تستوحي الفنانة ميريام دلال معرض {الرحيل قريباً} من سلسلة التفجيرات التي هزَّت لبنان منذ عام 2013، وتسعى إلى إضافة نقاشات مرتجلة للذاكرة الفردية أو حتى الجماعية في سياق المجتمع الذي تمزقه أعمال العنف المتكررة، ومع ذلك كله ما زال يناضل للتوفيق بين الروايات في غياب إجماع تاريخي. في الوقت نفسه، يثير {الرحيل قريباً} ثقافة الاحتفالات التذكارية المنتشرة التي تجتاح المساحات الخاصة والعامة كاشفةً عن واحدة من الانشقاقات التي تنتج من الصراعات.

Ad

تظهر من صميم المعرض فكرة الارتباط العاطفي وعلاقتنا بالمتوفين مع مرور الوقت من خلال التذكر. وتستند الفنانة في طرحها إلى فكرة نيتشه التي تنص على جدلية أن عملية النسيان لا وجود لها، والذكريات هي مجرد تجارب معينة ويحتفظ بها شكل دائم من الفرد ويستدعيها متى شاء. وتسعى دلال إلى ابتكار بيئة تفاعلية تسمح للمتفرجين بمواجهة فعل التذكر بإيماءة رمزية من شأنها أن تحرر أحبائهم من عبء تكريمهم بعد الموت.

استخدمت الفنانة مجموعة من الصور لتحفز المتفرجين على المشاركة في هذه العملية، وضاعفت من قوة العمل من خلال إضافة عنصر الصوت إليه. ويستند المكون الرئيس في المشروع إلى سلسلة من الصور الفوتوغرافية لشبان يبدون نائمين، تحشو آذانهم وأنوفهم قطع من القطن، وعيونهم مغلقة، ما يشير إلى اللحظة التي توقفت حواسهم فيها. فمع فقدان القدرة على الرؤية والشم والسمع، تقترح الفنانة أن تحمي الشخصيات التي اختارتها من المحفزات الخارجية التي قد تثير ذكريات عن الراحلين.

تجارب شخصية

رغم الغموض المطروح في الصور، والذي من الممكن قراءته على أنه مجرد التقاط للحظات من السبات العميق أو الموت نفسه، فإن طبيعة العمل تبدو مفتوحة الملامح، وفيه دعوة للمتفرجين لإدراج تجاربهم الشخصية للحزن والذكرى تتموضع الصور الفوتوغرافية أمام مرايا ذات حجم مماثل، كتب عليها {عزيزي x}، يرجى نسياني بعد رحيلي}، من هنا وعندما يقترب المتفرجون من لوحات الرجال النائمين، ستعترضهم انعكاساتهم الخاصة.

ويتيح العمل أيضاً المجال للمشاركين في هذه التجربة أن يبادروا بتشكيل صورهم الخاصة وإضافة الأسماء عليها ومحاولة منع حواسهم من العمل بتلك اللحظة لتحرير أولئك الذين نجوا من عبء الحداد الطويل. وتسمع في المكان المستخدم لعرض العمل، تسجيلات صوتية تبث أسماء الضحايا الذين سقطوا جراء التفجيرات اللبنانية منذ عام 2013، كنوع من التأكيد على الشعور الجماعي السائد بالخوف من {الرحيل قريباً}.

نبذة

ميريام دلال فنانة لبنانية مقيمة في بيروت تتبع مناهج فنية متعددة. نالت شهادة الدبلوم في الفنون التشكيلية من الأكاديمية اللبنانية للفنون الجميلة بدرجة امتياز. شاركت في كثير من المعارض، من بينها: آرت سيركل غاليري، لبنان 2013، كرنفال أي كريتيفتي، الهند 2012، صالون الخريف، متحف سرسق، لبنان 2012، زيكو هاوس، لبنان 2010، رشحت أخيراً ضمن قائمة المرشحين لجامعة HSG ART@TELL بفئة الفنانين الناشئة، سويسرا.

تعمل دلال في مجال الكتابات الفنية إلى جانب ممارستها الفنية، كذلك تدرس التصوير الفوتوغرافي في جامعة سيدة اللويزة، لبنان. نشرت كتاباتها في صحف، من بينها: النهار، الأخبار، المدن، وبيروت دوت كوم.