حصد «يلا عقبالكن» نسبة مشاهدين مرتفعة، إلام تعزين ذلك؟
هو فيلم حقيقي وواقعي، يشبه الجمهور سواء على صعيد الشخصيات التي يمكن أن نلتقي بها في حياتنا اليومية، أو أمكنة التصوير المألوفة لدينا، لذا يمكن لأي مشاهد التماهي مع إحدى الشخصيات التي ترجمت ما يفكّر فيه في قرارة نفسه، فرأى أمامه مواضيع تعنيه، لذا تفاعل معها بشكل تلقائي.تجسدين شخصية الأم التي تعاني «فوبيا» عنوسة ابنتها، كيف تقيّمين تركيبة هذه الشخصية؟تنتاب هذه الهواجس كل أم من دون أن تظهرها بالضرورة إلى العلن، فثمة أمهات يطالبن بناتهنّ بالارتباط علناً، فيما أخريات يبقينه في سرّهن، لذا ما عبّرت عنه، عبر الشاشة من خلال هذه الشخصية، هو حقيقي، والتعابير التي استخدمتها مألوفة في مجتمعنا ونسمعها على لسان أمهّات كثيرات.برأيك هل تتماهى هذه الأم مع طبيعة المجتمع العربي؟طبعاً، تفضّل الأم العربية أن ترى ابنتها متزوجة وأماً أولاً، قبل أن تراها صاحبة شهادات علمية عالية، لأن العلم والعمل ثانويان مقارنة مع الزواج والإنجاب بالنسبة إليها. لذا لا مبالغة في شخصيتي السينمائية بل هي نابعة من صلب المجتمع، والدليل على ذلك، عندما ألتقي الناس في الشارع يرددون الجملة التي أقولها في إعلان الفيلم.ألم يسهم أداؤك الحقيقي في جعل هذه الشخصية حقيقية إلى هذه الدرجة؟قالت نيبال عرقجي، كاتبة الفيلم، إنها لم تخترع شيئاً، بل نقلت ما رأته في محيطها وعايشته فأحبّت الحديث عنه. أمّا بالنسبة إلى طريقة الأداء، فلم أفتعل مواقف مضحكة، لأن المبالغة في هذه الشخصية غير مقبولة، خصوصاً أن المواقف الواردة في سياق العمل كافية ووافية، لذا جسّدت هذه الشخصية بصدق. هل قصص بطلات الفيلم الأربع شائعة في مجتمعنا العربي؟طبعاً، تخطّت فتيات كثيرات سنّ الثلاثين من دون زواج وذلك لأسباب عدّة، منها سعيهنّ إلى الدراسة والعمل قبل إيجاد الشخص المناسب لمستواهنّ العلمي والثقافي والمهني، لكننا نلاحظ، أيضاً، أن الشباب المثقفين، في غالبيتهم، يهاجرون بهدف العمل وتأمين المستقبل، وهذه أزمة يعانيها مجتمعنا، لذا تعاطف الجمهور مع ما طرحه الفيلم كونه يعكس واقعاً.تضمّن الفيلم جرأة في بعض المشاهد والكلمات، هل يمكن تحديد الجرأة الفنية؟يضحكني الحديث عن الجرأة! لأن الجرأة في أفلامنا المحلية في ستينيات القرن الماضي وسبعينياته تخطّت ما نراه راهناً. تعكس السينما الحقيقة، وواقع المجتمع ولا يمكن الاختفاء وراء إصبعنا فيها، والأهمّ أسلوبها الفنّي، فإمّا يكون ناجحاً أو فاشلا. ثم لماذا ربط الجرأة بالتلميحات الجنسية فحسب؟تكمن الجرأة في طريقة طرح الفكرة ومعالجة موضوعٍ يُعتبر «تابو» في المجتمع مثل العنوسة، واستحالة بعض العلاقات بين الرجل والمرأة التي عالجها الفيلم بصدق من دون أن يحوي ألفاظاً مبتذلة أو غريبة عن مجتمعنا، لذا تقبّله الجمهور ولم ينفر منه. أمّا المشاهد التي اعتبرها البعض جريئة فأتت في السياق الطبيعي للفيلم، وأعطته مصداقية ولم تكن مبتذلة. من جهة أخرى، وقبل الإشارة إلى الجرأة في الأفلام اللبنانية، لماذا لا يرونها في الأفلام المصرية مثلا!بينما تغيبين عن الشاشة الصغيرة تطلين في السينما، ما سبب ابتعادك عن الدراما التلفزيونية؟عندما أتلقى نصّاً يعجبني، وتتوافر المكونات التي أطمح إليها في التلفزيون على صعد الكتابة والإخراج والإنتاج وفريق العمل، عندها لا أغيب!هل تقدّم لك السينما والمسرح ما لم يقدّمه التلفزيون؟أستمتع بما يُعرض عليّ على صعيدي السينما والمسرح، فيما لم أتلقَّ، منذ سنوات، دوراً تلفزيونياً جاذباً لأؤديه، يرضيني فنياً ويحمّسني للمشاركة فيه. أحب الإطلالة عبر التلفزيون لاستمرار التواصل مع الناس الذين يظنون أنني بعيدة عن المهنة كوني غائبة عن الشاشة الصغيرة.