أكدت الدائرة الإدارية في المحكمة الكلية أن قانون الجنسية الكويتي أرسى قاعدة عامة مؤداها أن استحقاق الجنسية الكويتية لكل من ولد لأب كويتي وأصبحت الجنسية لصيقة بواقعة الميلاد، من دون حاجة إلى صدور قرار بذلك من الجهة الإدارية او أي إجراء آخر، متى ثبت على وجه قاطع نسب المولود الى أب كويتي وثبوت نسبه منه، وهو ما يعرف بالجنسية الأصلية المستمدة بقوة القانون، دون أن يكون للإدارة أي سلطة تقديرية في ذلك.

Ad

وأضافت المحكمة الإدارية في حيثيات حكمها البارز الذي أصدرته الأسبوع الماضي، وألغت فيه قرارات وزارة الداخلية بسحب الجنسية الكويتية عن أحد أبناء الأسرة الحاكمة وإعادتها اليه في القضية التي مثلها فيه المحامي ناصر الهيفي، بعدما أكدت المحكمة ثبوت نسبه الى والده المتوفى، أن إدارة الفتوى والتشريع بصفتها المدافع عن وزارة الداخلية أفصحت عن السبب الذي عولت لإصدار قرار بسحب الجنسية نتيجة تقدم أبناء والد المدعي بكتاب الى وزير الداخلية بطلب بطلان نسب المدعي الى والدهم، مرفقين بطلبهم صورة من نتيجة البصمة الوراثية التي استبعدت أن يكون المدعي من نسب والدهم، الأمر الذي يخضع معه القرار الإداري المختصم لرقابة القضاء الإداري، ليزنه بميزان القانون في ضوء صحيح واقعة وحقيقة ما بني عليه أركانه ومدى استقامته على أسس مستمدة من عناصر ثابتة في الأوراق تؤدي الى النتيجة التي انتهى اليها.

سلطة مطلقة

ولفتت المحكمة الى أنه ليس صحيحا أن الجهة الإدارية تتمتع بسلطة مطلقة في ما تترخص فيه بلا معقب عليها، إذ لا تتمتع أي جهة ادارية بسلطة مطلقة، ولكنها يمكن أن تتمتع بسلطة تقديرية واسعة، وأنه مهما اتسعت هذه السلطة فإنها تخضع دوما للرقابة القضائية، ولا يمكن أن تنعدم وليس في ذلك افتئات على مبدأ فصل السلطات، بل هو إعمال لصحيح هذا المبدأ ولصريح نص المادة 196 من الدستور الذي عهد للقضاء الإداري بممارسة هذا الاختصاص شاملا ولاية الإلغاء وولاية التعويض بالنسبة الى القرارات الإدارية المخالفة للقانون، كما أنه من المقرر أيضا انه وإن كان لمحكمة الموضوع فهم القرار على حقيقته واستظهار مدى قيامه على سبب يبرره واقعا وقانونا ومدى اكتمال شرائط صحته بغير معقب عليها، إلا أن شرط ذلك أن تقيم قضاءها على أسباب سائغة.

وأوضحت المحكمة انه ثبت لها من واقع المستندات أن جنسية المدعي الكويتية ثابتة بالميلاد لأب كويتي، من دون حاجة إلى صدور قرار بذلك من الجهة الإدارية وفقا لنص المادة الثانية من قانون الجنسية الكويتية، فهي جنسية أصلية قررها القانون لثبوت نسب الابن إلى أبيه، وليس للإدارة أي سلطة تقديرية في ذلك، وفي ما يلي نص حيثيات حكم "الإدارية" كاملا.

الحيثيات

أكدت المحكمة الإدارية في حيثيات حكمها أن الثابت من الأوراق أن ورثة المرحوم الشيخ والد المدعي قاموا باستخراج حصر وراثة للمرحوم قبل ولادة المدعي، ولم يذكر فيه أنه يوجد حمل مستكن، وعليه لجأت والدته الى إقامة الدعوى بطلب تعديل حصر وراثة المرحوم الشيخ بإضافة الحمل المستكن في حصر الوراثة، وبجلسة 25/ 6 /1987 صدر الحكم بإثبات نسب المدعي إلى ابيه المرحوم، وقد تأيد هذا القضاء بموجب الحكم الصادر من محكمة الاستئناف، واستمر هذا الوضع عدة سنوات، وقد تقدم أحد إخوته الى لجنة دعاوى النسب وتصحيح الأسماء لإثبات نفي نسبه الى والده، بغية حرمانه من الميراث، وانتهى رأي اللجنة الى عدم جواز نظر الطلب لسبق الفصل فيه، إلا أن بعض اخوته تقدموا بطلب الى وزير الداخلية لسحب أوراقه الثبوتية على سند من تقرير البصمة الوراثية، وبناء عليه صدر القرار في عام 2008 بسحب شهادة الجنسية الكويتية من المدعي وآخرين.

