وصف مراقب مجلس الأمة النائب أحمد لاري رئيس مجلس الوزراء سمو الشيخ جابر المبارك بأنه إصلاحي ورجل المرحلة، لكنه لا يمكن أن يعمل بمفرده «إنما علينا كنواب ووزراء معاونته للنجاح في مهمته»، لافتاً إلى تراجع صراع الأسرة.

Ad

وقال لاري، في حوار مع «الجريدة»، «إن الحكومة نفسها غير راضية عن أدائها، فما بالك بمجلس الأمة، ورغم ذلك فإن هناك بوادر خطوات إصلاحية جادة لبعض الوزراء بهدف إحداث نقلة نوعية في الأداء الحكومي».

وانتقد قرار الحكومة رفع الدعم عن «الديزل» و»الكيروسين»، معتبرا أنه عشوائي وغير مدروس، معلنا وجود دراسة حكومية لرفع الدعم عن «البنزين» لكنها لن تمس ذوي الدخول المحدودة والمتوسطة.

وشدد على أن قوة رئاسة مجلس الأمة «قوة» للدولة، متابعا أن المجلس يعد العدة خلال دور الانعقاد الحالي لإقرار قوانين مهمة، أبرزها البديل الاستراتيجي وخطة التنمية، وقانون المناقصات والوكالات التجارية وغيرها من القوانين المهمة.

وانتقد المعارضة الموجودة خارج المجلس، معتبراً إياها «هدامة وليست وطنية كما كانت في الماضي»، نافياً وجود أي اتصال بين التحالف الإسلامي والتيارات السياسية المعارضة لمجلس الصوت الواحد مثل «حدس» و»حشد».

وعن انخفاض أسعار النفط رأى أن أهدافا سياسية ومناورات كبرى تقف وراءه، مطالبا بدور كبير للكويت في «أوبك» غير الحالي، وبأن تتخذ الحكومة الاحتياطات اللازمة لمواجهة هذا الانخفاض، خصوصا في قضية ترشيد الإنفاق، وفي ما يلي تفاصيل الحوار:

• كيف تقيّم دور مجلس الأمة الحالي خلال دور انعقاد كامل تقريباً منذ فوزك بالانتخابات التكميلية؟

-  كنت مراقباً ومتابعاً جيداً لمجلس الأمة منذ كنت خارجه خلال دور الانعقاد الأول، وأعتقد أن المجلس الحالي يتميز عن المجالس السابقة بكثير من الصفات التي كانت تفتقدها تلك المجالس حيث يتسم مجلسنا بالهدوء واستقرار العلاقة مع مجلس الوزراء والتعاون بين السلطتين فضلاً عن الإنجاز الكبير المتحقق من خلال تشكيل لجنة خاصة بالأولويات، التي ترى النور للمرة الأولى بعدما كانت الأولويات بحوزة مكتب المجلس، ما يساهم في أن تدار كل الأمور في المجلس ضمن رؤية مدروسة بهدف تحقيق أكبر قدر من الإنجاز.

وبالفعل، كانت إنجازات المجلس خلال المرحلة الماضية فريدة من نوعها، عجزت عنها المجالس السابقة لعل أهمها منح الفرد حق اللجوء إلى المحكمة الدستورية، ومكافأة نهاية الخدمة والتقاعد الطبي ، ناهيك عن القوانين والمشاريع الجديدة الموجودة على جدول أعمال مجلس الأمة كالبديل الاستراتيجي ولجنة المناقصات والوكالات التجارية ونأمل خلال دور الانعقاد الحالي أن تسرع عجلة التنمية من خلال المشاريع الاستراتيجية الكبرى المرتبطة بالصحة والتعليم والاسكان والقوانين المرتبطة بالمستوى المعيشي مثل سلم الرواتب وربط الزيادة السنوية للمتقاعدين بالتضخم، ولعل الأهم من ذلك، نهج التعاون بين السلطتين من أجل تعزيز التنمية ومجابهة الأخطار والتحديات الإقليمية المحدقة بالبلاد.

