لقد قامت الحكومة بمجموعة من الإصلاحات الإدارية لمعالجة الملف التعليمي بدولة الكويت؛ ولأجل ذلك أنشأت مجالس وهيئات عليا (المجلس الأعلى للتعليم، الجهاز الوطني للاعتماد الأكاديمي وضمان جودة التعليم، المركز الوطني لتطوير التعليم)، مهمتها الإشراف على تنفيذ الغايات والأهداف ومراقبة الأداء على مؤسسات التعليم العالي بهدف تعزيز مكانة التعليم على مستوى الوجود العالمي وتلبية حاجة سوق العمل وفق مؤشرات الجودة.
مسؤولية وزارة التعليم العالي كبيرة ومحورية، فهي المعنية بربط مخرجات مؤسسات التعليم العالي مع احتياجات قطاعات الدولة بشقيها العام والخاص، في إطار مفهوم خريج يقابله فرصة وظيفية حقيقية، والذي يجب أن يظل حاضراً ضمن الآليات التنفيذية.ما دعاني لعنونة المقال بهذا الشكل هو المهام المنوطة بالوزير المختص في متابعة تنفيذ السياسات العامة للتعليم، والتي جاءت عليها خطة التنمية وبرنامج العمل الحكومي؛ مما يقتضي منه الإشراف على إنجازات تلك المجالس والهيئات والمراكز التي يفترض فيها أن تعمل وفق الأهداف التي أنشئت من أجلها.لقد مرت فترة زمنية كافية للوقوف على إنجازاتها ومحاسبتها على الأعمال التي قامت، والتي يفترض بها انتقالها من مرحلة الكتابة إلى مرحلة التنفيذ، ووصول سياساتها وتوجيهاتها إلى مؤسسات التعليم العالي (جامعة الكويت، الهيئة العامة للتعليم التطبيقي، التعليم العالي، الجامعات الخاصة) والعمل فيها. من المسلمات أن منصب الوزير سياسي، ومن هذه المسؤولية تنطلق أهمية المنصب إدارياً وفنياً؛ لذا تحصين منصب الوزير لا يكون سياسيا فقط بل يبدأ بسلامة إجراءات المؤسسات التابعة له، وقدرتها على مواكبة متطلبات وتطلعات الخطط التنموية والإصلاح والتعامل مع المعطيات والتطور.هناك الكثير من الآمال التي ينتظرها الشارع الكويتي، والتي أعلنها وزير التربية الأخ بدر العيسى، وفي مقدمتها إنشاء أكثر من جامعة حكومية، وفصل التعليم التطبيقي عن التدريب، وهي آمال مشروعة في ظل الإمكانات المتاحة ووفرة المباني بعد استكمال مواقع الشدادية ومباني التعليم التطبيقي؛ مما سيوفر قدرة استيعابية مجتمعة تتجاوز 150 ألف طالب.هذا الرقم سيكون في متناول اليد خلال السنوات الخمس القادمة؛ مما يتطلب الإسراع في وضع الخطط حيز التنفيذ سواء من خلال تحديد الاحتياجات الوظيفية وتوجيهها من الكليات والأقسام العلمية نحو احتياجات الدولة وربطها مع مخرجات التعليم، أو من خلال توفير الكوادر والهيئات التعليمية اللازمة للقيام بالأعباء التدريسية.مفاهيم الاستثمار متنوعة ومتغيرة، فما كان يصلح للأمس لم يعد قادراً على مواكبة الحاضر، وما يصلح للحاضر لا يستطيع مجاراة المستقبل، والاستثمار في مجال التعليم والمعرفة هو فرصة للمجتمعات في البقاء والاستمرار بالوجود ضمن قائمة الدول المتقدمة لضمان الرفاهية، وفي الكويت مازالت الفرصة قائمة، ويمكن أن تمر من باب الوزير.ودمتم سالمين.
مقالات
إصلاح التعليم العالي يمر من باب الوزير!
10-04-2015