وقالت المحكمة إنه لما كانت الجهة الإدارية المدعى عليها قد أفصحت عن السبب الذي عولت عليه لإصدار قرارها المطعون عليه بأن ابناء المرحوم والد المدعي تقدموا بطلب الى وزير الداخلية بطلب بطلان ادعاء المدعي أنه أحد أبناء المرحوم، مرفقين بطلبهم صورة من نتيجة البصمة الوراثية، والتي استبعدت أن يكون المدعي من نسل المرحوم نتيجة زواجه من والدة المدعي، الأمر الذي يخضع معه القرار الإداري المختصم لرقابة القضاء الإداري ليزنه بميزان القانون في ضوء صحيح واقعة وحقيقة ما بني عليه أركانه ومدى استقامته على أسس مستمدة من عناصر ثابتة في الأوراق تؤدي إلى النتيجة الذي انتهى اليها، إذ انه ومن المقرر في قضاء هذه المحكمة ان القرار الإداري يجب أن يقوم على سبب صحيح يبرره صدقا وحقا، أي في الواقع وفي القانون وهو الحالة الواقعية والقانونية التي تحمل جهة الإدارة على التدخل منفردة بسلطتها الإدارية الآمرة، بقصد إحداث اثر قانوني هو محل القرار ابتغاء تحقيق المصلحة العامة الذي هو غاية القرار.

شكل القرار

 وعلى ذلك فإن صحة القرار الإداري تتحدد بالاسباب التي قام عليها ومدى سلامتها على الاصول الثابتة بالأوراق ومدى مطابقتها للنتيجة التي انتهى اليها، فضلا عن أنه وإن كان الأصل أن الجهة ليست ملزمة بتسبيب قرارها أو افراغه في شكل معين طالما لم يلزمها القانون بذلك، إلا أنه ينبغي التفرقة بين تسبيب قرارها، فإن هذا الامر إنما يتعلق بشكل القرار، إلا أن عدم استلزام هذا الأمر لا يعفي جهة الادارة من وجوب ان يكون قرارها قائما على سبب يبرره، او لا يوجد قرار اداري بغير سبب، باعتبار أن السبب هو ركن من اركان القرار الإداري لا تقوم له قائمة من دونه، فإذا قام القرار على غير سبب يبرره فقد القرار احد أركانه الجوهرية.

وأوضحت المحكمة أنه ليس صحيحا ان الجهة الادارية تتمتع بسلطة مطلقة في ما تترخص فيه بلا معقب عليها، إذ لا تتمتع اي جهة إدارية بسلطة مطلقة، ولكنها يمكن ان تتمتع بسلطة تقديرية واسعة، وأنه مهما اتسعت هذه السلطة فإنها تخضع دوما للرقابة القضائية، ولا يمكن ان تنعدم وليس في ذلك افتئاتا على مبدأ فصل السلطات، بل هو إعمال لصحيح هذا المبدأ ولصريح نص المادة 196 من الدستور الذي عهد للقضاء الإداري بممارسة هذا الاختصاص شاملا ولاية الإلغاء وولاية التعويض بالنسبة الى القرارات الإدارية المخالفة للقانون، كما انه من المقرر ايضا انه وإن كان لمحكمة الموضوع فهم القرار على حقيقته واستظهار مدى قيامه على سبب يبرره واقعا وقانونا ومدى اكتمال شرائط صحته بغير معقب عليها، إلا أن شرط ذلك أن تقيم قضاءها على أسباب سائغة.