تصويب الأخطاء

• لم ألمس من حديثك انتقادا لأداء المجلس في بعض الأمور، إضافة لهذا لاتزال هناك نظرة من خارج المجلس تقول إنه في جيب الحكومة؟

- بداية اود ان اقول إن طموحنا كنواب كبير، بل واكبر من الانجازات التي تحققت، ويجب ان يكون لدينا نقد ذاتي من اجل تصويب الاخطاء ودعم الانجازات، لذلك نحن بحاجة الى تسريع عملية الانجاز وتكثيف الاجتماعات في اللجان وتعويض الجلسات التي صادف موعدها عطلا رسمية، حيث سيتم الاستعاضة بيوم الخميس لتكون هناك جلسة اضافية تعوض تأخرنا على هذا الصعيد.

اما بالنسبة للعلاقة بين السلطتين، وما يشاع بأن المجلس في جيب الحكومة فإنني أستطيع القول إن الشارع تعود على ان تكون المجالس السابقة ذات صوت عال ومرتفع، وهذا ليس موجودا في المجلس الحالي الذي يغلب عليه طابع الهدوء والانجاز، فالمعارضة الرشيدة ليست بالصوت العالي وإنما المعارضة الوطنية الصادقة هي التي توجه النقد بهدف البناء وليس الهدم.

ومع الاسف، فإن نظرة الناس اعتادت انه اذا لم يكن هناك صوت مرتفع وتأزيم فإن المجلس لا يؤدي دوره كما يجب، وهذا ليس صحيحا، واؤكد ان مقولة "المجلس في جيب الحكومة" كلام مرسل لا صحة فيه، والمجلس يعارض الحكومة ويعدل على كثير من القوانين، فنحن كنواب لدينا رأينا في كل قانون.

ولا يمكن ان يقر قانون وتوجد به علات، بل على العكس نصر دائما على ان تكون القوانين الحكومية ذات طبيعة دستورية تفيد المواطن وتنهض بالتنمية، واؤكد ان العلاقة بين المجلس والحكومة ايجابية جدا، ونتطلع الى ان تشهد الفترة المقبلة تحركا حقيقيا لعجلة التنمية.

أداء الحكومة

• ماذا عن أداء الحكومة هل أنتم راضون عنه كنواب؟

- إذا تسألني عن اداء الحكومة أستطيع القول إن الحكومة نفسها غير راضية عن ادائها ووزرائها وليس مجلس الامة فقط، لأن اي قضية او قانون او مشروع اذا لم يكن نابعا من رؤية مدروسة لا يمكن ان يكتب له النجاح.

وخير دليل على ذلك ما حصل في قرار الغاء الدعم عن الديزل والكيروسين، حيث اتخذت الحكومة هذا القرار دون دراسة، وكان من المفترض ان تدرس من هو المستفيد من الخدمات التي تعمل في الديزل، فعلى سبيل المثال كيف ستتعامل المخابز مع الغاء الدعم؟ وما هي انعكاسات هذا الالغاء على المواطنين؟ وهل سألوا المسؤولين بالحكومة مثلا من يستخدم الكيروسين بلاشك المخابز فكيف يتم رفع الدعم عن ذلك.

لذلك على الحكومة ان تمعن النظر جيدا في مثل هذه القضية، خاصة  انها تملك تصورا جديدا لرفع الدعم عن البنزين، لذا فإن عليها الا تكرر هذا الخطأ الفادح، وعليها ان تدق ناقوس الخطر وان تقدم الحكومة خططها التنموية والسنوية قبل اقرار الميزانية من اجل العمل على وضع خارطة طريق تمهد لتحقيق التنمية.

ونحن نعمل يدا واحدة مع الحكومة، لكن نرفض التهاون، كما يجب الا يكون الغاء الدعم بشكل عشوائي، والا يمس الدخل المحدود، ويجب ان تكون شرائح البنزين والكهرباء القادمة ذات عدالة، والغاء الدعم عن الديزل والكيروسين لم يكن نابعا من مجلس الامة بل قرار حكومي، ولا يحتاج تشريعات، واطلب من الحكومة التمهل والتأني قبل اصدار اي قرار يتعلق بإلغاء الدعومات.

إلغاء الدعم

• هل تستطيع القول إن هناك توجها حكوميا لفرض الرسوم والغاء الدعم عن البنزين؟

- استطيع القول إن الحكومة تعد دراسة لذلك، وانا اقول للحكومة يجب ان تعدي من الواحد إلى المليون قبل اتخاذ اي قرار يتعلق برفع اسعار البنزين او الغاء الدعم عنه، وعليها الاستفادة من الخطأ الذي ارتكبته في الديزل والكيروسين، ولابد ان تكون هناك خطة مدروسة لذلك، ولن نقبل اي قرارات عشوائية على هذا الصعيد.

