اتفق نخبة من الخبراء والنقاد الرياضيين اجتمعوا في ندوة أقيمت في ديوانية حمد الرومي على أن الجمعيات العمومية للأندية في الكويت ساهمت بشكل كبير في دمار الرياضة، بعد أن تخلت عن الدور المنوط لها.

Ad

أجمع رئيس نادي كاظمة السابق سليمان العدساني، والناقد الرياضي مطلق نصار، ورئيس القسم الرياضي في "الجريدة" عبدالكريم الشمالي، على ضرورة مواجهة الفساد المستشري في جسد الرياضة الكويتية، حتى لو كان الثمن هو إيقاف الرياضة في الكويت.

جاء ذلك خلال الندوة الرياضية التي أقيمت في ديوانية حمد الرومي تحت عنوان "دور الجمعيات العمومية في إصلاح الرياضة الكويتية ودمارها".

كما اعتبروا أن الاستسلام والخنوع لفزاعة الإيقاف الدولي والحرمان من المشاركة خارجيا، سيزيدان من هيمنة الفسدة على مقدرات الرياضة، مطالبين الحكومة والهيئة العامة للشباب والرياضة ومجلس الأمة بالقيام بالدور المطلوب لإيقاف العبث بالرياضة الكويتية.

واستشهد ضيوف ديوانية الرومي بظهور "شبح الإيقاف" مع كل ما من شأنه أن يقلل من هيمنة أشخاص بعينهم، مستدلين على ذلك بسير العمل الرياضي في الكويت لأكثر من 28 عاما، والمشاركة في كل البطولات الدولية والأولمبية دون أي تهديد من أي منظمة، حتى إن ظهر التعارض وشبح الإيقاف من دون مقدمات لمجرد رغبة من الكويت في الحد من ظاهرة الجمع بين المناصب.

الجمعيات لا تحاسب

في البداية، أكد رئيس نادي كاظمة السابق سليمان العدساني أن الجمعيات العمومية لا تحاسب مجالس الإدارة التي انتخبتها، ولاسيما أن أغلب المسجلين فيها هدفهم الأساسي هو تقديم العون لمن ينتمون إليه، بغضّ النظر عما يقدمه هؤلاء الأشخاص.

وقال العدساني إن عدد الجمعيات العمومية في الأندية من 1961 وحتى 2010 وصل إلى 50 ألف عضو، وخلال شهري فبراير ومارس من نفس العام تضاعف العدد إلى 100 ألف بعد دخول منافسين في الصورة.

وأضاف أن الكثير من أعضاء الجمعيات العمومية لا يعرفون حتى طريق النادي الذي ينتمون إليه إلا وقت الانتخابات والتصويت، وهو ما يجعل 70 في المئة من الأشخاص في مجالس الإدارات ثابتين في مناصبهم، الأمر الذي جعل الرياضة في هذه الأندية "مكانك راوح".

وأشار إلى أنه رغم زيادة مخصصات الأندية المادية، فإن النتائج الرياضية في تراجع مستمر، وهو ما انعكس على المنتخبات الوطنية، والسبب في ذلك يعود إلى الجمعيات العمومية.

توريث الأندية

من جانبه، قال الناقد الرياضي مطلق نصار إن الأندية في الكويت باتت حكرا على بعض العائلات التي تتوارث رئاستها والهيمنة عليها، بمعاونة الجمعيات العمومية.

واستشهد نصار بالوضع السائد في نادي القادسية في الوقت الحالي، والحقيقة الدامغة أنه (نادي القادسية) لـ "عيال الفهد" مدى الحياة.

وأضاف أن القبلية هي المهيمنة على الجمعيات العمومية للأندية، ومن ينجح في تسجيل عدد أكبر في الجمعيات العمومية هو الذي ستكون له الغلبة للوصول إلى إدارة النادي، بعيدا عن أي كفاءة يملكها هذا الشخص.

وأوضح أن الأمر تعدى شغل غير الكفاءات الاتحادات المحلية، بل امتد الأمر إلى المناصب الدولية التي بات يمثل فيها الكويت اشخاص أبعد ما يكونون على دراية بما هو في مصلحة الكويت.

واستغرب موقف أندية التكتل التي تعتمد على غير الكفاءات في الاتحادات، وذلك على الرغم من وجود من ينتمي لهم ويملك الكفاءة والخبرة، لكن الأهم من وجهة نظرهم من يملك الأصوات في الاتحادات والجمعيات العمومية.

