البرامج الاجتماعية... ملاذ الإعلاميين بعد «السياسية»

نشر في 15-12-2014 | 00:01
آخر تحديث 15-12-2014 | 00:01
هل تشكل البرامج الاجتماعية نافذة يهرب من خلالها الإعلاميون من السياسة لملل الجمهور من برامج الـ{توك شو}؟ سؤال يطرح نفسه بعدما انتقل عمرو الليثي، ومنى الشاذلي، وإعلاميون آخرون من البرامج السياسية إلى الترفيهية والمنوعات والبرامج الاجتماعية، وحذا حذوهم فنانون اتجهوا إلى تقديم هذه البرامج.
انتقل الإعلامي عمرو الليثي من تقديم برامج سياسية عدة من بينها «90 دقيقة» على شاشة قناة «المحور»، إلى تقديم برنامجين اجتماعيين على قناة «الحياة»، هما: «واحد من الناس» و{بوضوح»، يسلطان الضوء على الجانب الإنساني لدى الفنانين من خلال زيارة يقومون بها إلى دور الأيتام أو رعاية المسنين، فيما انتقلت منى الشاذلي من قناة «دريم» التي قدمت فيها برنامج «العاشرة مساءً» إلى برنامجي: «جملة مفيدة» عبر شاشة «MBC مصر}، و{معكم} الذي يهتم بالمجتمع والشخصية المصرية، ويتم تصويره في حضور الجمهور.

هروب معاكس

ظاهرة تقديم البرامج الاجتماعية انسحبت على الفنانين والمؤلفين أيضاً، من بينهم: إسعاد يونس في برنامجها «معكم»، والمؤلف مدحت العدل عبر برنامجه «أنت حر»، ولعل النجاح الذي حققه كلاهما، وانخفاض نسبة متابعة البرامج السياسية، ما لم يكن ثمة حدث سياسي عظيم يستحق المتابعة، واهتمام الجمهور بمتابعة حلقاتهما الجديدة، يؤكد ذلك، خصوصاً أنهما يحرصان على التنويع، فإسعاد تستقبل في استوديو برنامجها ضيوفاً قليلي الظهور الإعلامي، وآخرين لم يخطر ببال معدي البرامج الأخرى استقبالهم، وتختار موضوعات معينة لتقدم من خلالها حلقات مميزة، كذلك يتحاور مدحت العدل مع ضيوفه حول جوانب عملهم، ما لم يتعلق سبب استضافته بمناسبة معينة كفيلم طرحه النجم مثلاً.

دردشة وأفكار

لم يتجه مدحت العدل إلى تقديم البرامج إلا عندما وجد برنامجاً له علاقة بعمله، لا سيما أنه يتمتع بجانب من الثقافة يساعده في ذلك، وضيوفه من المبدعين في مجالاتهم، ولأن هذا الإبداع لا يتحقق إلا بالحرية، فقد اختار «أنت حر» عنواناً لبرنامجه. يؤكد أن اختيار الموضوعات يتم بالاتفاق بينه وبين فريق الإعداد ورئيسة التحرير، ما يساعده على استقبال فئات مختلفة من الضيوف وإجراء حوارات متميزة معهم.

بدوره يوضح أحمد فايق، رئيس تحرير برنامج «صاحبة السعادة»، أن إسعاد يونس تحرص على أن يكون الحوار على طريقة الدردشة، لأنها لا تقدم برنامجاً من نوعية برامج «اغتيال الضيوف» التي تجبرهم على التصريح بأمور معينة، لذا يتحدث الضيف معها بأريحية، وتتسع مجالات الحديث بينهما بما يجعل المشاهد يندمج معهما كما لو كان موجوداً في الأستوديو.

يضيف أن الهدف من البرنامج البحث عن الهوية المصرية، وعن مواطن الجمال والخير في البلد، موضحاً أن هذا المجال ليس فقيراً من ناحية الأفكار، ومن يدقق النظر فيه سيجد كماً هائلاً يمكن استخدامه.

