بأيديكم تصنعون ذكراكم

نشر في 30-05-2015
آخر تحديث 30-05-2015 | 00:01
 يوسف سليمان شعيب في زمن اتفاقية الاستقلال وإنهاء الانتداب البريطاني لدولة الكويت كان الحاكم آنذاك هو الحادي عشر من عائلة آل الصباح الكرام، الشيخ عبدالله السالم، طيب الله ثراه، الذي تنازل، عند توليه الحكم، عن كل ما يملك لمالية الكويت خدمة للشعب. وبعد أن تعرضت الكويت لعدة تهديدات اندفع إلى وضع دستور يضع الكويت ضمن خريطة دول العالم، ليضمن لها كيانها وحدودها واستقلالها، وقد أجريت أول انتخابات لمجلس الأمة في أوائل عام 1963، وعند أول جلسة لمجلس الأمة قام بأداء القسم، وذلك لأن الأمير في الدستور يجب أن يؤدي القسم أمام المجلس؛ لكي يتولى الحكم في البلاد، وقد أداه رغم مرور 13 سنة على توليه الحكم.

وكان خطابه يدعو الجميع إلى توحيد الصفوف أمام التهديدات، والتمسك بالدين والعادات والتقاليد، وإرساء مبادئ العدالة بين أبناء المجتمع، واحترام الرأي والرأي الآخر والقوانين والحريات، وحماية المال العام، والدفاع عن البلد، أما الآن فأغلب ذلك أو كله قاب قوسين أو أدنى من الانقراض، ومنه ما وصل إلى حالة الندرة.

وفي المقابل، نرى أن معظم ما هو مضاد لما ذكر أصبح في يومنا هذا منتشراً ومعتاداً، فاختراق القوانين والصعود عليها أصبحا من شيم الأقوياء، وكتم الحريات وإسكات الألسن صارا من اختصاص من يرفعون شعار الحرية والتعبير عن الرأي، ومال الدولة أصبح مدعاة للسرقة والنهب، ومن هم في محل الحماية له هم أول السارقين.

ولكي نرى ذلك بوضوح دعونا نستذكر بعض الأقوال التي خلدت ذلك الزعيم، فلكل زعيم أو قائد لأمة، أقوال تكتب بماء الذهب على كل جدار في هذا الوطن، فمنها ما يلمس الوطن والمواطن، ومنها ما يلمس الشعوب الأخرى، ولزعيمنا عبدالله السالم هذا القائد المحب لشعبه ووطنه أقوال كثيرة نوجزها في الآتي:

• ثروة الكويت ملك للشعب وأنا حارسها. (وهذا ما عهدناه على أبناء هذه الأسرة الكريمة).

• الدستور الذي أصدرناه ليس أكثر من تنظيم حقوقي لعادات معمول بها في الكويت، فقد كان الحكم دائماً في هذا البلد شورى بين أهله. (وهذا ما جعل الحكم يستمر دون نزاع لمئات السنين، وهو الاستقرار الدائم للحكم والدولة".

• الديمقراطية هي سبيل الشعب الذي يحترم إرادته في الحياة الحرة، ولا كرامة من غير حرية، ولا حرية من غير كرامة. (معادلة مغلفة بحكمة ودراية وخبرة ومحبة، تصل بالإنسان إلى القمة، في العطاء والإنتاج والوطنية).

• لا فرق عندي بين مواطن ومواطن، ولا بين كبير وصغير، الكل سواسية في الحقوق والواجبات، أحبهم إلى الوطن أكثرهم نفعاً له، وكلنا من هذا الوطن، وكلنا له، نفديه ونخلص له، ونذود عنه كيد الكائدين، وطمع الطامعين. (وهذا عين الصواب، فأمن واستقرار البلد يتطلبان أن تكون الرعية سواسية، لا تمايز بين أفرادها تحت مظلة القانون).

• على هذا الجيل أن يتحلى بآداب وأخلاق آبائه وأجداده الأوائل، وأن نعمق في نفوس النشء الإحساس بالقيم والتراث العربي والإسلامي حتى يكون جيلاً صالحاً نافعاً. (وهذا ينطبق على كل جيل، ويشترك في ذلك البيت والمدرسة والإعلام والصحافة والمجتمع بأسره، وهذا الاهتمام سينصب في مصلحة الشعب والوطن).

هذا الحاكم لا يمكن للكويت وشعبها أن ينسوه، ولا بقية الحكام الذين مروا على الحكم من هذه الأسرة الكريمة، وكل حاكم منهم له مواقفه المشرفة مع الشعب، وهذه المواقف هي التي تخلد ذكراهم في قلوبنا وعقولنا.

ازرعوا لأنفسكم ذكرى جميلة في حياة الآخرين، ازرعوها في نفوس من حولكم مهما كانت مناصبكم ومواقعكم، واعملوا ليدعو لكم الناس بعد رحيلكم "الله يرحمه"، فبأيديكم تصنعون ذكراكم.

وما أنا لكم إلا ناصح أمين.

back to top