إقدام مجاميع شبابية على طرق أبواب أعمال جديدة يوصل إشارات برفض الوظيفة الحكومية، وتطلع إلى التفكير الخلاق بعيداً عن بيروقراطية تحكمها قيادات جامدة، وقد يكون هذا السلوك نوعاً من رفض الواقع السياسي والاجتماعي السائد، لكنه رفض ناعم وبلا صخب.

Ad

أول العمود:

الشغف تجاه معرض الكتاب قلّ، ربما بسبب موضة "المعلومة السريعة"، وتوافر المعلومة إلكترونياً، وعليه فإن مسألة الرقابة صارت شيئاً قديماً.

ظواهر عديدة ظهرت خلال السنوات القليلة الماضية بين شباب الكويت من الجنسين تستحق الدرس والمتابعة لغرضين: معرفة أسبابها، وما إذا كانت تسير على وعي؟

شغف القراءة والكتابة، إقامة المعارض الاستهلاكية، الدخول في عالم الموضة، التركيز على جوانب الإصلاح الأسري من خلال الدورات الكثيرة التي يعلن عنها من شبان وشابات، التصوير الفوتوغرافي، وغيرها من المهن التي انعتقت من قوانين الخدمة المدنية الراعي الأكبر للتوظيف في الكويت، وبنسبة تقترب من الـ 85% للكويتيين.

يبدو لي أن هذا التطور في النظرة إلى العمل يوصل إشارات برفض الوظيفة الحكومية من مجاميع شبابية مرشحة للتنامي، وإلى تطلع إلى التفكير الخلاق بعيداً عن بيروقراطية تحكمها قيادات جامدة، وقد يكون سلوك الشباب في التفكير والنظرة إلى الحياة اختلف كثيراً عن جيل الثمانينيات، وقد يكون هذا السلوك نوعاً من الرفض للواقع السياسي والاجتماعي السائد، لكنه رفض ناعم وبلا صخب.

شباب الكويت يتغيرون؟ نعم هذا واقع مشاهد، لكن ظروف ومسببات هذا التغيير بحاجة إلى درس وتمحيص لاكتشاف الميول الجديدة ونمط الحياة التي يريدون، ومن المتوقع أن يكون أحد أهم المسببات في التغيير الحاصل تلك النوافذ العديدة التي أصبحت متاحة لهم (الدراسة في الخارج – التواصل مع العالم الخارجي إلكترونياً – الموجة الاستهلاكية وتأثيراتها على مجتمع ريعي).

بالطبع ليس كل تغيير حاصل اليوم بين الشباب إيجابياً أو خالياً من العيوب، فبجانب المظاهر الإيجابية هناك العنف الجسدي واللفظي المنتشر في البلد، وعدم فهم لكثير من المسائل السلوكية والتعامل مع المناسبات الاجتماعية (اللبس، المكياج، السلوك المطلوب)، وسوء استخدام شبكات التواصل الاجتماعي الذي كشف ضبابية تجاه حدود الحرية.

الحاصل أن هناك تغييرات تجري للشباب من حولنا، ويبدو أيضاً أن من يتحكمون في القرارات المصيرية الإدارية والمالية في الجهاز الإداري للدولة غير مهتمين إن لم يكونوا غير واعين لما يجري.

أختم بالقول: إن هذا التغيير الذي يجريه الشباب في المجتمع تجاوز بدرجات ما تقوم به جمعيات النفع العام، ففي نظري أن الشباب سلبوا مصطلح "المجتمع المدني"، من الجمعيات الأهلية.