محتوى المقال ليس بجديد، بل يكاد يتكرر كل يوم عبر وسائل الإعلام المرئية والمكتوبة، ويشهده المواطن عند مراجعته لأي دائرة من وزارات الدولة، فالتأخير والروتين القاتل سمة العمل الحكومي، وكأن القدر كُتِب علينا أن نظل على هذه الحال إلى أن يرث الله الأرض ومن عليها.

Ad

فلسفة الحكومة الإلكترونية حصَرها البعض في دفع الغرامات وتجديد جواز أو رخصة قيادة، بينما الدولة برمتها تحتاج إلى نفضة وإعادة تأهيل عبر تقديم كل وزارة رؤيتها نحو مفهوم الحكومة الذكية أو الحكومة الإلكترونية وإدراجها ضمن خطة التنمية، فالترهل الوظيفي وصل إلى درجات غير مقبولة من سوء الأداء.

بعض المسؤولين لا يتقبل فكرة التطوير أو انتقاد آلية العمل، وكأن الأمر شخصي، فتجده يستميت في الدفاع عن تلك الإجراءات دون أن يسمح لعقله بقبول فكرة التغيير وتقديم البدائل التي تتماشي مع عصر تكنولوجيا المعلومات، إما لأنه مغيَّب عنها أو لأنه لا يعرف منها سوى الـ"تويتر" والـ"واتس آب"، بينما العالم يتطور، وهؤلاء يرفضون أبسط قواعد التطوير الوظيفي.

لا أدري مَن ألوم؟ ديوان الخدمة المدنية أم مجلس الخدمة المدنية أم جهاز تكنولوجيا المعلومات أو حتي مجلس الوزراء لغياب الخطط والبرامج التطويرية رغم ما تصرفه الدولة من الملايين على البرامج والأجهزة الحاسوبية دون أن ينعكس هذا الصرف على جودة العمل، فالبيروقراطية، مع طول الدورة المستندية، مازالت سيدة الموقف، مما يجعلنا نترحم على أيام زمان.

أكتفي بهذا القدر من النقد، للانتقال إلى الحلول، وهي كثيرة ويمكن تطبيقها بشرط وضع الرجل المناسب في المكان المناسب، إذ ترتبط التنمية بقدرة الأفراد على التطوير والإبداع عبر تمكين الكفاءات، كما فعلت دولة الإمارات العربية في وضع سياسة الرقابة اللاحقة على الأداء، فالمسؤول يدرك أن رقابة الشيخ محمد تسبقه، وعلى قدر تحقيق الأهداف يكون الاختيار والبقاء والتكريم.

الرقابة والإصلاح الإداري مسؤولية جماعية، بل لابد أن يكونا حكوميين بالدرجة الأولى، إذا كانت هناك نية صادقة للإصلاح، لأن هذا الملف هو المحرك الأساسي لبرنامج عمل الحكومة، والعنصر البشري هو أهم ركائزه، وعليه يجب أن يأخذ مكانه في سلم الأولويات بخطة التنمية.

من الحلول الإدارية التي لم تعد تجدي نفعاً، وأثبتت فشلها، التدوير في المناصب القيادية، وكأن هذه السياسة وُجِدت لإنقاذ الفاشل، فالناجح أو المتميز بدلاً من أن يشق طريقه إلى الأعلى تجده يقدَّم قرباناً للمسؤول الفاشل، بينما الحل سهل وبسيط عبر إزاحة المسؤول الضعيف دون مجاملة.

أخيراً:

أسعار النفط العالمي تتهاوى بشكل متسارع، والحلول التي أعلن عنها مجلس الوزراء عبر ترشيد الإنفاق تحتاج إلى مزيد من التوضيح والمكاشفة، والمواطن البسيط يجب أن يُبعَد عن هذه السياسة، لأنه لا ناقة له ولا جمل فيها، ولن يستطيع مواجهتها إن دخل ضمن هذه الحسبة... ودمتم سالمين.