكن مقنعاً لبعض أعضائها، ولذلك لم يتردد ستة روائيين في التصريح علناً بانسحابهم من الرابطة، أهمهم الكاتب الكندي مايكل اونداتجي الفائز بالجائزة من قبل. انسحب أيضا بيتر كيري، وفرانسن بروز، وتيغو كول، وراشيل كوشنر، وتايي سيلاسي من الرابطة، وتوالت تصريحاتهم بأن ما فعلته "شارلي إبدو" لا يرقي إلى حرية التعبير، وليس شجاعة ألا تتحلى بالالتزام الأخلاقي لقطاع كبير من الأمة الفرنسية، كما ذكر الروائي بيتر كير.

ولم يكن تصريح الروائية فرانسن بروز، التي ترأست الرابطة القلمية سنوات طويلة، أقل وضوحاً وجرأة من زميلها: "لقد تضايقت كثيراً حين سمعت بأمر الجائزة، أنا مع حرية التعبير دون حدود، وكنت ضد الاعتداء على الجريدة، ولكن منحهم جائزة يعني أننا معجبون بهم ونحترم ما قاموا به. لا أستطيع أن أرى نفسي بين جمهور يقف للترحيب بهم".

في المقابل يدافع رئيس الرابطة الحالي آندرو سولمون عن الجائزة، ويرى أن المعترضين لا يشكلون نسبة بين ستين كاتباً سيحضرون الحفل، ويرون أن منح الجائزة ملائم جداً. ويعيد الرجل أن ما فعلته "شارلي" مع المسلمين فعلته مع غيرهم من قبل.

هناك ستة روائيين اعترضوا مقابل ستين، وهذا يعني أن الأغلبية لا تعترض، ولكن هذه الأقلية تسجل موقفاً أدبياً حين تذهب الجائزة إلى غير مستحق لها، ولأسباب لا علاقة لها بالإبداع الأدبي. هنا تبدو الأقلية المعترضة أكثر أهمية من البقية، وصوتها أكثر وضوحاً من الأغلبية الصامتة أو الموافقة دون أن تبدي رأياً.

دعم حرية التعبير أساس العمل الإبداعي، ولكن هذا العمل يجب أن يكون إبداعاً في الأساس. الدفاع عن حرية الآخر في التعبير شيء ومنحه جائزة  عن هذا التعبير شيء آخر. الجائزة تذهب إلى درجة إبداعه ليس إلا، وهو إبداع يتبرأ من "شارلي إبدو" ومثيلاتها.