 قاعدة عامة

وقالت المحكمة إن المقرر في قضاء هذه المحكمة ان النص في المادة الثانية من المرسوم الاميري رقم 15 لسنة 1959 بشأن قانون الجنسية الكويتية سالفة الذكر مفاده ان المشرع ارسى قاعدة عامة مؤداها استحقاق الجنسية الكويتية لكل من ولد لأب كويتي، وأصبحت الجنسية لصيقة بواقعة الميلاد دون حاجة الى صدور قرار بذلك من الجهة الإدارية او أي اجراء آخر متى ثبت على وجه قاطع نسبة المولود الى اب كويتي وثبوت نسبه منه، وهو ما يعرف بالجنسية الأصلية المستمدة بقوة القانون دون ان يكون للإدارة اي سلطة تقديرية في ذلك، وهي بخلاف الإحوال الاخرى لاكتساب الجنسية التي لا تتم الا بقرار يصدر من الجهة الإدارية المختصة وفقا للضوابط والاجراءات المبينة في قانون الجنسية، وهذه القرارات هي التي تتعلق بالجنسية منحا او منعا، وتتسم بطابع سياسي يرتبط بكيان الدولة وحقها في اختيار من ينضم الى جنسيتها وتحديد ركن الشعب فيها، وفق ما تراه وتقدره، وتعد صورة من صور أعمال السيادة لصدورها من الحكومة بصفتها سلطة حكم لا سلطة ادارة، ولذلك أخرجها المشرع بنص صريح في اختصاص الدائرة الادارية بالنص عليه في البند خامسا من المادة الاولى من قانون انشائها رقم 20 لسنة 1981 المعدل من استثناء القرارات المتعلقة بمسائل الجنسية من القرارات التي تختص الدائرة بالنظر في طلب الغائها كما ان الحق في الحصول على جواز سفر كويتي معتمد يكون لمن تثبت له الجنسية الكويتية متى توافرت الشروط الأخرى اللازمة وفقا لأحكام القانون رقم 11 لسنة 1962 بشأن جوازات السفر، لأن منح جوازات السفر لصيق بالجنسية الكويتية وحق من الحقوق المترتبة على ثبوتها ولا يجوز للإدارة حرمان صاحبها منه إلا وفقا للقانون، ولأسباب تبرره وكذلك كافة الأوراق الثبوتية الأخرى.

وبينت المحكمة أن الثابت من الأوراق والمستندات المقدمة ثبوت نسب الطاعن الى والده - كويتي الجنسية- بموجب إثبات النسب، وحصل بعدها على كل مستنداته الثبوتية كاملة، ومن ثم فإن جنسية الطاعن الكويتية ثابتة له بالميلاد لأب كويتي، دون حاجة إلى صدور قرار بذلك من الجهة الادارية وفقا لنص المادة الثانية من قانون الجنسية الكويتية، فهي جنسية أصلية قررها القانون لثبوت نسب الابن الى ابيه، وليس للإدارة أي سلطة تقديرية في ذلك.

 آجال وإجراءات  

وحيث ان المشرع وقد حصر طرق الطعن في الاحكام ووضع لها آجالا محددة وإجراءات معينة فانه يمتنع بحث أسباب العوار التي قد تلحق بها الا عن طريق الطعن فيها بطرق الطعن المناسبة، فإذا كان قد استغلق فلا سبيل لإهدارها بأي شكل من الاشكال، وذلك تقديرا لحجة الأحكام باعتبارها عنوان الحقيقة في ذاتها، وهي حجية تسمو على قواعد النظام العام ولا استثناء من هذا الأصل الا اذا تجرد الحكم من أحد اركانه الاساسية، بحيث يشوبه عيب جوهري جسيم يصيب كيانه ويفقده صفته كحكم، ولما كانت الاحكام الصادرة لصالح المدعي بثبوت نسبه الى والده، اضحت نهائية وباتة ومن ثم يكونا قد صدر مستكملات اركانهما الاساسية بما لا محل معه لتعيبهما بشائبة الانعدام، ولا فكاك من تقيد الجهة الادارية المدعي عليها بما انتهت اليه من قضاء بثبوت نسب المطعون ضده لأبيه الكويتي الجنسية، بعد ان اكتسب هذا القضاء حجية قبلها، وإذا كانت الأحكام السالفة قد استندت في قضائها الى ثبوت تمتع المدعي بالجنسية الكويتية وادرج بملف والده الكويتي الجنسية اعمالا لحجية الحكم النهائي، وقد حصل المدعي بناء على ذلك على كافة الأوراق الثبوتية، التي من بينها شادة الجنسية وشهادة الميلاد وبطاقة مدنية ووثائق السفر وغيرها- على نحو ما سلف بيانه تفصيلا- الأمر الذي يكون معه القرار المطعون فيه قد أهدر حجية الحكم سالف البيان الذي حسم أمر نسب الطاعن الى أبيه، والتي تعلو على اعتبارات النظام العام واستحدث حكما يخالف ما ثبت يقينا بأحكام نهائية، ويكون قائما على سبب غير صحيح قانونا، ويغدو حريا بالإلغاء مع ما يترتب على ذلك من آثار، أهمها إعادة كافة الأوراق الثبوتية للمدعي من جواز سفر وشهادة ميلاد وبطاقة مدنية وشهادة جنسية ووثائق سفر وغيرها من الأوراق الثبوتية التي تعد لصيقة بجنسيته الكويتية. ولا يقبل منها اللجاج بسلطتها التقديرية في مدى ثبوت الجنسية والقول باعتبارات النظام العام، بحسبان أن الحجية تعلو على هذه الاعتبارات.

ميعاد القرارات الفردية يبدأ بعد العلم!