• الا تعتقد ان رفع الدعم عن البنزين سيكون به مساس مباشر بذوي الدخل المحدود؟

- الحكومة تقول في دراستها إنه ستكون هناك شرائح في هذا الاطار، بحيث سيعيش المواطن ذو الدخل المحدود والمتوسط حياته الطبيعية، وفقا للاستهلاك المعقول من البنزين، واستهلاك عدد محدد من السيارات.

لعبة أكبر منا

• كخبير اقتصادي وعضو مخضرم في اللجنة المالية البرلمانية، كيف ترى حقيقة انخفاض أسعار النفط، وكيف تتوقع ما هو قادم؟

- قضية انخفاض أسعار النفط يوجد لها جانب كبير سياسي، من خلال الضغط على روسيا وإيران للاستفادة منها بالمناورات السياسية، ونحن في الكويت لابد أن نستفيد من هذه القضية، ولابد من أن يكون لنا دور كبير من الوضع الحالي، وصوتنا على هذا الصعيد، فالأسعار هبطت إلى النصف تقريبا، ليس كذلك فحسب، بل هناك دور داخلي مطلوب، فالفأس وقع بالرأس، والأسعار هبطت، ونحن أمام تحدّ كبير، مع وجود المناورات السياسية، واللعبة أكبر من حجمنا، ويجب أن نعرف حدودنا التي نتحرك فيها، ولابد أن نضع الأولويات بالشكل الصحيح، وأن نرشّد الإنفاق، والعمل بالبديل الاستراتيجي التي سيعالج المشكلات الحاصلة في سلّم الرواتب لبعض القطاعات، وعلى المديين المتوسط والبعيد ستوفر ملايين الدنانير، وتضع الحكومة حدا للهدر الحاصل.

• هل استطاع المجلس الحالي إسقاط المعارضة غير الرشيدة خارج المجلس؟

- أستطيع القول إنه كان هناك غلو بالمعارضة وأخطاء استراتيجية قاتلة، فعندما كانوا أغلبية بالمجلس المبطل الأول لم يحققوا أي شيء يذكر، ولم يصوغوا أي رؤية جدية لحل القضايا، وعندما أبطل المجلس نشطوا، ومع الأسف المعارضة الحالية خارج المجلس ليست وطنية، وليست كالمعارضة الرشيدة والوطنية التي كانت سائدة في الستينيات والسبعينيات، فهذه المعارضة البناءة مع الأسف انتهت، لكن نعول على بعض رجالات المعارضة الحقة خلال المرحلة المقبلة أن يكون لها دور حقيقي في تنمية الدولة، وإبراز النقد البناء، وأن تطرح البدائل وتكون صادقة في طرحها.

«حدس» و«حشد»

• هل توجد اتصالات أو تنسيق بين التحالف الإسلامي والتيارات المعارضة للصوت الواحد والمجلس الحالي كـ "حدس" و"حشد"؟

- لا يوجد أي تنسيق أو تواصل حالي مع هذه التيارات، ونحن لا نقطع العلاقة مع أحد، ولكنهم أبناء الكويت وجزء من الخريطة السياسية.

• كيف تقيّم النهج الإصلاحي لرئيس الحكومة سمو الشيخ جابر المبارك؟

- رغم عدم قبولنا بالأداء الحكومي كاملا، فإن هناك مؤشرات جيدة تبشر بالخير على صعيد النهج الإصلاحي للحكومة، خاصة في ما يتعلق بالقضية السكنية وخطة التنمية ومشاريع "الأشغال"، وهناك وزراء مجتهدون يشار اليهم بالبنان، ونحن نتطلع الى أي عمل حكومي أكبر، والسلطتان تتحملان المسؤولية مع المواطنين، وعلى الحكومة العمل بوتيرة سريعة تمهيدا للإنجاز.