كيف تقيّمين العجلة السينمائية اللبنانية؟ثمة أعمال جميلة إنما نحتاج إلى الاستقرار لتتحرك عجلة الإنتاج أكثر. برأيي، نحن متجهون إلى أعمال أجمل مما عُرض حتى الآن، خصوصاً أن صالات السينما تعي راهناً أهمية الفيلم اللبناني، وبات جمهورنا يعطي أولوية للفيلم المحلي على حساب الفيلم الأجنبي، شرط أن يكون ناجحاً وجميلا، لأنه يرى فيه قصصه ومجتمعه. أفرح لنجاح أي فيلم سينمائي محلّي، لأنه يستردّ تكاليف إنتاجه المرتفعة والنابعة من مبادرات فردية. من هنا أحيي نيبال عرقجي لشجاعتها بإنتاج فيلم ثانٍ بعد «قصة ثواني».والخلطات العربية في المسلسلات الدرامية؟أؤيدها شرط أن يستوجب الموضوع ذلك فنصدّق ما نراه، فأحياناً يحصل افتعال غير واقعي. إطلالتنا عبر الفضائيات العربية من خلال هذه الأعمال جيّدة، لكنني أفضّل أن نطلّ عبر أعمال محلية صرف، أيضاً، وهذا ما يحصل أحياناً.ما انعكاس هذه الأعمال على الدراما المحلية؟لا تؤدي إلى المنافسة بحدّ ذاتها إنما تحثّ على تقديم أعمال محلية بمستوى الأعمال العربية المشتركة، وعدم التهاون للحفاظ على الموقع والتطوّر. من جهة أخرى، ليست الأعمال العربية المشتركة كافة جيّدة فثمة أعمال سيئة أيضاً.هل ترين تطوراً في مستوى الدراما المحلية؟طبعاً، وثمة جمهور لبناني يتابع العمل المحلي ويدعمه ويتعاطف مع الممثلين اللبنانيين، ويفضّله على المسلسلات التركية والسورية، ما أدى إلى سعي المؤسسات المرئية إلى إنتاج هذه الأعمال وعرضها. في النهاية، عندما يوضع الشخص المناسب في الموقع المناسب، ويتوافر فريق تقني جيّد، يتحسّن الإنتاج ويتقدّم، خصوصاً مع انطلاق مؤسسات إنتاجية جديدة، ما يفعّل المنافسة الإيجابية وينعكس على نوعية الإنتاج والأعمال.دراما تلفزيونيةهل من مشروع درامي تلفزيوني قريب؟لا شيء في الأفق القريب على صعيد التلفزيون، إنما ثمة أعمال سينمائية قيد التحضير.هل تختلف انطلاقة جيل جديد من الممثلين عن إنطلاقتكم؟طبعاً، بسبب اختلاف الظروف، فنحن انطلقنا في زمن الحرب، وفي ظل ظروف إنتاجية صعبة. لكن، في الماضي، عندما كانت تُسلّط الأضواء على ممثل ما، كان الجميع يحيطه إعلامياً ومهنياً ويلفت النظر بأدائه، أمّا راهناً وبسبب المزاحمة في الوسط الفني، يضطر الممثل إلى الخضوع لـ{كاستينغ» والاجتهاد لإثبات وجوده عبر وسائل عدّة.لكننا لم نعد نميّز بين الممثل المتخصص وبين الدخيل إلى المهنة؟هذه إحدى المشاكل التي يعانيها الجيل الجديد أيضاً، بسبب الدخلاء الذين ليسوا جميعهم بالضرورة سيئين، إنما أصبحت الأولوية للظهور أكثر من الأداء، ما صعّب على الأشخاص الجديّين شق طريقهم المهنية. من جهة أخرى، عندما يُفسح في المجال أمام دخلاء لإظهار قدراتهم لا يعني ذلك نجاحهم، بالضرورة، لأنهم عندما يقفون إلى جانب ممثل جيّد، عندها سيظهر الفرق. نلاحظ أنه مع تقدّم الإنتاجات المحلية، أصبح المنتجون يبحثون عن العمل المتقن وعن الجودة، لذا نرى في الأعمال الأخيرة طغيان خريجي المسرح على الممثلين الآخرين. رغم غيابك عن التلفزيون، لا تزالين ماثلة في ذاكرة الجمهور، كيف تفسّرين ذلك؟فوجئت بردود فعل الجمهور الإيجابية، مع أنني لم أشارك في أي دراما بعد مسلسل «الشحرورة»، منذ أربع سنوات، رغم أن ذاكرته قصيرة في ما يخصّ التلفزيون، إلا أنه يدرك أنني لا أختار إلا الأدوار الجيدة، وهذا ما يعبّر عنه عندما ألتقيه في الأماكن العامة.
توابل - مزاج
جوليا قصّار: «يلا عقبالكن» فيلم واقعي من صلب مجتمعنا
04-02-2015