ودلل نصار على ذلك أيضا بوجود الشيخ مشعل طلال الفهد في اتحاد السلة، ولاسيما انه لم يمارس اللعبة وليست له علاقة باللعبة من قريب أو بعيد.

وطالب الحكومة والهيئة العامة للشباب والرياضة ومجلس الأمة بالقيام بدورهم على أكمل وجه، بالتوجه إلى إقرار الصوت الواحد الذي وصفه نصار بالحل الأمثل للتخلص من الدخلاء على الرياضة الكويتية.

تدمير الرياضة

بدوره، اعتبر رئيس القسم الرياضي، الزميل عبدالكريم الشمالي، أن دور الجمعيات العمومية الحالي هو تدمير الرياضة الكويتية وليس تطويرها.

وقال الشمالي: "الكثير من أعضاء الجمعيات العمومية لا يعرفون موقع الأندية التي ينتمون إليها، ومهمتهم الوحيدة الموكلة إليهم هي التصويت وقت الانتخابات فقط".

وأضاف أن أبناء النادي في الجمعيات العمومية لا يقلون ضررا وفتكا بالرياضة الكويتية عن الدخلاء على الجمعية العمومية، ولاسيما أن العاطفة والنزعات العائلية، وصولا إلى الطائفية، تسيطر على توجههم عند صندوق الاقتراع.

ولفت إلى أن أي محاولات من الدولة والشرفاء لإصلاح حال الرياضة يقابلها على الفور التلويح باللجوء إلى الخارج.

وأكد الشمالي أن المناصب في الاتحادات الخارجية والداخلية تتم وفق ما يملكه الأعضاء في الجمعيات العمومية والاتحادات، مطالبا بالتصدي بقوة للتخلص من هذه النزعات والاستقواء بالخارج.

هروب إلى الأمام

وعن اللجوء إلى خصخصة الأندية، قال العدساني إنه يرى أن اللجوء إلى الخصخصة من دون تشريعات تضمن حماية كل الألعاب هو هروب للأمام من أزمة ستزيد تعقيدا في حال اعتماد الخصخصة.

وقال العدساني إن الأزمة الحقيقية من وجهة نظره تكمن في تخلي الدولة عن دورها الأساسي، عندما أصدرت قانون 26 لسنة 2012، وغيرت فيه 15 مادة، وحذفت 3 مواد من ضمنها ما كان يضمن للدولة حق المراقبة والمحاسبة، والتدخل إذا لزم الأمر، ليقتصر الأمر على المراقبة فقط.

وشدد على أن الدولة طالما تهتز من فزاعة الإيقاف الخارجي للرياضة، فإن الرياضة لن تتقدم ولن تتطور.

وذهب العدساني لأبعد مدى باحتمال إيقاف الرياضة الكويتية في حال التدخل الحكومي، وقال إنه أفضل من الخنوع  لمن يريدون أن يسيّروا الرياضة على ما يصب في مصالحهم ويخدم أهدافهم الشخصية لا أهداف الكويت.

وقال إنه عمل لفترة في اتحاد الكرة في اللجنة المؤقتة، ولم يرفض له الاتحاد الدولي وقتها أي طلب بحجة التدخل الحكومي، الذي هو صنيعة الداخل.

أوضاعنا سيئة

من جانبه، قال نصار إن الأوضاع الرياضية في الكويت سيئة، والطريق غير ممهد للخصخصة التي تحتاج إلى تشريعات وضوابط تضمن استمرار الشباب في ممارسة الرياضة.

وقال إن الأندية الكويتية على حالها لا تجذب أي مستثمر أو محب للرياضة للعمل على تطويرها في ظل نظام اجتماعي عقيم.

وأضاف أن الدولة تستطيع تنظيم الرياضة في الكويت بعيدا عن حسابات التدخل الحكومي.

واستغرب نصار موافقة مجلس الوزراء على استضافة "خليجي 23"، وذلك على الرغم من "البوق" في "خليجي 16".

الخصخصة مخرج... ولكن!

من جانبه، أكد الشمالي أن الخصخصة مخرج للوضع القائم، لكن بشرط ان يتم البناء على أرضية سليمة تضمن استمرار الألعاب الكثيرة التي تحتضنها الأندية في الوقت الحالي.

وأوضح أن جميع دول العالم التي اعتمدت الخصخصة أقرت بعض الألعاب وليس 16 لعبة، كما هي الحال في الكويت.

وطالب الشمالي مراكز الشباب والجامعات بتحمّل دورها لتساعد في تقديم حلول للدولة في حال أرادت العمل على الخصخصة.