وأؤكد أن هناك خطوات حكومية جادة نحو الاصلاح بقيادة جابر المبارك، رجل المرحلة الحالية، وخاصة أنه حصل على ثقة سمو الأمير، ويؤدي دوره بالشكل المطلوب، وقضية الإصلاح ليست مسؤولية فرد واحد، ورئيس الوزراء وحده، ونحن نشد على يد جابر المبارك للعمل بجدية لمكافحة الفساد وتحقيق تطلعات المواطنين، كما أن الحكومة تحتاج إلى "نفضة" كبرى لاجتثاث الفساد، وأنا إقول إنه يجب أن توجه الفوائض المالية للشعب.

فساد متراكم

• لماذا رفضتم المشاركة في الحكومة الحالية كتحالف اسلامي؟

- لم نرفض قطعيا، ولم ترشح أحدا، ولم يطلب منها نهائيا.

• ما الذي ينقص المجلس الحالي؟

- مطلوب من مجلسنا تسريع عجلة الأداء، وتكثيف اجتماعات اللجان التي تعتبر مطبخ القوانين، كما نطلب من النواب الالتزام بحضور الجلسات ولجنة الأولويات الأعداد والخبز للقوانين ذات الأهمية، فضلا عن ضرورة استمرار التعاون بين السلطتين.

• ماذا عن صراع الأسرة وتأثيره في المجلس الحالي؟

- أذكر أن صراع الأسرة بدأ بالتراجع تدريجيا، فهو موجود، ولا يمكن أن نخفيه، لكنه اقل من السابق بكثير بفضل تدخّل الحكماء.

الغانم والرئاسة الشابة

وصف لاري رئاسة المجلس الحالي المتمثلة بمرزوق الغانم بأنه واحد من الدماء الشابة، يتميز بقدرة كبيرة تؤهله ليكون بهذا المنصب، ذكي جدا وحكيم، ويملك علاقات سياسية كبرى محلية ودولية، لكونه رئيس البرلمان العربي وعضو البرلمان الدولي، ولديه نشاط سياسي ملحوظ على هذا الصعيد، وأعتقد أن قوة رئيس مجلس الأمة هي قوة لمجلس الأمة وللدولة ككل، وهذا ما نعهده من مرزوق الغانم.

فساد متراكم

قال لاري ان الفساد الحكومي لايزال في ازدياد، رغم الجهود المبذولة بين السلطتين، فالفساد متراكم، ولا يمكن أن ينتهي، والقضية يجب أن تبدأ بالفرد منذ سنوات الأساس، ومنذ المرحلة الابتدائية تحديدا، كما هو مطبق في أوروبا، حيث انها تعيّن أفضل المعلمين للمرحلة الابتدائية لوضع أساس المستقبل، ليس كذلك فحسب، بل يجب على كل فرد أن يؤدي دوره في موقعه كما يجب.

قوانين جديدة

ذكر لاري أن هناك مجموعة قوانين ملحة، تتمثل في خطة التنمية والبديل الاستراتيجي وقانون المناقصات والوكالات، وغيرها من القوانين التي تعد في اللجان البرلمانية، وعلينا الدفع باتجاه وضع الموظف المناسب في المكان المناسب، والعمل على توصيف المناصب القيادية، وكبح جماح الفساد الإداري، وأنا أقول إن الفساد لا ينتهي، وعلينا التفاؤل والعمل بجد للتقليل منه، وأن نعمل لمصلحة الكويت، بعيدا عن أي مصالح أخرى.

الشعب محبط

كشف لاري أن الشعب الكويتي محبط جدا بسبب تأخر التنمية ووعود الحكومة التي لم يتحقق، "لذلك على المجلس والحكومة العمل بجد واجتهاد لتحقيق تطلعات الشعب وحل مشكلاته".

ساعتان للمناقشة

أكد لاري انه تقدم بطلب تخصيص ساعتين في الجلسة المقبلة لمناقشة آلية الحكومة حول الغاء الدعم عن الديزل والكيروسين، وآليتها بهذا الخصوص والانعكاسات المترتبة على قرارها بهذا الشأن.

ريموت كنترول

بشأن وجود نواب في المجلس يدارون بـ "الريموت كنترول" لحظة التصويت على القوانين، قال لاري إن «النواب زملاؤنا، ولا نقبل الحديث جزافا عنهم، فكل نائب يملك خريطة وأجندة سياسية خاصة به منذ الانتخابات، وكل نائب يصوت وفق قناعاته، ويتحمل تبعات تصويته».