إن كانت الخشية من انتشار النفس المذهبي والطائفي بين الطلبة فهذا ليس بمبرر لمنع الخوض في الشأن السياسي العام داخل أروقة الحرم الجامعي، فالتوتر الاجتماعي والطائفي أسبابه واضحة ومتغيرة بحسب الظروف، ومعلوم لدى المطلعين من الأطراف التي تغذي هذه النعرات، إلا أن ما نثق به أن التوتر في المجتمع الكويتي ليس سببه خوض الطلبة في السياسة بل الحال العام في البلد.

Ad

 أول العمود:

 البوابة رقم 5 من مبنى الهيئة العامة لمكافحة الفساد ستكون المدخل لكل من له بلاغ عن شبهة فساد.

***

تابعت ردود الفعل على مقترح نيابي حول تنظيم العمل في الاتحادات الطلابية الذي نوقش في اللجنة التشريعية، ويتضمن مرجعية إشهار أفرع الاتحادات عبر وزارة الشؤون الاجتماعية والعمل وليس التعليم العالي كما يريد الطلبة، واعتماد نظام الصوت الواحد كما هو في الانتخابات البرلمانية، وحظر الأنشطة السياسية وكل ما من شأنه إثارة النعرات الطائفية والمذهبية.

سأتحدث هنا عن جزئية واحدة فقط وهي: الشباب والسياسة.

لماذا يمنع الشباب في الجامعة من الحديث في الشأن السياسي؟ نحن لدينا جامعة الكويت التي تأسست عام 1966 وتضم نحو 40 ألف طالب وطالبة، ويضاف إليهم نحو 60 ألف طالب وطالبة في كليات تطبيقية، هذا بخلاف الطلبة في الجامعات الخاصة التي يبلغ تعدادها نحو 9 جامعات، والطلبة المبتعثين في الخارج.

وتعداد من هم في سن الدراسة الجامعية لا الدارسين الفعليين يلامس الـ200 ألف شاب وشابة، أي الذين تتراوح أعمارهم بين 18 و21 سنة! كيف يمكن القول لهذه الشريحة لا، تجنبوا الحديث في السياسة؟ وبموجب ماذا؟ وما السياسة سوى أنها الشأن العام ومشاكل الحياة وتدبير حلولها؟

مورست هذه المسألة على جمعيات النفع العام، وقانونها يتضمن هذا الحظر، إلا أن التطبيق العملي لم يسلم من تجاوزها عبر إقامة ندوات يدعى لها سياسيون عرفوا بمعارضتهم لسياسات حكومية وإصدار بيانات حول أحداث محلية سياسية أيضا.

في الجامعات الكويتية تدرس علوم السياسة، وهناك مقرر باسم حكومة وسياسة الكويت، ويقوم بعض الأساتذة بعمل مناظرات طلابية في الفصول حول قضايا خلافية شائكة مطروحة في مجلس الأمة والمجتمع أصلا، وفي كلية الحقوق يدرس دستور الكويت والقوانين الوطنية، وهذا كله سياسة في سياسة! كما أن هناك ترتيبات تنظيمية تقوم بها الأمانة العامة لمجلس الأمة، باستضافة طلبة الثانوية والجامعة لحضور جلسات المجلس الموقر. فبمَ نفسر ذلك؟

الحياة الجامعية هي الوعاء الطبيعي لتوعية الطلاب بالشأن العام وممارسة العمل التطوعي والتثقيفي والاجتماعي وليست السياسة استثناء، فمن حق الطلبة أن يقيموا الندوات والمناظرات للتوعية والتبصير فهم ليسوا أطفالا، ولدور الاتحادات الطلابية الكويتية والجمعيات الطلابية في كليات الجامعة دور تاريخي استفدنا منه في حياتنا العملية.

وإن كانت الخشية من انتشار النفس المذهبي والطائفي بين الطلبة فهذا ليس مبررا لمنع الخوض في الشأن السياسي العام داخل أروقة الحرم الجامعي، فالتوتر الاجتماعي والطائفي أسبابه واضحة ومتغيره بحسب الظروف، ومعلوم لدى المطلعين من الأطراف التي تغذي هذه النعرات، إلا أن ما نثق به أن التوتر في المجتمع الكويتي ليس سببه خوض الطلبة في السياسة، بل الحال العام في البلد.