 يتابع أن خلف كاميرا «صاحبة السعادة» ثمة ورشة عمل ضخمة تبحث عن أفكار جديدة بهدف إرسال طاقة إيجابية للمشاهدين، من بينها: أشهر المطاعم المصرية، نجوم التسعينيات الذين افتقدناهم، أمثال حسين الإمام الذي استضافه البرنامج في آخر لقاء تلفزيوني له، حميد الشاعري، علاء عبدالخالق، حسام حسني، نبيل فاروق مؤلف سلسلة روايات «رجل المستحيل».

مخرج وهروب

يعتبر د. صفوت العالم (خبير إعلامي)، أن هذا النوع من البرامج جاء كبديل للبرامج السياسية، مشيراً إلى أن هذه الموجة بدأت مع اتجاه عمرو الليثي إلى تقديم {واحد من الناس} على شاشة قناة {الحياة}، ويتناول فيه البُعد الإنساني للفنان، وهو بمثابة مخرج  له بعدما كان في مأزق أمام الإخوان، لا سيما أنه اختير مستشاراً لهم، وكان من الطبيعي أن يقلق مع اعتلاء الرئيس عبد الفتاح السيسي الحكم.

يضيف أن قناة CBC تعد أكثر المحطات التي تفتح أبوابها لهذه البرامج، إذ تقدم عبر شاشاتها: {أنت حر}، {صاحبة السعادة}، {معكم}، والأخير الذي تقدمه منى الشاذلي بمثابة هروب لها من جوانب الجدل إلى الوفاق، عبر اختيار ضيوفها من شخصيات لا جدل كبيراً أو اختلافاً في الأفكار حولها، بل تقترب، في بعض الأحيان، من الإجماع عليها، وذلك بحضور مجموعة من الشباب في الأستوديو.

يتابع: «إن لم يتأثر المشاهد بكلام الضيوف في البرنامج فوجود الحضور في الأستوديو وتعليقاتهم ولو مجرد ابتسامة، يدعم قدرات المذيع والبرنامج نفسه، خصوصاً أن هذا الحضور يرافق أداء المذيع أو الضيف ويبعث حيوية خلال فقرات البرنامج}.

لا يجزم بأن الجمهور سيتابع البرامج الاجتماعية والمنوعات باستمرار، {لأنه قد ينصرف عنها ويلجأ إلى السياسية عند تصاعد الأحداث، وفي حالة سير الأمور على وتيرة واحدة، يتنقل بين البرامج، لأن الجمهور العربي انتقائي»، لافتاً إلى أن برامج اكتشاف المواهب الغنائية مثل «أراب أيدول» ينال بعض حلقاتها من نسبة مشاهدة البرامج السياسية أيضاً، بسبب عناصر الإبهار والإنفاق الضخم وجذبها شخصيات فنية كبيرة لا خلاف عليها.

غرق برامج الحوارات في القضايا السياسية أبعد الناس عن متابعة برامج تتناول مشكلات يومية وخدمات، بحسب د. هويدا مصطفى (أستاذة الإعلام في جامعة القاهرة)، لأن الاهتمامات والأولويات لدى المشاهد اختلفت في الفترة الأخيرة، وأصبح بحاجة إلى متابعة برامج خفيفة تقلل من حدة تأثره بالقضايا اليومية وتغير من حالته المزاجية، واستدلت على حديثها بتسجيل لميس الحديدي، على سبيل المثال، حلقات من برنامجها «هنا العاصمة» خارج جدران الأستوديو، من بينها تلك التي قدمتها في شارع المعز.

تضيف: «اهتمام الناس بالشأن العام لن ينحصر في الموضوعات السياسية إلا إذا كان ثمة حدث سياسي كبير، لكن في الظروف العادية يتجه الجمهور إلى البرامج الاجتماعية والترفيهية  لتشبعه من السياسية».

تتابع: «برامج المنوعات من بينها «ستار أكاديمي» جمهورها محدود، ثم فكرة نجاح نمط معين من البرامج وتقديم نسخ متعددة منه قد يخفضان نسبة مشاهدتها، لا سيما أن بعضها بعيد عن واقع المجتمع المصري لأن قوالبها عالمية وليست عربية، لذا الاهتمام بمتابعتها سيكون وقتياً، وفق مزاج المشاهد».

back to top