ترسم روايات خمسة شهود صورة لإعدامات وقعت في قرية بروانة في محافظة ديالى الاثنين الماضي، إذ يقول سكان ومسؤولون محليون إنها خلفت ما لا يقل عن 72 قتيلا عراقيا أعزل.

Ad

وقال الشهود لوكالة "رويترز" إن منفذي الإعدامات مجموعة من مقاتلي الميليشيات الشيعية المنضوية في إطار "الحشد الشعبي"، التي تقاتل الى جانب الجيش.

وشكك مسؤولون أمنيون وحكوميون عراقيون في هذه الروايات، وقال البعض إنه من الممكن أن يكون عناصر تنظيم "الدولة الإسلامية" (داعش) هم الذين نفذوا الإعدامات.

وقال المتحدث باسم رئيس الوزراء العراقي حيدر العبادي، رافد الجبوري لـ"رويترز"، إن رئيس الوزراء أمر بإجراء تحقيق عاجل في المجزرة، مضيفا أنه لا يريد استنتاج أي شيء الآن.

وجاءت التقارير عن مذبحة الاثنين بعد حملة على مدار ثلاثة أيام نجحت خلالها الفصائل الشيعية وقوات الأمن العراقية في استعادة السيطرة على أكثر من 20 قرية من أيدي "داعش" في ديالى، وطرد التنظيم من كل المحافظة التي تقع شمال شرق البلاد ولديها حدود مع إيران.

ضرب وشتم

وأبوعمر صاحب عمل حر نزح من سنسل، كان في منزله في بروانة يوم الاثنين نحو الساعة الثالثة والنصف عصراً حين وصلت عشر عربات همفي تقريباً تقل بضع عشرات من الرجال. وأشار الزي الموحد باللونين الأسود والبني إلى أن بعضهم مرتبط بفصيل شيعي، والبعض الآخر من قوات الأمن الحكومية، بينما بدا آخرون أنهم مدنيون.

وقال أبوعمر إنهم جروا سكانا تصل أعمارهم إلى 70 عاما من منازلهم وضربوهم وسبوهم بشتائم طائفية، مضيفاً أن المقاتلين أخذوا هواتف الرجال المحمولة وبطاقات الهوية الخاصة بهم، ثم كبلوا أيديهم وأوثقوا أبوعمر بحبل مع ابنه المصاب بمرض نفسي ويبلغ من العمر 12 عاما، وكرروا الشيء نفسه مع ابنيه الأكبر وإخوته الثلاثة.

قتل خلف الجدار

تم اقتياد الرجال إلى حقل على بعد بضع مئات من الأمتار، ويقول أبوعمر إن أكثر من 100 آخرين تجمعوا هناك. أجبروا على الركوع والتحديق في الأرض لنحو ساعتين، بينما كان المقاتلون يختارون أهدافهم ويقتادونهم الى مكان خلف جدار طيني.

وقال أبوعمر: "أخذوهم خلف الجدار لأقل من دقيقة ثم عيار ناري، كل ما أمكننا سماعه هو طلقات الرصاص، لم نستطع أن نرى".

أما أبومزعل وهو مزارع من سنسل نزح إلى بروانة قبل خمسة أشهر فقال إن بعض المقاتلين وضعوا عصابات رأس خضراء كتب عليها اسم الإمام الحسين،

واصطحبوه هو وابن عمه من منزلهما إلى الحقل وساروا في طابور رؤوسهم إلى أسفل ووضع كل منهم يديه على كتف من يقف أمامه في الصف.

سمع أبومزعل وهو راكع بجوار ابن عمه البالغ من العمر 35 عاما آخرين يتوسلون للمسلحين حتى لا يُعدَموا بينما جرهم المقاتلون وقتلوهم.

الجنود يبكون

وقال عبدالله الجبوري، وهو خريج جامعي فر من سنسل إلى بروانة منذ شهر، إن الجيش سمح له بالانصراف حين جاؤوا إلى منزله يوم الاثنين. وقال شهود آخرون إن الجنود وقفوا يراقبون ما حدث بلا حول ولا قوة، وإن بعضهم بكوا بينما كان رجال الفصائل يعدمون المدنيين.

وقال الجبوري إنه فر حين رأى عربات الهمفي تدخل بروانة، واختبأ في كومة من القمامة وأخذ يراقب، بينما أطلقت مجموعة من الجنود والمقاتلين قرب مدرسة النار على صف من 13 رجلا كانت أيدي بعضهم مكبلة،

ورأيتهم يتساقطون مثل قطع الدومينو، مضيفاً "سمعت دوي أعيرة نارية وصرخات حتى الساعة السابعة مساء تقريباً حين رحلت العربات، وعثرت على جاري وابنيه بين الجثث التي كانت عند المدرسة"، ثم خرجت النساء والأطفال لتغطية جثث الرجال، وقضى البعض الليل في الشوارع ينتحبون على القتلى.

ورأى جثثا تحمل آثار الطلقات في الحقل وفي خمسة شوارع مختلفة بالقرية.

عاد أبوعمر إلى منزله بعد انسحاب المقاتلين لينضم إلى ابنيه، ثم عثر على ستة أشقاء من سنسل أيضاً مقتولين، وكان أحدهم في منزله بينما كان الآخرون خلف الجدار الطيني في الحقل.

وقال عضو مجلس محافظة ديالى حقي الجبوري، إن 72 رجلا على الأقل قتلوا في بروانة يوم الاثنين. وأضاف أن 35 آخرين مفقودون ويشتبه أن رجال الفصائل يحتجزونهم.

نالوا ما يستحقونه

ودعا ساجد العنبكي، وهو عضو شيعي في مجلس المحافظة الى عدم القفز الى استنتاجات قبل تحقيق الحكومة. وقال إنه اذا تبين أن من أعدموا "إرهابيون" فلن تكون هناك أي مشكلة، لأنهم في هذه الحالة نالوا ما يستحقونه. وأضاف أنه اذا اتضح أنهم مدنيون فيجب تحقيق العدالة.

(بغداد - رويترز)