دعوة للإدمان!

نشر في 09-06-2015
آخر تحديث 09-06-2015 | 00:01
 يوسف عبدالله العنيزي هل لنا أن نتخيل كيف ستكون الكويت إذا أخلص العامل والموظف والقيادي والمسؤول كل في مجال عمله؟ إن ذلك قد لا يكون ممكناً في ظل الأوضاع الحالية، ونحن نرى أن من يقود قطار الفساد هم بعض المسؤولين والقياديين والمؤسسات والشركات الحكومية التي تحقق خسائر متراكمة، ومع ذلك نرى ارتفاع رواتب مجالس إدارتها وكبار مسؤوليها، فضلاً عن المكافآت السنوية.

لا يذهب بالكم بعيداً فنيتي سليمة، علماً أن كلمة إدمان لا تعني بالضرورة الأشياء والعادات السيئة، بل هناك أيضاً العادات المفيدة والنافعة كالإدمان على القراءة أو متابعة الإنجازات العلمية أو السفر والرحلات، أو الإدمان على استخدام الهاتف النقال بشكل مبالغ فيه، وهو المنتشر حالياً.

ومن هنا تأتي الدعوة إلى الإدمان التي ننادي بها، فقد لاحظت كما لاحظ الكثيرون من المخلصين لهذا البلد الغالي، أن هناك عزوفاً حاداً لدى موظفي الدولة عن أداء الأعمال الموكلة إليهم، وتأخيرها أو المماطلة في إنجازها، يتساوى في ذلك المواطن والوافد والموظف العادي ورئيس القسم والمدير والقيادي.

ومما يذكر في ذلك أنني التقيت أحد الأصدقاء ممن كان يتولى منصباً قيادياً بالدولة، واستفسرت عن أحواله بعد التقاعد، فأطلق تنهيدة من أعماق أعماق قلبه، قائلاً: "والله لقد تعبت من التقاعد، والله ما أرتاح، ركضة تخليص معاملات الأهل، وشراء أغراض البيت، مثل ما أنت شايف، وتوصيل للمدارس، وإصلاحات، وترميم البيت، وغيرها، والله أيام العمل كانت أريح! حيث كان هناك سائق يوصل، وآخر يقوم بشراء الأغراض، ومراسل يخلص المعاملات، وشركات تركض وراءك".

قاطعته: لكن يا بوفلان هذا عكس المفهوم عن نظام التقاعد الذي يعني إعطاء الفرصة للشباب، فلو دامت لغيرك ما وصلت إليك، كما يعني الراحة بعد هذه السنين من العمل المرهق، ففي أميركا وأوروبا، وقبل أن أكمل حديثي قاطعني: ياخوي تكفى، فكنا من أميركا وأوروبا، إحنا في الكويت، ثم واصل دفع العربة التي امتلأت بأغراض البيت.

من ناحية أخرى، أبلغني أحد الأصدقاء أن في الإدارة التي يعمل بها في إحدى وزارات الدولة المنوط بها إنجاز بعض الأعمال المهمة مجموعة من موظفي الإدارة، يأتون للعمل كل أسبوعين مرة تقريباً، ليس للاطمئنان على سير العمل، ولكن لقضاء بعض الوقت مع الربع، فقد "ولهنا عليكم"، ومن هنا تأتي دعوتنا إلى الإدمان على الإخلاص في العمل، فهل لنا أن نتخيل الكويت كيف ستكون لو أخلص العامل والموظف والقيادي والمسؤول، كل في مجال عمله؟ ولكن هل يمكن ذلك، لا أعتقد ذلك في ظل الأوضاع الحالية، ونحن نرى أن من يقود قطار الفساد هم بعض المسؤولين والقياديين والمؤسسات والشركات الحكومية التي، على الرغم من تحقيقها خسائر متراكمة، نرى ارتفاع رواتب مجالس إدارتها وكبار المسؤولين فيها فضلا عن المكافآت السنوية لهم.

 وكم شعرنا بالأسى عندما شاهدنا ما حدث في انعقاد الجمعية العامة لإحدى الشركات التي حققت خسائر تفوق التوقعات، ثم ماذا يعني أن تقوم بعض الجمعيات التعاونية بتعيين أعداد هائلة من العمالة تفوق حاجتها، وذلك لتحقيق مصالح البعض دون مراعاة لمصلحة الوطن وأمنه، وكم يسعدنا ما تقوم به وزارة الداخلية من إجراءات من شأنها تعزيز الأمن في البلاد، ومع جل احترامنا لمبدأ حقوق الإنسان، حيث إن روح الإنسان وأمن الوطن أهم من تلك الشعارات والتنظير والنظريات، فلا مجاملة في أمن الوطن وسلامته.

إنها الكويت دانة الدانات، يهون في سبيلها كل شيء، ألم نتعلم من درس قاسٍ عشناه على مدى سبعة أشهر تعادل الدهر كله.

 دعاؤنا من القلب أن يحفظ الله الكويت وقيادتها وأهلها من كل سوء ومكروه.

back to top