الإعلام المصري... لسان السلطة في حربها على الإرهاب

نشر في 17-11-2014 | 00:01
آخر تحديث 17-11-2014 | 00:01
رقابة ذاتية وقطع للبرامج على الهواء وقوائم بأسماء الضيوف تثير مخاوف عودة «الرأي الواحد»

تحولت الصحف والقنوات التلفزيونية المصرية أخيراً إلى "لسان" يدافع عن السلطة، فارضة رقابة ذاتية قلصت من مساحة حرية الإعلام، بينما تضيق السلطات على المعارضة أثناء خوضها "حربا على الإرهاب" ضد مسلحين متشددين.

ويَخشى خبراء أن يؤدي سلوك الإعلام المصري الخاص والرسمي إلى اختفاء الأصوات المعارضة والمنتقدة للسلطة، وخصوصاً مع تأييد القنوات التلفزيونية إطاحة الجيش، بقيادة الرئيس الحالي وقائده السابق عبدالفتاح السيسي، الرئيس السابق محمد مرسي، ثم أيدت قمع أنصاره.

ومع توالي الهجمات ضد الجيش والشرطة في سيناء، ومعظمها تتبناه جماعة "أنصار بيت المقدس"، لم يعد هناك صوت في الإعلام يعلو فوق صوت "الحرب على الإرهاب"، وهو الشعار الذي ترفعه الحكومة في حربها ضد المتشددين.

ومع الوقت، أصبح الخبراء الأمنيون والعسكريون والمسؤولون التنفيذيون يحتلون مساحات كبيرة من البرامج التلفزيونية السياسية المسائية للحديث عن الشأن العام في مصر، وهي أصوات تؤيد السلطة بشكل مطلق.

واختفى ظهور النشطاء الشباب الذين عادة ما يوجهون انتقادات إلى السلطة، وسط حملات إعلامية تستهدف الشباب والإعلاميين الداعمين للثورة التي أطاحت الرئيس الأسبق حسني مبارك عام 2011، وتتهمهم بأنهم "عملاء ومأجورون".

وتقول أستاذة الإعلام في الجامعة الأميركية في القاهرة، رشا عبدالله، إن "هناك محاولة لمنع أي أصوات تغرد خارج سرب تأييد السلطة، والأمر يشمل الليبراليين قبل الإسلاميين"، مشيرة إلى أن الإعلام صار كأنه "يردد نغمة واحدة"، محذرة من أن "الاستماع لرسالة واحدة طوال الوقت يقلل فرص الوصول إلى حلول للمشكلات الحقيقية للبلاد، كما أن عدم السماح للآراء المعارضة سيعزز اللجوء إلى العنف".

وفي أعقاب اعتداء دامٍ في سيناء أوقع 30 قتيلا في صفوف الجيش نهاية أكتوبر الماضي، سارع رؤساء تحرير الصحف الحكومية والخاصة إلى إصدار بيان يتعهدون فيه بـ"دعم إجراءات الدولة ضد الإرهاب"، كما أعلنوا "رفضهم التشكيك في مؤسسات الدولة أو التطاول على الجيش أو الشرطة أو القضاء، بما ينعكس بالسلب على أداء هذه المؤسسات".

ولكن قرابة 500 صحافي احتجوا على ذلك بإصدار بيان اعتبروا فيه أن رؤساء التحرير يدعون عملياً إلى العودة لـ"عصور الاستبداد والقمع وسيادة الرأي الواحد".

اختفاء باسم ويسري

وشيئاً فشيئاً، اختفى مذيعون ومقدمو برامج تميزوا بالحس النقدي، وأبرزهم الإعلاميان باسم يوسف ويسري فودة.

وأوقفت قناة "إم بي سي" برنامج باسم يوسف الساخر "البرنامج" الذي كان يتمتع بجماهيرية واسعة قبل أيام من انتخاب السيسي رئيسا في يونيو الماضي، بعد تقديمه فقرة تضمنت انتقاداً غير مباشر للسيسي.

باسم يوسف التزم الحذر حين سئل عن أسباب وقف برنامجه، لكن حديثه يعكس قلقا واضحا لدى الإعلاميين غير الموالين للسلطة.

وقال يوسف لوكالة الأنباء الفرنسية بأسلوبه الساخر المعتاد: "الناس يقبض عليها يميناً وشمالاً (في أماكن كثيرة) وهناك اتهامات بالعمالة والتمويل الأجنبي ومنع السفر، وأنت تسألني عن أسباب وقف البرنامج؟"، في إشارة منه إلى قمع المعارضة في مصر.

أما يسري فودة، الذي كان برنامجه "آخر كلام" مفتوحا للناشطين المعارضين، فأعلن في أكتوبر الماضي انتهاء تعاقده مع قناة "أون تي في" الخاصة وتوقف برنامجه من دون أن يكشف الأسباب.

وقال معدون في قنوات خاصة إن إدارات قنوات عدة طلبت من البرامج التلفزيونية التقليل من حدة انتقاد الحكومة وإثارة ملف الحريات.

بل ان مقدمي البرامج المؤيدين للسلطة الحالية لم يسلموا كذلك من التضييق.

ونهاية الشهر الفائت، انقطع البث بشكل مفاجئ وغير معتاد عن برنامج في قناة دريم2 الخاصة أثناء عرضه مقطع فيديو ينتقد وزارتي السكان والصحة، وأشار وائل الإبراشي مقدم البرنامج إلى أن "إدارة القناة منعتنا من استكمال الحلقة بسبب إصرارنا على عرض الفيديو".

ويرى محمد فتحي، الذي يدرس الصحافة في جامعة حلوان أن "السلطة لا تمنع أحدا بشكل مباشر. ملّاك القنوات يفعلون ذلك خدمة النظام الحاكم وإرضاء للرأي العام" الذي يؤيد السيسي.

نفي حكومي

في المقابل، نفى المتحدث باسم رئاسة الجمهورية علاء يوسف "أي تدخل للدولة في ما تكتبه الصحف"، معتبرا أن "الصحف مليئة بالانتقادات الموجهة للرئيس والحكومة، ونحن نؤمن بحرية الرأي والتعبير".

غير أن معدي برامج في التلفزيون الحكومي أكدوا لوكالة الأنباء الفرنسية أن هناك "قائمة بأسماء 30 ضيفا" فقط مسموح باستضافتهم في البرامج السياسية التي تناقش الشأن المصري.

ويولي السيسي اهتماما جليا بدور الإعلام، لكنه يعتقد أن الإعلاميين لا يدعمونه بالقدر الكافي.

وكان السيسي قال في اجتماع مع كبار الصحافيين قبيل توليه الحكم: "لو (كان) عندك معلومة أو موضوع، اهمس به في أذن المسؤول بدلا من طرحه على الملأ".

(القاهرة - أ ف ب)

back to top