قرار الداخلية المتخبط
هل يعقل أن تقوم الوزارة مرات عديدة بإعطاء فرص «لمخالفي الإقامة» لتعديل أوضاعهم دون دفع أية رسوم، في حين لا تعطي أي فرصة لمن لديهم «إقامات صالحة» لمجرد نقل تلك الإقامات على جوازهم الجديد؟!
جميل أن تنتفض وزارات الدولة لتطبق قوانين منسية أو مهملة لسنوات طويلة، لكن أن تحاول تلك الوزارات تحميل هذا النسيان والإهمال لطرف آخر كي تخلي نفسها نهائيا من تحمل ذلك فهذا من غير المقبول، وهذا بالضبط ما تحاول وزارة الداخلية فعله من خلال فرض عقوبات مالية على كل يوم لم يربط فيه الوافد إقامته الصالحة بجواز سفره الجديد بعدما انتهت صلاحية الجواز القديم.حجة الوزارة أن هذا القانون موجود فلا عذر للوافد بمخالفته (جميل جداً)، لكن ما دام الأمر كذلك ألا تجب محاسبة جميع المسؤولين السابقين على عدم تطبيق هذا القانون ونسيانه لسنوات مما ضيع على الدولة الكثير من أموال رسوم مخالفة القانون؟! وهل يعقل أن تقوم الوزارة مرات عديدة بإعطاء فرص "لمخالفي الإقامة" لتعديل أوضاعهم دون دفع أية رسوم، في حين لا تعطي أي فرصة لمن لديهم "إقامات صالحة" لمجرد نقل تلك الإقامات على جوازهم الجديد؟!كان من المفترض على وزارة الداخلية أيضا تحمل مسؤولية إهمال تطبيق هذا القانون لسنوات طويلة بإعطاء الوافدين فرصة لتعديل أوضاعهم لتقوم بعدها بتطبيقه بكل حزم، خصوصاً أن أغلب الوافدين المخالفين من محدودي الدخل وكثير منهم لا يملكون حق التصرف بجوازاتهم لأن الشركات التي يعملون لديها تقوم باحتجازها. هذا مع العلم أن هناك وافدين قاموا بمحاولة نقل إقاماتهم لجوازاتهم الجديدة قبل أن تصحو وزارة الداخلية من النوم لكنهم لم يلقوا أي اهتمام من موظفي الهجرة!أما محاولة تبرير الوكيل المساعد للداخلية اللواء الشيخ مازن الجراح إصرار الوزارة على تطبيق القرار بأن رسوم الدولة قليلة على الوافدين مقارنة بالدول الأخرى، وإن كنا قد لا نختلف معه في هذا الأمر، فهذا ليس مبرراً لمحاولة إذلال هذا الوافد ومعاقبته برسوم مفاجئة لم تكن في الحسبان مسبقا، خصوصا أن الوافدين لم يدخلوا البلاد عنوة، بل نحن من فتحنا البلد أمامهم للعمل بوظائف لا يريد الكويتي العمل فيها، وهذا يتطلب منا توفير سبل الحياة الكريمة لهم لا محاولة معاقبتهم على الإقامة في بلدنا والتمتع بخدماتها الرخيصة نسبياً. لا أريد أن أدخل في النوايا لكن هذا القرار والطريقة المهينة التي تتم معاملة الوافد بها في كثير من وزارات الدولة تعكس النظرة الدونية التي ننظر فيها كشعب إلى كثير من الجنسيات الأخرى، وهذه إحدى نتائج ثقافة الريع والترف التي ابتلينا بها نحن شعب الله المختار!