زادت في الفترة الأخيرة ظاهرة وجود أغانٍ شعبية وتحديداً من نوعية المهرجانات داخل الأفلام السينمائية المصرية، بالإضافة إلى استخدام الموسيقى الإلكترونية وأداء هذه الأغاني عن طريق المغنين الشعبيين... في السطور التالية نحاول التعرف إلى أسباب تفشي هذه الظاهرة.

Ad

أدّى الفنان أحمد وفيق أغنية «أحمر شفايف» في فيلم «وش سجون» بمشاركة الفنانة دينا فؤاد ومغني المهرجانات «غاندي وزيزو الجنتل»، يقول في هذا المجال: «رفضت تماما أن تكون هذه الأغنية ضمن أحداث الفيلم، حيث لم أجد لها أهمية أو سبباً لتكون داخل السياق الدرامي لذلك طلبت أن تكون دعائية للفيلم فقط وهذا ليس عيباً»، موضحاً أن الأغنية ليست الوحيدة التي قدمت في سبيل الدعاية بل سبقنا في ذلك كثير من الأفلام.

يؤكد وفيق أن باقي الأغاني في «وش سجون» لها أهميتها ومهمة داخل بناء العمل الدرامي. بالتالي، فإن وجودها له سببه الوجيه فهي لا تعتبر مقحمة على العمل، موضحاً أن الأغنية عندما توضع بشكل صحيح فإنها تأتي في مصلحة العمل، ولكن عندما تقحم فإنها تضر بالفيلم ولذلك يجب وضعها كدعاية. وختم كلامه بأن الأغاني إحدى وسائل جذب الجمهور لدور العرض السينمائي.

من ناحيته يرى المنتج السينمائي محمد السبكي أن وجود أغنية أو اثنتين في الفيلم لا تضر به، خصوصاً عندما تكون لها أهميتها الدرامية، مؤكداً أنه وضع هذه النوعية من الأغاني عندما طغت على الشارع المصري وأصبحت ظاهرة واضحة، مؤكداً أنه لم يخترعها ولكنها فرضت على السينما عندما أصبحت مسموعة في الأماكن كافة ومن الطبقات كلها ولا يمكن أبداً تجاهلها.

يستكمل السبكي كلامه: «الأغاني الشعبية في الأفلام ليست سبة وليست من اختراعه، ففي الأفلام القديمة نجد أغاني شعبية مع اختلاف الأشخاص والكلمات وطريقة الغناء، لكن في النهاية هذه الطريقة ليست موضة جديدة علينا بل سبقنا في ذلك كثير من نجومنا ومخرجينا الكبار الذين عاشوا فترة ازدهار السينما المصرية. وختم كلامه بأن النقاد السينمائيين آنذاك كانوا يرفضونها أيضاً.

المخرج السينمائي الكبير مجدي أحمد علي الذي يرفض وضع هذه الأغاني داخل الأفلام يرى أنها مجرد تحايل رخيص لجذب عدد كبير من المشاهدين الذين يهتمون بمثل هذه الموسيقى ويعرفون مطربيها بالاسم، موضحاً أن بعض المنتجين أراد أن يجتذب عشاق الفن الهابط لدور العرض السينمائي من باب أنه أولى بنقود هؤلاء وأن شراءهم للتذاكر مفيد للسينما.

يوضح المخرج السينمائي أن هذه النوعية من الأغاني مختلفة تماماً عن الأغاني الشعبية التي كنا نسمعها في الأغاني القديمة ففي السابق كان عبدالمطلب أو محمد رشدي أو محمد قنديل أو عبدالحليم حافظ يغني ضمن الفيلم نفسه، فهؤلاء أصحاب موهبة فذة لا يختلف أحد عليهم، فالرهان على الموهبة. أما الذين يغنون على الموسيقى الإلكترونية أو بمصاحبة راقصة لا يملكون أي مواهب غنائية أو تمثيلية. وبالتالي فالمقارنة لا تجوز من الأساس.

الناقدة الفنية خيرية البشلاوي تؤكد أن ما نسمعه من أغان شعبية أو ما يسمى بالمهرجانات لا يختلف كثيراً عن الفيلم الذي تُقدم فيه هذه الأغنية أو الرقصة، مشيرة إلى أن الأغاني المسفة هي المكملة لهذه المنظومة السينمائية الرديئة فالقصة تكون ضعيفة وقديمة والممثلون غير جديرين فنياً والمخرج بلا رؤية، وبالتالي الأغنية أيضاً تكون دون المستوى. وتتسائل: «لماذا ستكون الأغنية جيدة إذاً».

تستكمل البشلاوي كلامها بأن هذه الأغاني والرقصات تأتي كحيلة لزيادة مبيعات شباك التذاكر ومحاولة في استقطاب شرائح مجتمعية كثيرة تهتم بهذه الأغاني وتتداولها بكثرة ويكون الجذب إلى دور العرض من خلال هؤلاء المغنين والراقصات، خصوصاً أن هذه الأفلام تفتقد إلى السيناريو الجيد، مشيرة إلى أن الإفلام الجيدة التي تستعين بهؤلاء المغنين تبقى قليلة، مثل «كباريه» أو «الفرح». ويظل دوماً الغرض من هذه الأغاني هو المكسب المادي بغض النظر عن أي شيء آخر.

الناقد الفني أحمد سعد الدين ينفي ويدحض ادعاء البعض بأن هذه الأغاني مطلوبة شعبياً وجماهيرياً، مؤكداً أن الأفلام الهابطة هي التي فرضتها على المجتمع. حتى وإن كان الأخير يساعد على انتشارها فيجب التصدي لهذه الظاهرةـ خصوصاً أنها تبعث حالة من الفوضى والعشوائية فيمن يسمعها أو يشاهدها في فيلم ما أو في فرح شعبي.

يقول سعد الدين: «ليس معنى أن ثمة حاصلين على المؤهلات العليا يتداولون هذه الأغاني أنها جيدة وصالحة بل ثمة كثير من الأشخاص المتعلمين ولكن ذوقهم الموسيقي ضعيف ولا يرقى إلى أن يكون متعلماً من الأساس وهذا دور السينما التي يجب أن ترتقي بالمجتمع ولا تساعد في تشويهه وزيادة عشوائيته».