ضيرى الخبراء أن هبوط العائدات النفطية في الدول المنتجة سيفضي إلى تراجع معدل النمو فيها.

Ad

سادت العالم منذ الصيف الماضي حالة من الترقب الممزوج بالأمل في أن تتحول ظاهرة هبوط أسعار النفط الى سمة دائمة تسهم في تنشيط الاقتصاد ورفع معدل النمو في الدول الصناعية.

وعلى الرغم من تحقيق جزء من هذا الأمل في البعض من البلدان، فإن التقلبات والاضطرابات السياسية – وخاصة في الشرق الأوسط – قلصت الى حد ما فكرة التعويل على النفط بصورة مطلقة نظراً لما تنطوي عليه من عوامل مثيرة للقلق وعدم الاستقرار وضمان الإمداد.

وتحولت الأنظار من جديد الى مصادر اخرى اخرى للطاقة تتسم بالاستمرار والبعد عن التقلبات السياسية، وعاد الاهتمام ليتركز على الفحم كمصدر شبه آمن للطاقة.

وفي الولايات المتحدة، تعرضت هذه الخطوة الى معارضة حادة بسبب عوامل بيئية في المقام الأول، كما أن وزارة الداخلية الأميركية اعترفت بضرورة اجراء اصلاحات في مجال استخدام الفحم ودعت الشركات المنتجة الى التقيد بحدود معينة تلبي مستويات السلامة والتنافسية.

وكان الاهتمام تركز أيضاً منذ سنوات عدة على النفط الصخري الذي يقلص اعتماد الصناعة على مصادر الطاقة التقليدية الى حد كبير، كما تبين في الولايات المتحدة وكندا على وجه الخصوص.

وقد أفضى هذا التطور الى فقدان الدول المنتجة للنفط بعض الحصص المطروحة في الأسواق العالمية لمصلحة الشركات الأميركية والكندية، ما دفعها الى زيادة انتاجها من النفط على الرغم من انخفاض الطلب عليه بصورة عامة.

الدول المستهلكة

ويرى خبراء الطاقة أن هبوط العائدات النفطية في الدول المنتجة سيفضي الى تراجع معدل النمو الاقتصادي فيها وارتفاعه في الدول المستهلكة. كما ان قدرة الانسان على التحكم بالموارد متغيرة على الدوام، وتخضع لطائفة واسعة من العوامل الطبيعية والسياسية والاقتصادية. ويذكر في هذا الصدد تأثيرات اعتماد الصناعة على النفط الصخري بشكل لافت وما  أفضى اليه ذلك في الولايات المتحدة بعد تراجع عدد الآبار في أعقاب هبوط اسعار النفط في السنة الماضية، والذي جعل تلك العمليات غير مجدية من الوجهة التجارية.

والسؤال الذي يطرح نفسه هو مستقبل الطاقة بعد سعي الانسان الحثيث الى ابتكار بدائل شملت الشمس والرياح والقمامة والطحالب في محاولة لتقليص الاعتماد على المصادر التقليدية وانعكاسات ذلك على الدول التي تعتمد على الوقود الأحفوري منذ عقود طويلة، وذلك على الرغم من تباين الأسعار بشكل لافت بين مختلف المصادر.

ويواكب هذا السعي الذي وصل في الآونة الأخيرة الى اطلاق طائرة تعمل بالطاقة الشمسية انتاج البضائع بصورة متزايدة نتيجة هبوط أسعار الطاقة الذي خفض تكلفة التصنيع مع ملاحظة عدم التعويل على هذا المسار في الأجل الطويل وخاصة بالنسبة الى الزيت الصخري الذي يتطلب توافر تكلفة عالية تتمثل في المقام الأول في عمر آبار ذلك الزيت مقارنة بآبار النفط الأحفوري.

ثم إن هبوط أسعار النفط التي تعرضت لهزة غير متوقعة بعد الأحداث الأخيرة في منطقة الخليج سينعكس بصورة غامضة على اقتصادات العالم من حيث غياب استدامة الامداد المنتظم والتحول في الأسعار واضطراب الانتاج، وهي عوامل قد تفضي الى دور سلبي على دخل الدول المنتجة وحدوث تباطؤ في اقتصاداتها اضافة الى تداعيات ذلك على وضع واستقرار الاقتصاد العالمي – مع الاشارة الى استفادة بعض قطاعات التصنيع من هذه التطورات.

ولعل السؤال الذي لابد أن يطرح هنا هو: ما الذي سيكون عليه حال منظمة الأوبك في حال استمرار هذا التنافس وإصرار بعض الدول الأعضاء على الحفاظ على مستويات الانتاج والهيمنة على الحصص الحالية من الانتاج؟